عمليات إطلاق الأسرى الفلسطينيين لا تنطوي حالياً على أي فائدة سياسية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

·      إن المناقشات الدائرة في الوقت الحالي حول إطلاق "الدفعة الرابعة" من الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية والتي ثمة ادعاء بأنها تشمل أيضاً إطلاق مخربين عرب من مواطني دولة إسرائيل، جعلت الجدل العام في هذه القضية الحساسة المشحونة يطفو على السطح بقوة كبيرة.

·      ويجدر بنا أن نتذكر جيداً أن عملية إطلاق هؤلاء الأسرى كان يمكن ألا تتم في هذا الوقت بالذات وأن تؤجل إلى مراحل متقدمة من التفاوض لو كان هناك استعداد [لدى الحكومة الإسرائيلية] لتجميد أعمال البناء في المستوطنات حتى ولو بصورة موقتة.

·      كما أنه كان بإمكان عملية تجميد أعمال البناء أن تنطوي على قيمة أكبر في نظر الفلسطينيين، وأعتقد أن فيها منطقاً سياسياً داخلياً وخارجياً، فضلاً عن كونها عملية يمكن التراجع عنها خلافاً لعملية إطلاق الأسرى.

·      معروف أن "الدفعة الأولى" من إطلاق الأسرى الفلسطينيين مرّت بهدوء نسبي في ظل صفقة سياسية تمت أساساً بين رئيس الحكومة الإسرائيلية [بنيامين نتنياهو] ورئيس حزب "البيت اليهودي" [نفتالي بينت] الذي يقوم حالياً بدور قائد خط معارضة هذه العملية. وعلى ما يبدو، شملت الصفقة التزام "البيت اليهودي" غض الطرف عن العملية في مقابل مناقصات بناء جديدة في المستوطنات عن كل دفعة.

·      على المستوى المبدئي أعارض بصورة شديدة إطلاق أسرى فلسطينيين تحت أي ضغط أو ابتزاز أو أي عملية مساومة حتى لو كان ثمن ذلك عدم الإفراج عن جندي أو مواطن مختطف. وأقول هذا حتى بصفتي أباً لثلاثة أبناء يخدمون الآن في الجيش الإسرائيلي ضمن وحدات قتالية.

·      وأعتقد أيضاً أنه حتى لو كان هذا القرار قانونياً تماماً بالنسبة إلى الحكومة، فان إطلاق الأسرى تحت طائلة الضغط يلحق أضراراً جمّة بقدرة دولة إسرائيل على الردع، ويوحي بالضعف، ويشجع على عمليات مساومة أخرى، ويعزز من جديد البنى التحتية للإرهاب، ويمس على نحو شديد مشاعر عائلات وقعت ضحية للإرهاب ومشاعر أجزاء واسعة من الجمهور الإسرائيلي.

·      في المقابل أعتقد أن بإمكان الحكومة في حالات ما أن تتخذ قرار إطلاق أسرى بمبادرة منها لدفع عملية السلام قدماً، شرط ألا يكون ذلك تحت ابتزاز أو ضغط منظمة إرهابية أو دولة أخرى.

·      بسبب الحساسية العامة المفرطة من الأفضل أن تؤجل عملية كهذه قدر الإمكان إلى مراحل متقدمة أكثر من المفاوضات، تكون شهدت تحقيق بعض الإنجازات أو التقدّم، وبالتالي يمكن تفسيرها للجمهور ولعائلات ضحايا "الإرهاب".

·      كما أنني أعارض إطلاق أسرى من مواطني دولة إسرائيل العرب واليهود تحت ضغط جهة خارجية، فهذا برأيي يشكل تدخلاً سافراً في شؤون سيادة دولة إسرائيل ويؤدي فعلاً إلى تعزيز صلة مواطني إسرائيل العرب بمواطني السلطة الفلسطينية، وهذه سابقة خطرة. إن قضية الأسرى من مواطني دولة إسرائيل هي قضية سيادية داخلية للدولة، وقرار إطلاقهم يجب أن يكون قرارها الداخلي فقط وأن يكون ناجماً عن تقديراتها لا عن أي ضغط خارجي لدولة أجنبية.

·      أرفض أيضاً فكرة الربط بين إطلاق مخربين فلسطينيين وإطلاق مخربين يهود، وبنظري لا يمكن أن يكون هناك أي مبرّر لأن ينفذ يهود من مواطني دولة إسرائيل عمليات إرهابية، وهي دولة لديها جيش قوي وأجهزة شاباك وموساد وشرطة. إن قيام مواطنين من الدولة بأخذ زمام القانون في أيديهم وممارسة الإرهاب ضد أبرياء عمل آثم خطر لا مثيل له ويجب مواجهته بكل قوة. والمعاملة المتسامحة إزاء ممارسات كهذه كما حدث من قبل في إسرائيل في ما يتعلق بـ"التنظيم الإرهابي اليهودي السري" أمر مرفوض قد يشجع على تكرار هذه الخطوة ويقوّض المبرّر الأخلاقي لفرض عقاب شديد على مخربين مشتركين في الإرهاب في الجانب الفلسطيني. 

·      ما الذي يتعين علينا أن نفعله إذن؟ إذا صحّت الأنباء التي نُشرت بأن إسرائيل تعرض الآن إطلاق 400 مخرب بمن في ذلك أسرى عرب من مواطني دولة إسرائيل، في مقابل موافقة الفلسطينيين على تمديد فترة المفاوضات ستة أشهر أخرى، فمن الواضح أن الحكومة نجحت انطلاقاً من رغبتها في الحفاظ على بقائها، في أن تدفعنا نحو عملية مساومة سياسية مستمرة من دون الحصول على أي مقابل سياسي حقيقي.

·      بناء على ذلك، أعتقد أنه يجب فوراً وقف إطلاق الأسرى الذين يجري الحديث في شأنهم وبضمنهم "الدفعة الرابعة" أو أي صفقة إطلاق أسرى في المستقبل، وأن يتم عرض موقف إسرائيلي بديل يتضمن استعداداً لتجميد أعمال البناء في كل المستوطنات والبؤر الاستيطانية بصورة موقتة (على الأقل حتى نهاية فترة المفاوضات) وتجميد مطلق (من دون تحديد وقت) لأعمال البناء في المستوطنات والبؤر الاستيطانية الواقعة خارج الكتل الاستيطانية الكبيرة.

·      يجب على الحكومة الإسرائيلية أن توضح أنها لن توافق على مناقشة عملية إطلاق أسرى إلا في مراحل متقدمة من المفاوضات السياسية، شرط تحقيق إنجازات حقيقية. وأعتقد أنه يجب عرض هذا التوجه باعتباره "خطاً أحمر" سياسياً على كل من السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة حتى لو كان ثمن ذلك اندلاع أزمة سياسية موقتة.

·      ولا شك في أن إجراء من هذا القبيل من شأنه أن يحسّن بقدر ما الشعور السائد لدى أوساط واسعة من الجمهور الإسرائيلي العريض، يعتقدون بحق أن دفعات إطلاق الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية لا تنطوي حالياً على أي فائدة سياسية.