أثارت التصريحات التي أدلى بها عوزي أراد، الرئيس السابق لـ "هيئة الأمن القومي" [في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية]، في المقابلة الخاصة التي أجرتها معه صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوم الجمعة الفائت، ردات فعل في الحلبة السياسية والحزبية في إسرائيل، كما أثارت الدهشة في صفوف حزب الليكود.
وقد أكد أراد في سياق هذه المقابلة أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مقتنع بأن مراقب الدولة الإسرائيلية الحالي [القاضي ميخا لندنشتراوس] يحيك مؤامرة للقضاء عليه سياسياً، ولذا أوحى لمستشاريه ومساعديه بالكذب وتضليل مندوبي ديوان المراقب لدى قيامهم بالتحقيق في موضوع تسريب معلومات أمنية سرية إلى وسائل الإعلام، وبسبب هذا الكذب اتهم أراد بتسريب تلك المعلومات، واضطر إلى الاستقالة من منصبه، على الرغم من أنه لا علاقة له بذلك جملة وتفصيلاً.
كما شن أراد هجوماً حاداً على عدد من المسؤولين في ديوان رئيس الحكومة متهماً إياهم بالتآمر على كل من لا يتماشى معهم، وأشار إلى أن زوجة رئيس الحكومة سارة نتنياهو، التي تتدخل في كل صغيرة وكبيرة تحدث في الديوان، اتهمته بأنه "واش" بسبب تعاونه مع ديوان مراقب الدولة.
وأضاف أن هناك صراع قوى حامي الوطيس داخل ديوان رئيس الحكومة، وأن السكرتير العسكري لنتنياهو الجنرال يوحنان لوكير هو أساساً من تآمر ضده، وتسبب باتهامه بتسريب معلومات أمنية سرية إلى وسائل إعلام، وذلك جراء وجود خلافات في الرأي بينهما بشأن عدة موضوعات أمنية.
كما هاجم وزير الدفاع إيهود باراك الذي عارض "قانون هيئة الأمن القومي" الذي ينص على وجوب حضور رئيس هذه الهيئة جميع المداولات واللقاءات الأمنية، وسعى لمنع أراد من تطبيق هذا القانون، وأكد أن الشراكة بين باراك ونتنياهو مطلقة تماماً.
وكشف أراد النقاب عن أن محققي جهاز الأمن العام [شاباك] أوقفوه ذات مرة لدى نزوله من سلم الطائرة وهو عائد من مهمة في خارج البلد واصطحبوه إلى تحقيق استمر ساعات طويلة من دون أن يعلم أحد بمكانه، الأمر الذي أثار قلق عائلته بشأن أسباب اختفائه. وقال إن سبب تصرف جهاز شاباك هذا يعود إلى رغبة رئيس الجهاز السابق يوفال ديسكين في الانتقام منه، لكونه يشتبه في أن أراد أحبط تعيينه رئيساً لجهاز الموساد بعد انتهاء ولايته في رئاسة شاباك.
ورداً على هذه الاتهامات قالت زعيمة المعارضة عضو الكنيست تسيبي ليفني [رئيسة كاديما] إن ما قاله أراد بشأن صراع القوى القائم في ديوان رئيس الحكومة يشكل دليلاً على أن ثقافة الكذب والخداع تسيطر على هذا الديوان، وهذا الأمر يجب أن يقض مضاجع جميع السكان في الدولة.
وأضافت ليفني أن رئيس الحكومة يتعامل مع كل من يتعاون مع المستشار القانوني للحكومة، أو مع مراقب الدولة، على أنه عدو له شخصياً، وهذا التعامل يشكل خطراً كبيراً على الدولة وعلى سيادة القانون [تشير ليفني هنا إلى تصريحات أراد بشأن التعامل مع مراقب الدولة، وإلى ردة فعل نتنياهو على تقديم ثلاثة من كبار الموظفين في ديوانه مؤخراً شكوى إلى المستشار القانوني للحكومة حول قيام المدير العام للديوان نتان إيشل بالتحرش بإحدى الموظفات، وبعد اضطرار الأخير إلى الاستقالة كال نتنياهو المديح له، وفي الوقت نفسه شن هجوماً حاداً على الموظفين الذين قدموا الشكوى].
وقال عضو الكنيست يوحنان بلاسنر [كاديما] إن تصريحات أراد، الذي كان حتى وقت قريب أحد أقرب مستشاري نتنياهو، تثير القلق الشديد لأنها تدل على وجود تقصيرات أخلاقية وإدارية في عملية اتخاذ القرارات في ديوان رئيس الحكومة الذي يُفترض أن يتخذ أكثر القرارات الحساسة المتعلقة بمصير الدولة ومواطنيها، وبالتالي فإنها تثير شكوكاً بشأن قدرة رئيس الحكومة على اتخاذ قرارات مصيرية في ظل بيئة عمل كهذه.
وقال عضو الكنيست شاؤول موفاز، رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، إنه ينوي عقد اجتماع خاص لهذه اللجنة لمناقشة تصريحات أراد ودعوة رئيس الحكومة إلى حضوره. وأضاف أنه في حال ثبوت صحة ما قاله أراد فإن الاستنتاج المطلوب هو أن ديوان رئيس الحكومة عمل على تعطيل عمل "هيئة الأمن القومي"، وهذا الأمر ينطوي على مخالفة خطرة تهدد الأمن القومي الإسرائيلي.
ورد ديوان رئيس الحكومة على تصريحات أراد قائلاً إنها صدرت عنه جراء غضبه على الديوان في إثر اضطراره إلى الاستقالة من منصبه.
وقال نتنياهو نفسه الذي يقوم بزيارة للولايات المتحدة إن أراد نطق بهذه الأقوال في لحظة غضب، ولا يمكن لومه عليها.
وقال المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنياع، الذي أجرى مع المراسل السياسي للصحيفة شمعون شيفر المقابلة مع أراد، إنه في أثناء تحريرها ظل يشغلهما سؤال واحد هو: هل يعتبر نتنياهو، وفقاً لما وصفه مستشاره الأقرب إليه منذ 15 عاماً، هو الشخص الذي يمكن أن يودع الإسرائيليون لديه موضوع اتخاذ قرار بشأن شن هجوم عسكري على إيران أو عدم شن هجوم كهذا؟، مؤكداً أن جميع الأسئلة الأخرى تتقزّم إزاء هذا السؤال المصيري.
وأضاف برنياع أنه في إثر نشر المقابلة مع أراد بدأ ديوان رئيس الحكومة حملة شعواء تهدف إلى نزع الشرعية عن هذا الأخير وإلى تلطيخ تاريخه، وذلك على الرغم من أن نتنياهو عينه ثلاث مرات على مدار الأعوام الـ 15 الفائتة في مناصب مقربة منه، وهي على التوالي مستشار سياسي لرئيس الحكومة [في إبان فترة ولاية نتنياهو الأولى في رئاسة الحكومة خلال السنوات 1996- 1999]، ومستشار سياسي لزعيم المعارضة عندما كان نتنياهو زعيمها، ورئيس "هيئة الأمن القومي" [في بداية ولاية نتنياهو الثانية في رئاسة الحكومة]، وكال له المديح مرات كثيرة، وبناء على ذلك لا يمكنه أن يلحس كلماته.