· طرحت أحداث الأسابيع الأخيرة على النقاش العام مشكلة أساسية، هي تعرض عدد من الإسرائيليين والشركات الإسرائيلية لهجوم إلكتروني. وعلى الرغم من أن حجم الأضرار التي تسببت بها هذه الهجمات كان محصوراً، إلاّ إنها دلت على رغبة عارمة لدى عناصر معادية لإسرائيل في توسيع نطاق هجماتها السيبرانية ضد أهداف إسرائيلية، وقد ذهبت إحدى الشخصيات الإسلامية إلى الدعوة إلى توحيد الجهود من أجل خوض "الجهاد الإلكتروني ضد إسرائيل".
· في إطار الحماية من هجوم سيبراني يمكننا تقسيم إسرائيل إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى هي المؤسسات الأمنية، مثل الجيش وأجهزة الاستخبارات وغيرها. وتفرض حاجة هذه الأجهزة إلى حماية معلوماتها الأمنية توظيف أموال كبيرة لمنع أي محاولة لاختراق أجهزة الكمبيوتر التي لديها والأجهزة التابعة لمنظوماتها العسكرية.
· أمّا المجموعة الثانية فهي التي تشمل البنى التحتية العامة الحساسة والتي تتضمن قطاعات حيوية بالنسبة إلى الدولة، مثل قطاعات الكهرباء والمياه وغيرها. وتخضع هذه المرافق إلى توجيهات ورقابه سلطة تأمين الحماية للمعلومات.
· ويمكن القول إن الاستثمارات المنتظمة التي تستثمر من أجل حماية هاتين المجموعتين تقلص إلى حد بعيد احتمال خرقها من قبل جهات معادية وإلحاق الضرر بها.
· إلاّ إن ذلك لا ينطبق على المجموعة الثالثة التي تشمل كل مستخدمي شبكة الإنترنت من أفراد وهيئات وشركات. فهذه المجموعة هي الأكثر عرضة للأذى لأن قدرتها على الحماية ضد الهجمات الإلكترونية تخضع لاعتبارات اقتصادية تجارية تقوم على حسابات الربح والخسارة على المدى القصير. وفي الهجوم الإلكتروني الأخير تكبد هؤلاء الجزء الأكبر من الأضرار. وليس هناك ما يضمن أن الهجمات الإلكترونية المقبلة لن تستهدف أجهزة تابعة لشركات غير محمية بصورة كافية، ويمكن أن تسبب لها أضراراً مهمة.
· لقد كشفت الهجمات الإلكترونية الأخيرة ظاهرة خطيرة جديدة هي قيام مواطنين إسرائيليين أفراد بالرد على ما حدث عبر مهاجمة مواقع في السعودية، وعبر نشر تفصيلات بطاقات اعتماد مواطنين عرب. وتركت هذه الهجمات أصداء واسعة في وسائل الإعلام، من دون أن نولي الاهتمام الكافي لخطورة هذه الظاهرة وانعكاساتها على الأمن القومي الإسرائيلي.
· إن مواجهة إسرائيل لهذه التحديات تفرض عليها العمل على ثلاثة أصعدة، هي: الحماية والتحقيق والرد. ويبدو أن السبيل الوحيد من أجل زيادة حماية الشركات والمؤسسات التي لا تصنف بين البنى التحتية الوطنية، هو إلزام الشركات بالتقيد بمعايير الحد الأدنى من حماية المعلومات.
· أمّا فيما يتعلق بعمليات التحقيق في القرصنة فليس هناك حتى الآن هيئة مكلفة بالتحقيق في الهجمات التي تعرضت لها الشركات والأفراد أو رجال الأعمال. من هنا الافتراض أن الهجمات الأخيرة لم يتم التحقيق فيها كما يجب من قبل هيئات مختصة.
· وفيما يتعلق بالرد على الهجمات، ليس واضحاً حتى الآن من هو المسؤول الرسمي في الدولة عن الرد على الهجمات التي شهدناها في الفترة الأخيرة، وهذا ما يخلق فراغاً يملؤه بعض الأفراد الذي ينشطون بصورة فردية للرد عليها بصورة غير قانونية.
· إن غياب الإطار الوطني القادر على وضع سياسة للحماية من الهجمات الإلكترونية والتحقيق فيها والرد عليها أمر واضح للعيان، ويمكن معالجة هذا الفراغ عبر عدة سبل، منها: توسيع صلاحيات سلطة حماية المعلومات وزيادة مواردها، أو توسيع صلاحيات شرطة إسرائيل وزيادة مواردها. وفي جميع الأحوال فإن بقاء الوضع على ما هو عليه حالياً من شأنه أن يؤدي إلى فقدان سيطرة إسرائيل على المجال السيبراني.