الولايات المتحدة لا ترغب في التدخل في حروب المنطقة، ومخاوف إسرائيلية من تخليها عن حلفائها في مواجهة صعود الإسلام المتشدد
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       بالأمس وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما زيارته لإسرائيل بأنها تهدف إلى تطمين [إسرائيل]. فقد جاء ليقنع الإسرائيليين بأن أميركا ما زالت تقف إلى جانبهم وتحرص على أمنهم، لا سيما بعد أن أصبحت البيئة المجاورة "أكثر قوة". في المقابل أراد الرئيس شمعون بيرس ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يسمعا من ضيفهما تعهداً قوياً بمنع إيران من الحصول على السلاح النووي، وكبح الموجات الارتدادية الناجمة عن تصدع سورية. ومن المبكر معرفة ما إذا كانا حصلا على ذلك من أوباما الذي دعا إلى إعطاء المزيد من الوقت للمفاوضات الدبلوماسية مع إيران، وطلب من الرئيس السوري بشار الأسد الحفاظ على السلاح الكيماوي الذي في حوزته.

·       يبرز في خلفية زيارة أوباما تراجع الولايات المتحدة عن التدخل العميق في الشرق الأوسط، والتخوف المتزايد لدى حلفائها في المنطقة، وفي مقدمتهم إسرائيل، من أن تتخلى أميركا عنهم في مواجهة القوى الإسلامية المتشددة. لقد دخلت أميركا بكامل قوتها إلى المنطقة عندما كانت حاجتها كبيرة إلى استيراد النفط. لكن في إثر تطوير أساليب جديدة لاستخراج النفط والغاز الطبيعي في أميركا الشمالية، بدأت الولايات المتحدة بالتحرر تدريجياً من تبعيتها للمصادر الأجنبية للطاقة، ومن المنتظر أن تتحول بعد بضعة أعوام إلى دولة مصدرة للنفط. وفي ظل هذا الوضع فإن الشرق الأوسط يبقى مهماً، لكنه سيصبح أقل أهمية مما كان عليه قبل عقد أو عقدين.

·       لقد تعبت أميركا من الحروب في الشرق الأوسط التي استنزفت مواردها واستأثرت باهتمامها، من دون أن تحقق فيها انتصاراً حاسماً. ولهذا السبب سحب أوباما الجيش الأميركي من العراق، وخلال ولايته الحالية سيقوم بسحب الجيش من أفغانستان. وقد شهد العامان الماضيان انهيار النظام الإقليمي القديم الذي كان يستند إلى الديكتاتوريات العسكرية العلمانية والأنظمة الملكية الموالية للولايات المتحدة، بفعل ثورات الربيع العربي، ونمو قوة الحركات الإسلامية. واكتشفت الولايات المتحدة أنها غير قادرة على السيطرة على هذه التحولات ولا ترغب في التدخل في حروب داخلية مثل الحرب في سورية، وتفضل التنحي جانباً وانتظار من سيخرج منها منتصراً.

·       في ضوء هذه الظروف، يزداد الضغط على إسرائيل التي كانت تستفيد من التدخل الأميركي في المنطقة لتعزيز الردع وترسيخ اتفاقات السلام مع مصر والأردن ولحماية نفسها من دول بعيدة وقوية مثل العراق وإيران. وعندما تشعر إسرائيل بالقلق، أو عندما تشعر بأن مخاوفها الأمنية لا تحظى بالاهتمام الكافي في واشنطن، فإنها قد تتجه إلى المخاطرة باستخدام القوة من أجل المحافظة على الستاتيكو الاستراتيجي.

·       إن السبيل الإسرائيلي لدفع الولايات المتحدة إلى احترام تعهداتها هو من خلال التهديد بالقيام بعملية عسكرية أحادية الجانب من شأنها أن تورط الولايات المتحدة. وهذا ما فعله بالأمس نتنياهو في المناسبات المشتركة مع أوباما فقد كرر تشديده، بلغة ديبلوماسية، على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وقال إنه إذا لم يتحرك الأميركيون لكبح إيران ولم يوقفوا مشروعها النووي، فإن إسرائيل ستضطر إلى التحرك لوحدها، وعلى الأميركيين تحمل النتائج.

 

·       حتى الآن ليس لدى أوباما رداً قاطعاً على المسألة النووية الإيرانية، كما من الصعب عليه التأثير في الأزمة السياسية في مصر، وتبديد المخاوف الإسرائيلية حيال احتمال قيام الإخوان المسلمين بالغاء اتفاقات السلام. لذا فإن أوباما يحاول أن يربح الوقت، وأن يهدىء المخاوف، وأن يسحر الإسرائيليين بكلمات الحب والدعم لدولتهم. ويبدو أن حظوظه بالنجاح في مهمته كبيرة لا سيما في ظل تضاؤل قدرة إسرائيل على مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية لوحدها، وتزايد تبعيتها الأمنية لأميركا.