لماذ لا يتدخل العالم لوقف ما يجري في سورية؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

·       في الأسابيع الأخيرة تحولت سورية إلى المكان الأكثر دموية في التاريخ القصير لـ "الربيع العربي"، إذ لا مجال للمقارنة بين القمع الذي مارسه النظام المصري أيام حسني مبارك، وبين اليد الحديدية لعائلة الأسد، كما لا يمكن مقارنة سورية باليمن ولا حتى بليبيا. وتبدو الثورة السورية هي الأطول بين المحاولات التي شهدها "الربيع العربي" للإطاحة بالأنظمة، إذ يحاول السوريون منذ أكثر من عشرة أشهر الإطاحة بأكثر الأنظمة ديكتاتورية، وهم يقومون بذلك بمؤازرة وسائل الإعلام،  في الوقت الذي يبذل فيه النظام الإيراني كل ما في وسعه لدحر الثورة.

·       يكرر زعماء العالم الغربي قولهم المرة تلو الأخرى إن دور بشار الأسد التاريخي انتهى، وهم لا يقولون ذلك لاقتناعهم بهذا الأمر، وإنما المقصود هو حرب أعصاب إعلامية. كذلك يقولون إن الأسد انتهى، وذلك من أجل دعم الثورة. لكن يبدو أن الغرب سيفكر أكثر من مرة قبل أن يقرر التدخل العسكري في سورية، ولا علاقة لذلك بالفيتو الروسي، وإنما له علاقة بكلمتين يكررهما الأميركيون والفرنسيون والبريطانيون: سورية ليست ليبيا، وهم لا يقصدون بذلك مصالحهم في مجال الطاقة، وإنما يلمّحون إلى مشكلة أخرى أخطر بكثير، وهي قدرة النظام السوري على توريط الشرق الأوسط كله في حرب شاملة. لقد كانت ليبيا تحت حكم القذافي بلداً معزولاً ذا تحالفات ضعيفة، أمّا السوريون فيشكلون الأساس الذي يستند إليه المحور الإيراني في الشرق الأوسط والمحور الشيعي، فالعلويون قريبون جداً من معتقدات الشيعة، وهم يشكلون امتداداً للمحور الشيعي الذي يبدأ في إيران ويمر في سورية وصولاً إلى حزب الله في لبنان.

·       يعرف الإيرانيون، وكذلك حزب الله، أن الإطاحة بالحكم العلوي يعرّض مكانة طهران في المنطقة للخطر، ويغيّر بصورة جذرية المشهد الاستراتيجي الإقليمي. ويبدو أن تهديدات الأسد بإشعال المنطقة وصلت بصورة فجة إلى الولايات المتحدة. وقد نجح الأسد في تحقيق هدفه.

.......·       ما هو الفارق الفعلي بين ليبيا وسورية؟ كي نفهم ذلك علينا العودة إلى سقوط طرابلس. فقد حسم القذافي مصيره عندما تحدث علناً عن نيته قتل أبناء شعبه، وبذلك  تحول من زعيم شرعي في نظر الغرب إلى إنسان بغيض. لكن لو افترضنا أن الغرب أدان مواقف القذافي فقط، وقطع علاقاته معه، وفرض حظراً عليه، واستطاع القذافي أن ينتصر على الثوار، وهو كان قادراً على ذلك، لكانت النتيجة إقدام ليبيا، مع حقول الغاز والنفط الموجودة فيها، على توطيد علاقاتها مع روسيا وفنزويلا وحتى مع إيران، الأمر الذي سيؤدي إلى خسارة الغرب للنفط، وإلى نشوء  قاعدة قوية ومتطرفة معادية له على شاطىء البحر الأبيض المتوسط.  

على الرغم من هذا كله، ما زالت هناك فرصة قليلة للتدخل العسكري في حال أقدم نظام الأسد على ارتكاب أعمال قتل كبيرة لا يستطيع حتى النظام في روسيا الوقوف أمامها مكتوف اليدين.