· في رأيي أن الحل من طرف واحد هو الذي سيحدث على الرغم من أن أحداً لا يريده فعلاً، وأن الجميع يفضلون التوصل إلى اتفاق نهائي ينهي كل المطالب ويغطي جميع النواحي، ويمنح الجميع الأمن والعدالة والحقوق. ولكن نظراً إلى ضخامة الثغرات التي تفصل بين الطرفين وعدم ثقتهما ببعضهما وبقدرتهما، ولأنهما يدركان أنه لا يمكن أن يبقيا من دون أن يفعلا شيئاً انتظارا لعود الكبريت الذي سيشعل النار، أو ساعة الرمل الديمغرافية، لذا سيتوجهان نحو الطريق التي لا تتطلب اتفاقات، أي الحل من طرف واحد.
· هذا ما سيحدث. فقد سبق إيهود أولمرت أريئيل شارون في شأن ما سيحدث، وسبق مايكل أورن بنيامين نتنياهو. ولم يكن الرجلان بالونات اختبار، بل كانا يعرفان جيداً زعيميهما وما يمكن أن يقبلا به وما يرفضاه. لقد تحدث أولمرت عن انسحاب من طرف واحد في تشرين الثاني/نوفمبر 2003 في الذكرى السنوية لديفيد بن-غوريون. وحول أريئيل شارون ذلك إلى سياسة في كانون الأول/يناير 2004 في خطابه في مركز هرتسليا. أما أورن فتحدث عن ذلك في مقابلة مع رازي بركاي في 26 شباط/فبراير هذه السنة، وبعدها بأيام قال نتنياهو في مقابلة مع تشيكو منشيه في لوس أنجليس العبارة التالية: "من الأفضل ألا أصل إلى حل من طرف واحد". ومعنى ذلك في اللغة الدبلوماسية أنه لا يستبعد مثل هذا الاحتمال.
· إن فشل العملية السياسية التي قادها وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيزيل من جدول الأعمال في المستقبل المنظور الاتفاق بين الطرفين. لذا، فإن كل من لا يريد دولة ثنائية القومية ويخاف خطر نشوئها، سيجد نفسه أمام خيار وحيد هو الحل من طرف واحد.
· حتى اليمين الذي من صفاته أنه لا يثق إلا بنفسه ولا يعتمد إلا عليها، سيفضل الحل من طرف واحد على "الاتفاق الذي لا يساوي قيمة الورقة التي كتب عليها". ونظراً إلى أنه في الحل من طرف واحد، ستكون إسرائيل هي التي تضع الترتيبات الأمنية ولن تكون هناك حاجة إلى البحث في موضوع اللاجئين ولا في موضوع القدس، ستكون الموافقة عليه أسهل بالنسبة لليمين من الاحتفال في حديقة البيت الأبيض حيث سيكون على الزعماء الثلاثة الذين سيشاركون فيه، التنازل عن جزء كبير من الخطوط الحمر التي وضعوها.
· أما اليسار فسيبدو مغلوباً على أمره، فنحن سننتقد الانسحاب من طرف واحد، وسنقول إن الاتفاق الكامل أفضل من العملية الأحادية الجانب. وسنقول إن هذا الاتفاق لا يكفي للاعتراف بالحدود الجديدة أو بالقدس، ولن يؤدي إلى تحقيق المبادرة العربية وفتح سفارات للدول العربية في القدس. لكننا إذا لم ننجح في اقناع الحكومة سنصوت إلى جانبها وسنمنحها الأغلبية المطلوبة مثلما منحنا الأغلبية للانسحاب من غزة.
· لقد أوضح مايكل أورن أن إسرائيل ستضطر إلى القيام بخطوة أحادية الجانب رداً على خطوة فلسطينية من طرف واحد. وليس هناك أدنى شك في أنه إذا لم يتم الاتفاق في نهاية نيسان/أبريل على تمديد المفاوضات، فإن محمود عباس سيتوجه إلى مجلس الأمن مطالباً بقيام الدولة الفلسطينية الافتراضية، وسيتقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية بسلسلة دعاوى ضد مسؤولين إسرائيلين كبار، حتى لو دفع ثمناً باهظاً لذلك أي خسارة المعونات الأميركية.
· عندما بدأ كيري مساعيه من أجل التوصل إلى اتفاق دائم خلال تسعة أشهر، كان الانسحاب الأحادي مطروحاً. لكن على الرغم من ذلك، كانت هناك رغبة في تصديق أن كيري يعرف شيئاً لا نعرفه، وأنه سمع شيئاً جديداً من هذا الطرف أو ذاك، وهذا هو سبب رفضه لاقتراحات الحلول الجزئية.
· لكن يتضح اليوم أن كيري لم يسمع شيئاً، واعتقد ببساطة أن ديبلوماسية الحوار التي قام بها تستطيع أن تحقق ما لم يحققه الذين من قبله. واليوم بعد أن اتضح أنه أخطأ، وخوفا من حدوث فراغ بعد رحيله، فإنه يجب ملء الفراغ بخطوات يقوم بها كل طرف انطلاقاً من مصلحته الذاتية.
· إن الحل السهل قد يتضح في نهاية الأمر، أنه الحل الأصعب، بينما الحل الذي يبدو هو الأصعب، في الأساس من ناحية السياسة الداخلية يمكن أن يكون أجدر وأبقى.