· من الصعب القول إن استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين قبل ثمانية أشهر أثار حماسة كبيرة في منطقتنا. ثمة شخص واحد تحمس نيابة عنا جميعاً هو وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي تخيل أنه في 29 نيسان/أبريل (الموعد الذي من المفترض أن تنتهي فيه المفاوضات)، سوف يقع الإسرائيليون والفلسطينيون في أحضان بعضهم بعضاً.
هذا لا يعني، لا سمح الله، عدم وجود إسرائيليين وفلسطينيين يرون في نهاية النزاع مصلحة استراتيجية. لكن منذ العام 2005 يوجد على رأس السلطة شخص معتدل، هكذا يقولون عنه، لا يقدر أو لا يريد توقيع اتفاق معنا.
· إن سلوك أبو مازن حيال الحكومات الإسرائيلية السابقة كان يجب أن يشعل الضوء الأحمر في الإدارة الأميركية ويجعلها تخفض من توقعاتها. لكن إدارة أوباما بعد سلسلة من الإخفاقات في إدارة الأزمات الدولية، طمحت إلى التوصل لاتفاق أكثر بكثير من طموح أبو مازن. ولم تدرك واشنطن أن الثمار التي تبحث عنها لن تحصل عليها من السلطة. وفي الواقع، فبعد الدفعات الثلاث المؤلمة (والمثيرة للاختلافات) لإطلاق أسرى فلسطينيين التي وافقت إسرائيل على القيام بها، من الصعب أن يحمّل أبو مازن هذه المرة القدس تهمة الفشل. والسؤال الكبير المطروح اليوم: هل أدركت إدارة أوباما أخيراً مع من تتعامل؟ من الصعب التأكد من ذلك.
في هذه الأثناء عاد الفلسطينيون إلى تهديداتهم، ويبدو أن الساحة الدولية تجذبهم أكثر من رقصة التانغو الثلاثية مع الإسرائيليين والأميركيين. وها هم يعودون إلى الصيغة المحببة إليهم من خلال طلبهم الانضمام إلى 15 معاهدة دولية. إن هذه الخطوة الأحادية الجانب هي بمثابة مسمار إضافي في نعش اتفاق أوسلو. فالطريق إلى الدولة [الفلسطينية] لا يمر عبر الأمم المتحدة، بل عبر القدس، ويتعين على أحد ما أن يذكر أبو مازن بذلك.
· إن فكرة تحديد مدة للمفاوضات فكرة منطقية، وذلك للحؤول دون نشوء فراغ بيننا. لكن بعد أن أطلقت إسرائيل عشرات الأسرى من دون مقابل، كان عليها أن تدفع مجدداً ثمناً باهظاً (إطلاق 1200 أسير فلسطيني، بينهم مروان البرغوتي، ورفع الحصار عن غزة، والالتزام بتعهد خطي من نتنياهو بشأن حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة فلسطين). أي أنه كان يتعين على رئيس الحكومة أن يدفع مجدداً أثماناً من دون التأكد من الحصول على مقابل. وحتى الوزيرة تسيبي ليفني رفضت القبول بشروط الفلسطينيين هذه المرة.
· إن سلوك أبو مازن كان سبب الإحساس باللامبالاة في المنطقة. وعندما استؤنفت المفاوضات لم يتحمس لها أحد، عندما يتسبب أبو مازن بإفشالها فإن أحداً حتى بين أبناء شعبه لن يشعر بالحزن. وفي الواقع، فإن جولة المحادثات الأخيرة لم تقرّب السلام، بل أدت إلى تآكل ما بقي من صدقية لدى رئيس السلطة الفلسطينية.
· قد يكون هذا أكبر فشل لأبو مازن الذي لم تعتبره إسرائيل شريكاً ناجحاً. والمشكلة أنه برغم الشعبية التي قد يحظى بها في الأيام القريبة، فإن الفلسطينيين لا يرون فيه زعيماً.