إسرائيل تستعد لتدخل عسكري أميركي في سورية رداً على استخدام السلاح الكيميائي بالقرب من دمشق
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- في حال لم يطرأ تحول في اللحظة الأخيرة، قد يكون صيف 2013 هو الصيف الهادئ السابع الذي ينتهي من دون أن تتورط إسرائيل في حرب. وهذه أخبار جيدة لكنها لا تعبر عن المغزى العام للصورة الاستراتيجية، ولا سيما لدى استعراض شريط الأحداث الأمنية في الأشهر الأخيرة.
- فاستناداً إلى تقارير نشرتها وسائل إعلام أجنبية، قامت إسرائيل بهجوم جوي (هو الرابع من نوعه) استهدف مخازن للسلاح في سورية [الهجوم الذي وقع في مطلع تموز/يوليو بالقرب من مدينة اللاذقية]، كما شنت للمرة الأولى منذ اتفاق السلام مع مصر هجوماً داخل الأراضي المصرية (لمنع اطلاق صواريخ على النقب). وفي لبنان للمرة الأولى منذ حرب تموز 2006، دمرت قيادة تنظيم فلسطيني. من جهة أخرى، أطلقت صواريخ كاتيوشا من لبنان على الجليل الغربي، ومن سيناء على إيلات.
- وعلى الرغم من أن هذه الأحداث استأثرت باهتمام الصحف، إلا أنها لم تترك أثراَ في الرأي العام. ففي نظر الجمهور كانت هذه السنة من أهدأ السنوات، واستمراراً لفترة طويلة من الهدوء.
- لكن إسرائيل لا تستطيع أن تتجاهل طويلاً ما يجري في الشرق الأوسط المشتعل من حولها، فإطلاق الصواريخ على الجليل الغربي من لبنان جاء نتيجة جانبية لتصاعد التوتر المذهبي في لبنان، وهذا بحد ذاته من نتائج الحرب الأهلية الدموية في سورية. ففي الأسبوع الذي أطلقت فيه الكاتيوشا على إسرائيل، قتل عشرات الشيعة في تفجير نفذه سُنة في ضاحية بيروت، كما قتل عشرات السنة في هجوم مضاد في طرابلس.
- منذ بدء الربيع العربي في المنطقة قبل عامين ونصف العام، نجحت إسرائيل طوال هذه الفترة في المحافظة على نسبة منخفضة من التدخل الفعال في ما يجري. وأبرز دليل على ذلك سورية حيث نسبة سفك الدماء هي الأعلى. فقد قامت إسرائيل بإجراء الاستعدادات الملائمة لمواجهة التطورات من خلال تعزيز السياج الحدودي في الجولان، وزيادة جمع المعلومات الاستخباراتية، والعمل لمنع تهريب السلاح من سورية إلى حزب الله. لكنها لم تتخذ موقفاً من الصراع السوري لأنها تعتبر أن المعسكرين المتخاصمين سيئين جداً.
- صحيح أن نظام الأسد المجرم جزء من الحلف الإيراني في المنطقة، لكن سقوطه سيؤدي إلى صعود قوة التنظيمات السُنية المتطرفة. ومن دون أن تعلن ذلك صراحة فإن القدس كانت مسرورة لاستمرار تقاتل الطرفين، ناهيك بأن الوضع الجديد الناشئ في سورية كان ينطوي على أمر إيجابي من وجهة نظرها هو تأكل الخطر التقليدي الذي يشكله الجيش السوري بسبب تدهور قوته.
- بيد أن المشكلة التي تبرز اليوم في ظل استخدام السلاح الكيميائي في دمشق الأسبوع الماضي، هي أنه لا وجود لشيء اسمه "عدم استقرار مستقر". فالفوضى في سورية تؤدي إلى تطورات دراماتيكية، والتطور الأخير يهدد بجرّ الولايات المتحدة إلى حرب حاولت إدارة أوباما تجنبها بكل قوتها.
- في الأيام الأخيرة حذرت روسيا وإيران وسورية الولايات المتحدة من القيام بعملية عقابية ضد نظام الأسد بسبب المجزرة الكيميائية في دمشق. وفي الواقع إذا قامت واشنطن بهذه الخطوة فسيكون لها انعكاساتها على إسرائيل، على الرغم من تقدير القدس بأن الأسد سيفضل الامتناع عن الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل.
- إن الانطباع لدى المصادر الإسرائيلية التي كانت خلال الأيام الماضية على اتصال بالإدارة الأميركية في واشنطن، هو أن الأميركيين مستعدون، وأن هناك احتمالات كبيرة لقيامهم بعملية عسكرية محدودة في سورية، لكن يبدو أن الرئيس باراك أوباما لم يتخذ قراراً نهائياً بشأنها بعد.
- إن السيناريو الأكثر احتمالاً هو هجوم بصواريخ بحرية مدعوم بطائرات حربية ضد عدد من الأهداف العسكرية ليست كلها بالضرورة على علاقة بمنظومة السلاح الكيميائي التابعة للنظام. ومن بين الأهداف التي سيستهدفها الأميركيون مقرات قيادة الجيش السوري، المنظومات المضادة للطائرات، ومنصات إطلاق صواريخ أرض - أرض.
- ولم تعد إسرائيل على الحياد، فقد رفع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حدة خطابه العلني حيال نظام الأسد عندما قال إن النظام السوري يرتكب جرائم في حق شعبه، مضيفاً "إن هذا أمر مرعب وهذه الفظاعات يجب ان تتوقف". وقال وزير الدفاع موشيه يعلون كلاماً مشابهاً يتطابق مع التصريحات في أوروبا.
- لكن إلى جانب رد الفعل العنيف الذي أثارته صور المجزرة الأخيرة، هناك اعتبارات أخرى هي إدراك الحاجة إلى عمل عسكري غربي يردع الأسد لخرقه تابو استخدام السلاح الكيميائي، ولا أقل من ذلكالتخوف من صموده على الرغم من الجرائم التي يرتكبها والحرب ضده، الأمر الذي سيبدو انتصاراً للحلف الراديكالي بزعامة إيران.
- لكن في الوقت الذي تشجع فيه إسرائيل الولايات المتحدة، يتعين عليها الاستعداد لسيناريوات قد تبدو اليوم ضئيلة نسبياً مثل الانجرار إلى المواجهة الدائرة في سورية. ومما لا شك فيه أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية ليست مستعدة لذلك، فأكثر من 40% من الإسرائيليين لا يملكون أقنعة واقية. ولوحظ بالأمس ارتفاع الطلب على هذه الأقنعة بمعدل أربع مرات مما يدل على أن الجمهور الإسرائيلي بدأ يخرج من لامبالاته.