لإسرائيل مصلحة في استقرار سلطة "حماس" في غزة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

·      إن أحداث الأيام الأخيرة في المنطقة الجنوبية تعيدنا مرة أخرى إلى مسألة ما الذي يتعيّن أن تكون عليه سياستنا إزاء قطاع غزة. ولا شك في أن تحديد السياسة يجب أن يستند إلى تعريف واضح للمصالح آخذين في الاعتبار أنه ليس كل ما يمثل الرغبات ينطوي على مصلحة، ذلك بأن المصلحة أمر مهم للغاية ومن أجل تحقيقها يكون المرء مستعداً لدفع ثمن باهظ أحياناً.

·      إن مصالحنا بالنسبة إلى غزة أمنية صرفة، فنحن أولاً وقبل أي شيء نريد الهدوء. وثمة مصلحة أخرى هي الحؤول قدر الإمكان دون تعاظم القوة العسكرية هناك، ويمكن القول إن عمليات سلاح الجو الإسرائيلي الأخيرة ضد القطاع كانت ناجمة عن هذه المصلحة.

·      إن إسرائيل ليس لديها أي مصلحة سياسية في غزة. في المقابل توجد مصلحة فلسطينية (وكذلك مصرية وأردنية)، في أن تكون مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وغزة كياناً سياسياً واحداً، لكن هذه ليست مصلحة إسرائيلية قطّ.

·      في ظل هكذا وضع وكي نحقق مصالحنا، من المهم أن تكون في غزة سلطة مستقرة تتحلى بالمسؤولية السياسية. وسبق أن تحدث حول ذلك قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء سامي ترجمان وكان على حق.

·      إن الجهة الوحيدة التي يمكنها أن تشكل سلطة مستقرة هي حركة "حماس"، ولذا فإن إسرائيل لديها مصلحة في أن تكون سلطة هذه الحركة مستقرة. فضلاً عن ذلك، فإن قطاع غزة من ناحية إسرائيل دولة بكل ما في الكلمة من معنى، نظراً إلى حقيقة أنه تتوفر فيه الشروط الأربعة التي تجعله كذلك وهي: حدود معترف بها؛ سلطة مركزية؛ سياسة خارجية مستقلة؛ قوة عسكرية خاصة به. وبقدر ما نتعامل مع غزة كدولة، تكون لدينا رافعات أكثر حيال "حماس" يمكن أن تجبرها على الحفاظ على الهدوء الذي تكمن فيه مصلحتنا الأساسية.

·      لقد سنحت في العام الأخير فرصة لتغيير سياستنا إزاء غزة، فمصر أصبحت عدواً لـ"حماس"، كما أن رجب طيب أردوغان في تركيا لم يعد بإمكانه أن يساعدها من جراء ورطاته الداخلية، الأمر الذي أدى إلى ازدياد اعتماد "حماس" على إسرائيل. بناء على ذلك، يمكن استغلال هذا الوضع الجديد من خلال اتباع سياسة صحيحة مستندة إلى العصا والجزرة.

·      فعلى صعيد الجزرة يمكن زيادة عمليات عبور البضائع في المعابر، وزيادة حجم توريد الكهرباء والوقود، بل حتى تشجيع الاستثمارات الأجنبية في غزة. وعلى صعيد العصا يجب أن نوضح أن أي خرق للهدوء الأمني سيؤدي فوراً إلى وقف هذه الامتيازات وإلى رد عسكري يمس ليس منفذي إطلاق النار فحسب، وإنما أيضاً مصالح الحكومة في غزة، أي مصالح "حماس".

·      إن هذه السياسة يمكنها أن تكون مجدية فقط إذا كانت "حماس" مستعدة للاعتراف بحكم الأمر الواقع أنها الجهة السلطوية في غزة، وإذا كان بإمكانها أن تفرض سيطرتها على الفصائل الأخرى، وإذا كان لديها الكثير مما تخسره في حال عدم الحفاظ على الهدوء. لسنا ملزمين بأن نعترف بـ"حماس" سياسياً (مثلما أنها هي أيضاً لا تعترف بنا)، لكن في الوقت عينه من السليم الاعتراف بالواقع واستغلاله لمصلحتنا. على السياسة أن تستند إلى المصالح لا إلى المُثل، والمصلحة تستلزم إنشاء علاقات جيرة مع غزة يكون الردع في صلبها.

·      صحيح أن تعزيز سلطة "حماس" في غزة من شأنه أن يلحق أضراراً بفرص تحقيق حل سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين، غير أن احتمال تحقيق حل كهذا في الوقت الحالي ضئيل للغاية إلى درجة أنه حتى من دون صلة بـ"حماس"، سيكون من الخطأ انتهاج سياسة تستند إلى مساعدة الفلسطينيين على تحقيق الوحدة الداخلية بدلاً من أن تستند إلى المصالح الإسرائيلية المباشرة. وفي حال فقدان حماس السيطرة على قطاع غزة، فثمة احتمال كبير بأن تتعزز مكانة الجهاد الإسلامي أو فصائل الجهاد العالمي والقاعدة التي تعتبر أسوأ كثيراً من هذه الحركة، فضلاً عن أنها لا تتحلى بأي مسؤولية سياسية.