· إن المساعي الأميركية المبذولة من أجل التوصل إلى اتفاق على "ورقة اطار" قبيل تمديد محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين مجرد أضغاث أحلام. فحتى لو جرى التوصل إلى هذا الاتفاق، وهذا موضع شك كبير، فإنه سيبقى حبراً على ورق.
· يؤسفني أن أخيب آمال المواطنين الإسرائيليين، أو أفرحهم، وهذا يختلف باختلاف الطرف الذي نتوجه إليه، وأن أقول إن اتفاق السلام لن يتحقق. فالواقع السياسي والجغرافي على درجة من التعقيد بحيث لا تنفع معه الجهود الأميركية والأوروبية. ومحكوم علينا أن نعيش سنوات طوال من السفك المتبادل للدماء من دون أن نرى الضوء في نهاية النفق.
· لقد توصلت الإدارة الأميركية إلى هذا الاستنتاج منذ وقت طويل. صحيح أن وزير الخارجية الأميركي كيري كان استثنائياً على هذا الصعيد، لكن تبين أن جولات المحادثات التي أجراها هو وطاقمه كانت مضيعة للوقت. وقد نقلت وسائل إعلام أميركية عن مصادر مقربة من الإدارة تشاؤمها بشأن نجاح مساعي السلام الأميركية.
· إن ما فشلت فيه الحكومات الإسرائيلية السابقة، لن تستطيع الحكومة الحالية فرضه، فالفلسطينيون وأطراف كثيرة في إسرائيل وليسوا مستعدين للتوصل إلى تسوية حقيقية، والوضع الحالي أفضل بالنسبة إليهم.
· إن الانتقادات الأميركية الموجهة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية قاسية للغاية. وما اللغم الذي وضع على طريق نتنياهو وهو في طريق زيارته الأخيرة الى الولايات المتحدة [المقصود مقابلة الرئيس أوباما التي نشرتها صحيفة النيويوكر والتي وجه فيها أوباما انتقادات إلى نتنياهو]، سوى نموذج صغير لانعدام الثقة بين الزعيمين. وهذه الحقيقة يعرفها الجميع وهي وراء التقارير المسربة من الولايات المتحدة بأن أوباما سحب يده من المعركة، وأن التقدير الذي يكنه لوزير خارجيته كيري هو الذي يجعله غير مستعد لإعلان موت العملية السلمية.
· لقد قلنا في الماضي ونقول اليوم، إنه من المستحيل أن يقوم أبو مازن أو أي زعيم فلسطيني حالي بالاعتراف بإسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي، لأن مثل هذا الاعتراف بمثابة تخل عن حق العودة الذي يشغل مكاناً أساسياً في الخطاب الفلسطيني. ومن المؤسف تضييع الوقت على ذلك، خاصة بالنسبة للذين وقتهم ثمين. ناهيك عن موضوع القدس، والمستوطنات أو الحوض المقدس، وهي موضوعات احتمال التوصل إلى اتفاق بشأنها يعادل الصفر.
· تكرر الزعامة الفلسطينية الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي، وهي تجر شعبها من كارثة إلى أخرى. ويعرف الجميع أن أبو مازن دمية في يد إسرائيل، وأنه يحكم الضفة الغربية بفضل الجيش الإسرائيلي، لكنهم يصمتون.
· إن التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع يعلون التي قال فيها إن أبو مازن ليس شريكاً للسلام وتأسف فيها على الجهود التي يبذلها كيري، لم تكن عرضية. ففي الواقع يقول يعلون ما يفكر فيه نتيناهو لكنه لا يستطيع ان يقوله بصوت عال خوفاً من النتائج التي تترتب على ذلك، لذا فإن يعلون يقوم بذلك بدلاً منه.
· إن وجود ستمائة ألف يهودي في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] بما في ذلك القدس الشرقية، حقيقة لا يمكن تغييرها. ولا يوجد في إسرائيل قوة سياسية قادرة تنفيذ فصل فعلي [بين الشعبين]، حتى في ما يتعلق بالمستوطنات المنعزلة. وتقوم حكومة نتنياهو الحالية بتكثيف البناء في المستوطنات في يهودا والسامرة مثلما فعلت حكومات كثيرة سبقتها. والمسؤول في الحكومة عن عمليات البناء هو وزير الاسكان، أوري أريئيل، الذي يعترف بذلك بالفم الملآن وحتى بفخر.
· تشير الخريطة السياسية في إسرائيل بوضوح إلى وجود أغلبية كبيرة صلبة تؤيد مواصلة السياسة الإسرائيلية في المناطق وتقف ضد أي احتمال للتوصل إلى تسوية وقيام دولة فلسطينية. وساهمت حوادث اطلاق النار من قطاع غزة في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية في الجنوب في زيادة القوى التي تعارض اتفاقاً موقتاً أو اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
· ومن خلال هذا المنظور ثمة نوع من التوافق غير المقصود بين القوى الراديكالية في قطاع غزة والقوى المعارضة للعملية السياسية وسط الإسرائيليين.
· هذا التوافق في المصالح، وكل لأسبابه الخاصة، بين القوى السياسية الإسرائيلية والزعامات الفلسطينية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وغزة، على إفشال أي عملية سياسية يمكن ان تنهي النزاع، هو السبب الأساسي لاستمرار هذا النزاع وسفك الدماء لسنوات كثيرة أخرى.