تعليق المساعدات الأميركية لمصر يثير قلق إسرائيل
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

 

  • من المؤسف والمقلق رؤية كيف تقوم الولايات المتحدة في ظل حكم باراك أوباما بتعزيز صورتها كحليف لا يمكن الاعتماد عليه. فهي تلقي المواعظ الأخلاقية وتعطي النصائح المؤذية لأصدقائها الذين تشتعل النيران في بلدانهم، فيما تبدو صبورة وحذرة إزاء أعدائها وأعداء حلفائها. وبدلاً من البدء بتطبيق مشروع مارشال اقتصادي يساعد في جذب المستثمرين إلى مصر ويسهم في ترميم الاقتصاد وفرض القانون والنظام، يفضل الأميركيون القيام بخطوات تؤدي إلى استمرار الوضع الحالي إلى ما لا نهاية، ويهتمون بصورتهم فقط.
  • في سنة 2009 حافظت إدارة أوباما على ضبط النفس إزاء النظام الإيراني حينما قمع آيات الله في طهران بصورة وحشية تظاهرات الاصلاحيين ضد تزوير الانتخابات الرئاسية. لكن بعد مرور عامين شجع أوباما كبار قادة الجيش المصري على إطاحة حليفه حسني مبارك بحجة أن أنصاره يطلقون النار على المتظاهرين.
  • لماذا يتصرف أوباما بهذه الطريقة؟ لأن واشنطن فقدت ثقتها بنفسها كدولة عظمى، وبدلاً من أن تدافع عن مصالحها ومصالح أصدقائها، تعمل على الاعتناء بصورتها تجاه نفسها كمنارة للديمقراطية وحقوق الانسان في العالم. ومما لا شك فيه أن هذا نتيجة هزيمتها في العراق وأفغانستان، واستمرار الأزمة الاقتصادية.
  • يرى المستشرق البروفسور آشر ساسر أن الصراع الدائر اليوم في العالم العربي ليس صراعاً بين الديمقراطيين وغير الديمقراطيين، بل هو صراع بين معسكر الحداثة ومعسكر التقليديين الجدد من الإسلاميين الذين يريدون إعادة الإسلام إلى سابق عهده المجيد. وهؤلاء التقليديون الجدد، حتى المعتدلون منهم مثل الإخوان المسلمين، هم الذين يهيئون الأرضية التي ينمو فيها الجهاد العالمي من نوع القاعدة.
  • إن محمد مرسي لم يكن استثناء في هذا المشهد، فقد فشل كرئيس وحال دون فرض القانون والنظام في مصر بسبب سياسته المتساهلة حيال الارهاب الجهادي في شبه جزيرة سيناء. وباستثناء طلبه المساعدات من الغرب ومن دول الخليج، لم يحاول إيجاد حلول للضائقة الاقتصادية الحادة التي يعانيها المصريون. وبدلاً من ذلك، ركز جهوده في السيطرة على مؤسسات الحكم وفي التآمر ضد الجهاز القضائي، وفرض القيم الإسلامية على المصريين من خلال الدستور الجديد. لكن هذا كله لم يمنع الإخوان اليوم من تصوير أنفسهم ضحية من أجل زيادة الضغط الذي تمارسه دول الغرب على زعماء الحكم المؤقت في مصر.
  • يدرك الأميركيون والأوروبيون أن المطالبة بإجراء انتخابات عامة جديدة بسرعة وإلغاء حالة الطوارئ في مصر من شأنهما زيادة الفوضى وسفك الدماء. كما يعلم هؤلاء أهمية المحافظة على العلاقة مع عبدالفتاح السيسي وأتباعه كي تستطيع الطائرات الأميركية التحليق في الأجواء المصرية، وكي تحصل حاملات الطائرات الأميركية على أفضلية العبور في قناة السويس، ولكي يستطيع الجيش المصري خوض حرب شاملة ضد مراكز للجهاد العالمي تنمو في سيناء.
  • في المقابل، من المهم بالنسبة للإدارة الأميركية دعم نظام مصري له مصلحة في المحافظة على اتفاق السلام مع إسرائيل. وهذه مصلحة استراتيجية مهمة ليس بالنسبة لإسرائيل وحدها بل للولايات المتحدة ايضاً. من هنا من المسموح لإسرائيل أن تستخدم نفوذها في واشنطن لصالح السيسي وأنصاره، تماماً مثلما فعلت السعودية والأردن ودول عربية سنية أخرى باستثناء قطر.
  • لقد كان لإسرائيل تجربة مريرة مع الليبراليين الجدد الذين أعمت حماستهم بصيرة متخذي القرارات في واشنطن، حين أقنعت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس والرئيس جورج بوش، أريئيل شارون بمنح حركة "حماس" الشرعية السياسية وإعطائها فرصة كي تحكم غزة. واليوم تدفع مصر وإسرائيل ثمن هذا الخطأ المصيري الذي أدى إلى زيادة إطلاق الصواريخ من غزة، وساهم مساهمة كبيرة في الغياب الحالي للنظام في سيناء.
  • إن السلوك الحالي لإدراة أوباما إزاء مصر يثير الخوف والحيرة ويطرح السؤال التالي: هل يمكننا الاعتماد على وقوف الولايات المتحدة إلى جانبنا في الموضوع الإيراني؟