· خلال الشهر الماضي قررت الجامعة العربية في المؤتمر الذي عقدته في الدوحة في قطر منح المعارضة السورية مقعد سورية في الجامعة. وقد أثارت هذه الخطوة مخاوف السلطة الفلسطينية الضعيفة من تطبيق "السيناريو" السوري عليها، ومن أن تقوم الجامعة العربية بالاعتراف بحركة "حماس" ممثلاً للشعب الفلسطيني. ويقول قادة السلطة الفلسطينية علناً اليوم إن حركة "حماس" تسعى للقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية والحلول محلها.
· وكان عدد من زعماء الدول العربية، ضمن إطار الربيع العربي، قد قام بزيارات دعم لـ "حماس" في غزة، متجاهلين السلطة الفلسطينية. وفي الواقع، فإن قرار الجامعة العربية تحويل مبلغ مليار دولار إلى "صندوق القدس" الذي يقدم المساعدة إلى عرب القدس الشرقية، والدفعة الأولى التي دفعتها قطر وقدرها ربع مليون دولار، هما دليل على التوجه المدعوم من قطر نحو القضاء على السلطة الفلسطينية. فقد خُصصت هذه الأموال لتمويل أذرع "حماس" في القدس والضفة، ولمنح الحركة ركيزة دينية في القدس ومساعدتها على السيطرة الكاملة على المناطق [المحتلة]. وتجدر الإشارة إلى أن لقاءات المصالحة التي تُعقد بين الحين والآخر بين "حماس" والسلطة الفلسطينية في مصر، معقل الإخوان المسلمين، وبمشاركة وزراء عرب، تبدو في نظر السلطة الفلسطينية وكأنها "لعبة مغشوشة" معروفة النتائج سلفاً، الهدف منها التضحية بها.
· في ضوء ما سبق، فإن الحملة المرتقبة لوزراء الجامعة العربية في واشنطن، والتي تهدف إلى تحريك مبادرة السلام العربية - السعودية العائدة إلى سنة 2000، ستعبّرعن قدرة هؤلاء الوزراء على الطعن في الظهر، واستخدام لغة مزدوجة. لكن ما يجب الانتباه إليه هو أن تدمير منظمة التحرير، وتعزيز البنية التحتية التابعة لـ "حماس" في غزة والقدس والضفة الغربية، من شأنهما القضاء على حظوظ التسوية السلمية في المنطقة، وتهديد إسرائيل والأردن على حد سواء.
· وتجدر الإشارة إلى أنه في ظل فشل السلطة الفلسطينية في السيطرة على المسجد الأقصى، فإن الأردن، وضمن إطار اتفاقيات السلام، يواصل الإشراف الإداري على المسجد، وقد أجرى تعيينات، ودفع مبالغ كبيرة لأعمال الصيانة والترميم والرواتب. وأدى ذلك إلى منح العائلة الهاشمية الأفضلية في أي اتفاق مستقبلي للإشراف على الأماكن الإسلامية المقدسة.
· إن إبعاد السلطة الفلسطينية عن مواقع السيطرة يقضي على مطالبتها بأن تكون الممثل الوحيد للفلسطينيين، ويضع على الرفّ تطلّعها إلى جعل القدس الشرقية عاصمة لها. ونظراً إلى أن أبو مازن غير قادر على منافسة الأموال الضخمة التي تحوّلها "حماس" إلى القدس والضفة الغربية بهدف تعزيز نفوذها، فإنه اتجه نحو الشرق [أي نحو الأردن، والمقصود توقيع أبو مازن في 30/3/2013 اتفاقاً مع الأردن يؤكد وصاية الأردن على الأماكن المقدسة في القدس الشرقية].
· إن لقب الملك عبد الله "حامي الأماكن المقدسة الإسلامية" هو أمر مهم جداً لبقاء الملك عبد الله الذي يتباهي بأنه ينتمي إلى عائلة هاشم التي يتحدر منها الرسول محمد.
· إن الاتفاق الذي وُقّع في نهاية آذار / مارس الماضي بين عبد الله وأبو مازن بهدف الدفاع عن المسجد الأقصى في وجه اليهود، يؤكد بصورة نهائية، وبموافقة فلسطينية، الدورَ التاريخي للعائلة الهاشمية. كما أنه يسحب البساط من تحت الجامعة العربية، ويسلب الإخوان المسلمين العامل الذي يساعدهم على بسط سيطرتهم الدينية على القدس، ويوحّد عباس وعبد الله ضدهم.
· بعد زيارة الرئيس أوباما للمنطقة برزت من جديد معادلة العودة إلى حدود 1967، أي أن تعود غزة إلى مصر، والضفة الغربية إلى الأردن. وقد تُركت المطالبة الفلسطينية بالقدس عاصمة لفلسطين في يد الملك عبد الله. وهذه الخطوة ستعطي الفلسطينيين مجالاً لتحقيق سيادتهم، بما في ذلك القدس، والنابعة من حقهم في تقرير مصيرهم. ويبدو أن الملك عبد الله يراهن على الفلسطينيين، ومن المحتمل أن يكون، وبالتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل، بصدد التحضير للكونفدرالية الفلسطينية - الأردنية كضربة استباقية لمواجهة خطر الإسلام الراديكالي.