· يمكن اعتبار المذكرة التي وجهها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبل عدة أيام إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وإلى دول الرباعية الدولية التي تضم كلاً من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بمثابة "الفرصة الأخيرة" لاستئناف عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وقد أوضح عباس في هذه المذكرة أساساً أنه يُتوقع من السلطة الفلسطينية أن تتصرف كما لو أنها دولة، لكنها لم تحظ بمكانة دولة حتى الآن. في الوقت نفسه عرضت المذكرة العقبات الإسرائيلية التي تقف حجر عثرة أمام إمكان استئناف المفاوضات، والتي تسببت بفشل المحادثات التي جرت بين الجانبين في الأردن في كانون الثاني/ يناير الفائت برعاية العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
· وشددت المذكرة في الختام على أنه إذا لم تتعهد إسرائيل خلال آذار/ مارس الحالي باتخاذ خطوات عملية [تتيح إمكان استئناف المفاوضات] فإن جميع الخيارات ستكون مفتوحـة.
· يعتقد عدة مسؤولين في إسرائيل أن هذه المذكرة تعتبر إنذاراً، بينما يعتقد مسؤولون آخرون أنها تعكس حالة اليأس الفظيعة التي يعاني منها رئيس السلطة الفلسطينية، وذلك لأسباب كثيرة في مقدمها أن اتفاق المصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" ما زال عالقاً، وأن المفاوضات مع إسرائيل مجمدة، وأن تنفيذ التهديدات الفلسطينية باستئناف المبادرات الأحادية الجانب في الأمم المتحدة من شأنه أن يلحق أضراراً اقتصادية فادحة بالسلطة الفلسطينية على الرغم من أن هذه التهديدات تقلق إسرائيل كثيراً. وفضلاً عن ذلك كله فإن إسرائيل تمتنع من تقديم أي مبادرات حسن نية إلى السلطة الفلسطينية، مثل نقل مزيد من الأراضي في منطقة ج إلى نفوذ السلطة، أو إطلاق سراح أسرى من السجون الإسرائيلية.
· ومعروف أن عدة مسؤولين في قيادة السلطة الفلسطينية يطالبون بحلّ هذه السلطة، ويبدو أن مثل هذا السيناريو يعتبر أخطر كابوس يقض مضاجع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ناهيك عن أن بحثاً أُعدّ في الآونة الأخيرة في إسرائيل أشار إلى أنه في حال إعادة المسؤولية عن المناطق [المحتلة] إلى إسرائيل فإن ذلك سيكلفها 12 مليار شيكل سنوياً، فضلاً عمّا ينطوي عليه هذا الأمر من تداعيات سياسية بعيدة المدى. وثمة أصوات أخرى في قيادة السلطة الفلسطينية تطالب بتقليص التعاون بين أجهزة الأمن الإسرائيلية والفلسطينية.
برأيي تعتبر مذكرة عباس هذه تعبيراً عن حالة يأس لزعيم يمكن أن يقرر ترك منصبه في أي لحظة. وفي حال حدوث ذلك لن يمر وقت طويل حتى نشتاق إلى فترة رئاسة هذا الرجل للسلطة الفلسطينية.