· لا شك في أن ما كشف عنه تقرير معهد الأبحاث الأميركي أمس (الخميس) بشأن المشروع النووي السوري يساعد في إلزام سورية بالموافقة على إجراء مراقبة في أي منشاة مشبوهة في أراضيها. كما أنه يتيح للوكالة الدولية للطاقة الذرية إمكان التوجه إلى مجلس الأمن الدولي ومطالبته بفرض عقوبات على سورية وإدراجها في عداد الدول المعزولة مثل إيران وكوريا الشمالية.
· لكن على الرغم من ذلك كله، فإن من المتوقع أن تظل هذه الوكالة الدولية مترددة في الإقدام على خطوة كهذه بسبب الصراعات الداخلية فيها. فمن المعروف أن بضع دول غربية، في مقدمها الولايات المتحدة وفرنسا، تمارس في الآونة الأخيرة ضغوطاً من أجل إدراج سورية ونشاطاتها النووية في نطاق التقرير الفصلي للوكالة الذي سيصدر قريباً، غير أن السكرتير العام للوكالة يوكي أمانو يدّعي أن الوقت الحالي غير ملائم لتفجير أزمة جديدة ودراماتيكية مع سورية، ولذا فمن الأفضل عدم شمل مشروعها النووي في التقرير الفصلي المقبل، والاستمرار في التركيز على المشروع النووي الإيراني.
· ويمكن القول إن تسريب معلومات جديدة متعلقة بإقامة منشأة نووية جديدة في سورية سراً هو جزء من الصراع الداخلي الدائر في صفوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويهدف إلى ليّ ذراع السكرتير العام للوكالة، وإلى إظهار سورية منذ الآن بمظهر الدولة الرافضة التي لا بُد من اتخاذ خطوات دولية ضدها.
· وبالنسبة إلى المشروع النووي السوري ذاته، فإن ما يجب الإشارة إليه هو أن تدمير المفاعل النووي في منطقة دير الزور [في أيلول/ سبتمبر 2007] أسفر عملياً عن انهيار المشروع النووي العسكري السوري الذي كان يجري العمل فيه برعاية كوريا الشمالية. وعلى ما يبدو، فإن هذه النتيجة تنطوي على الفارق الكبير بين المشروعين النوويين في كل من سورية وإيران، ذلك بأن هذه الأخيرة قامت بتوزيع مشروعها النووي على منشآت متعددة بحيث إن التعرض لمنشأة واحدة منها أو أكثر يمكن أن يعرقل المشروع لا أن يقضي عليه نهائياً.