· لم تفاجئ المواجهات بين متطرفي يتسهار والقوى الأمنية أحداً، فقد شهدت الفترة الأخيرة حوادث عنف من جانب مستوطنين متطرفين بصورة أسبوعية، وأحياناً أكثر من مرة في الأسبوع. وغالباً ما لا تصل أخبار هذه المواجهات إلى الإعلام باستثناء الحوادث التي تقع فيها خسائر بشرية وسط الفلسطينيين، أو الاعتداء على الأماكن المقدسة للمسلمين، أو الهجوم على جنود وضباط في الجيش الإسرائيلي.
· وعلى الرغم من هذا كله، يبدو أن هذا الأسبوع شهد شيئاً مختلفاً، فالذي أثار حفيظة ضباط الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة هو أن جنود الاحتياط الذين غادروا منازلهم وأعمالهم وعائلاتهم من أجل الدفاع عن سكان يتسهار، وجدوا أنفسهم في عين العاصفة حين قام مستوطنون متطرفون بثقب إطارات المركبات العسكرية التي كانوا يستقلونها، وخربوا محتويات الموقع الذي كانوا فيه من أجل الدفاع عن المستوطنة.
· بيد أن الاعتداء على الاحتياطيين هو مظهر لمشكلة لا يزال حلها بعيداً، فهناك نوع من لعبة تبادل ضربات مثل لعبة البينغ بونع، حيث يقوم المستوطنون بمهاجمة الجنود والقوات الأمنية، فترد القيادة العسكرية بتوجيه ضربة إلى نقطة حسّاسة لدى المستوطنين من خلال هدم منازل، فيرد المستوطنون بأعمال شغب وتخريب ممتلكات للقوى الأمنية، وهلمّ جراً.
· هذه المرة بدأت موجة الحوادث قبل بضعة أسابيع عندما جرى ثقب إطارات قائد لواء شومرون العقيد يوآف مروم. كما ألقى مستوطنون متطرفون حجارة على مركبة ضابط برتبة مقدم في الإدارة المدنية.
· رداً على ذلك، قرر وزير الدفاع موشيه (بوغي) يعلون الأسبوع الماضي هدم منازل في يتسهار، فجاء رد المستوطنين هذا الأسبوع من خلال ثقب الإطارات الخلفية لمركبة مروم، وإفراغ الهواء من إطارات مركبات الجنود الاحتياطيين.
· شكل الاعتداء على مركبات جنود الاحتياط القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للقيادة العسكرية ولا سيما في ظل اعتقاد الجيش منذ فترة طويلة، أن لدى مستوطني يتسهار شيئاً شخصياً ضد العقيد مروم، وأنهم يحاولون المس به شخصياً. وقرر يعلون عدم السكوت عن الأمر، ووافق على هدم أربعة مبان في يتسهار ومصادرة مبنى خامس، وهي جميعاً مبان غير قانونية وكان من المقرر هدمها. وخلال عمليات الهدم التي قام بها حرس الحدود، وقع الهجوم الأقسى على الموقع الذي كان فيه جنود الاحتياط.
· من الممكن لوم جنود الاحتياط لأنهم لم يتدخلوا وسمحوا لمثيري الشغب اليهود بتخريب موقعهم. لكن حتى قبل الانتهاء من التحقيق في الموضوع، يشيرون في الجيش إلى أن التحقيق الأولي يُظهر أن تصرف جنود الاحتياط كان "معقولاً"، وأن الجنود الثمانية الذين كانوا في المكان قرروا عدم الاشتباك مع عشرات المستوطنين.
· فإذا كان هذا صحيحاً، فإنه يعني وجود مشكلة تنظيمية تتجاوز الأفراد، وتكشف عجز السلطات عن معالجة العناصر المتطرفة، فالجيش الإسرائيلي هو السيد في هذا المكان، ويمكننا بحسب الظاهر مطالبته بأن يفرض النظام في المنطقة. لكن الحياة، حسبما يقولون في الجيش، لا يمكن تحديدها بتعريفات قانونية، والمشكلات الناتجة عن أعمال المستوطنين يجب معالجتها من خلال المحاكم والشرطة والشاباك وغيرها. وفي رأي مصدر رفيع في الجيش الإسرائيلي، فإنه من غير المستبعد أن يؤدي حادث محدود وهجوم يقوم به مستوطنون ضد الفلسطينيين إلى تصعيد.
· حتى الآن، من المفترض أن يأتي حل مشكلة التطرف وسط المستوطنين من خلال إدانة شديدة من جانب زعماء المستوطنات والحاخامين لما يعتبره وزير الدفاع "إرهاباً". لكن حتى الآن، لم تكن هذه الإدانات كافية.