مقارنة نتنياهو السلاح النووي الإيراني بالمحرقة النازية تجعل الحرب على إيران قريبة جداً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       اقترب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الخطاب الذي ألقاه أمام مؤتمر إيباك من نقطة اللاعودة على طريق الحرب ضد إيران. فهو قارن إيران بألمانيا النازية، والمنشآت النووية الإيرانية بمعسكرات الإبادة، وزيارته الحالية للبيت الأبيض بالطلب الذي وجهه يهود أميركا إلى الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت لقصف معسكر أوشفيتس [أحد معسكرات الإبادة النازية]. وقال نتنياهو أمام الجمهور المؤيد له في إيباك، إن الذرائع التي أدت إلى رفض طلب اليهود آنذاك مشابهة للذرائع التي يستخدمها المعارضون لمهاجمة إيران.

·       لقد دأب نتنياهو منذ الفترة التي كان فيها زعيماً للمعارضة على مقارنة الخطر الإيراني بالمحرقة، مدعياً أن الغرب لا يبذل الجهد المطلوب لإزالة هذا الخطر. لكن منذ عودته إلى الحكم قبل ثلاثة أعوام امتنع من الإدلاء بمثل هذه التصريحات، مفضلاً استخدام لغة أكثر غموضاً، وطلب من وزرائه ألاّ يكثروا من الكلام في هذا الشأن. إلاّ إن هذا الغموض تبدد بالأمس، ففي خطابه في مؤتمر إيباك، الذي جاء بعد ساعات قليلة على اجتماعه بالرئيس الأميركي باراك أوياما في البيت البيض، بدت لهجة نتنياهو أكثر حدة، سواء في حديثه عن نفاذ الوقت أو في تعبيره عن خيبة أمله من الدبلوماسية والعقوبات اللتين تمارسهما الولايات المتحدة.

·       إن الهدف الوحيد للكلام عن المحرقة هو ضروة خوض إسرائيل الحرب ضد الإيرانيين. إذ لا يمكن مقارنة خطر سقوط الصواريخ على تل أبيب وارتفاع أسعار النفط والأضرار التي قد تلحق بالاقتصاد بالجرائم الجماعية. وإذا كان هذا صحيحاً، فإنه يعني أن نتنياهو لا يؤمن بخيار الانتظار بهدوء حتى يقوم العالم بـ "تحييد" إيران، أو بإيجاد توازن رعب معها. وفي حال لم يتحرك نتنياهو، واستطاعت إيران الحصول على القنبلة، فإن التاريخ سيذكره بصفته شخصية ضعيفة وغير رصينة.

·       لقد ورط نتنياهو نفسه، وهو في طريقه إلى واشنطن، عندما وجه إنذاراً علنياً إلى الإيرانيين وطالبهم بتفكيك منشآت تخصيب اليورانيوم الموجودة تحت الأرض بالقرب من مدينة قم، وبالتوقف عن تخصيب اليورانيوم، وبإخراج كميات اليوارنيوم المخصب على درجة متوسطة من أراضيهم. وكان واضحاً بالنسبة إليه أن الحكومة الإيرانية لن تستجيب لشروطه، التي تبدو كأنها ذريعة لشن حرب أكثر منها مطالب دبلوماسية معقولة. بيد أن خطاب المحرقة أمام إيباك قد ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير.

·       لقد طلب أوباما من نتنياهو عدم الاشتباك مع إيران كي يبقى سعر صفيحة البنزين رخيصاً في محطات الوقود في أميركا، وهو أمر مهم من أجل النهوض بالاقتصاد الأميركي وبالنسبة إلى حملته الانتخابية. إن المنطق الذي يستخدمه الرئيس الأميركي هو منطق مفهوم، لكن المشكلة تكمن في أن أوباما يعيش في عالم مختلف عن عالم رئيس الحكومة الإسرائيلية، إذ تبدو المشكلة الإيرانية من البيت الأبيض مشكلة استراتيجية لا محرقة، لذا فالوقت لا يضغط على الأميركيين، وهم يرون أن ثمة حظوظ لنجاح المساعي الدبلوماسية والعقوبات. لكن نتنياهو تحركه دوافع أخرى.

يمكننا أن نجد في خطاب نتنياهو أبواباً كثيرة تسمح له بالتهرب من اتخاذ قرار فوري بشن الحرب، فهو قال بنفسه إن قرار الحرب لم يتخذ بعد. وهناك من يعتقد أن نتنياهو هو شخص جبان ومتردد ولن يتخذ أبداً قراراً بحرب مبادأة. قد تكون جميع هذه التحليلات صحيحة، لكن نتنياهو قطع على نفسه عهداً سيجعل من الصعب عليه أن يتراجع عن الحرب ضد إيران.