· اعتاد الإيرانيون من وقت إلى آخر إرسال شحنات سلاح كبيرة إلى حلفائهم في لبنان وسورية وغزة والعراق ودول أخرى، تنقل من طريق البر والجو والبحر. ونظراً الى كون هذا السلاح معداً لمهاجمة إسرائيل، فقد اعتادت إسرائيل من وقت إلى آخر، ولدى حصول أجهزة الاستخبارات على معلومات دقيقة وحديثة عن هذه الشحنات، أن يقوم الجيش الإسرائيلي بمهاجمتها.
· وعلى الرغم من النجاحات التي حققتها إسرائيل على هذا الصعيد، يواصل الإيرانيون محاولاتهم إرسال السلاح، ربما بسبب نجاحهم في تهريب جزء منه من دون أن يجري اكتشافه. والدليل على ذلك أنه برغم إحباط عمليات التهريب، فإن مخازن السلاح لدى حزب الله وحركة "حماس" والجهاد الإسلامي تزداد بصورة مستمرة، وجزء كبير من هذا السلاح يأتي من إيران.
· ثمة أسباب مهمة تدفع بإيران إلى تزويد حلفائها بالسلاح ولا سيما التنظيمات الارهابية، إذ يشكل استخدام الارهاب ضد أعدائها عنصراً مهماً في عقيدتها العسكرية لأنه يساعدها على ردع هؤلاء الأعداء. ولهذا السبب تعتبر الإدارة الأميركية منذ 1984، إيران الدولة الأكثر تورطاً في الإرهاب.
· وفي الواقع، فإن ما تقدمه إيران إلى التنظيمات الارهابية يساعدها على تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط- في لبنان والعراق والساحة الفلسطينية. وتساهم المساعدة التي تقدمها إيران إلى التنظيمات التي تقاتل إسرائيل، في خدمة هدف إيران الذي هو استنزاف إسرائيل من خلال الصراع المسلح، ويضع هذه التنظيمات الارهابية وبصورة خاصة حزب الله المرتبط ارتباطاً وثيقا بإيران- ضمن جبهة الاستنفار الإيراني ضد إسرائيل. إن استخدام الإرهاب وسيلة قليلة التكلفة بالنسبة لإيران، فهي لم تُعاقب فعلاً على تورطها بالارهاب، وعملاؤها هم الذين يدفعون الثمن.
· تدخل سفينة السلاح كلوز- سي ضمن هذه النظرة الإيرانية. فالسفينة معدة لنقل السلاح إلى قطاع غزة من طريق السودان الذي يعتبر الهدف المفضل لهذه الغاية بوصفه محطة انتقالية ينتقل منها السلاح إلى مصر، ومن هناك إلى غزة من طريق سيناء. كما ان العلاقات بين السودان وإيران علاقات وثيقة منذ سنوات، وقدمت إيران إلى السودان مساعدة عسكرية واقتصادية.
· ليس من الواضح الجهة التي يتوجه إليها السلاح، هل هي "حماس" التي شهدت علاقاتها مع إيران برودة منذ سنة 2012 من جراء تقرب الحركة من جماعة الإخوان المسلمين الذين حكموا في تلك الفترة مصر، وبعد تحفظات الحركة على التدخل الإيراني في سورية؟ أو الجهاد الإسلامي التنظيم الفلسطيني الأكثر قرباً من إيران؟ ومن المحتمل أن يكون السلاح موجهاً إلى الطرفين.
· في جميع الأحوال، فإن تهريب السلاح إلى قطاع غزة بات أكثر صعوبة، فالنظام الحالي في مصر يوظف جهوداً كبيرة من أجل تعزيز سيطرته على سيناء وإغلاق طرق التهريب والأنفاق من سيناء إلى غزة، كما أنه يتعامل مع "حماس" بوصفها خطراً وخصماً، وليس من الواضح كيف خطط الإيرانيون عملية تهريب هذه الصواريخ الثقيلة إلى القطاع.
· يأتي الكشف عن شحنة السلاح في وقت حرج بالنسبة لإيران التي تبذل جهدها من أجل تحسين وضعها الدولي وتقديم صورة إيجابية ومعتدلة كي تتوصل إلى اتفاق مع دول الغرب بشأن مشكلتها النووية يرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
· ومن المعلوم أن قرار مجلس الأمن لسنة 2007 يحظر على إيران تصدير السلاح. وهذا هو السبب الذي دفع بإيران إلى تكذيب أي علاقة لها بشحنة السلاح. لكن على الأرجح، فإن الضرر الذي سيلحق بصورة إيران سيكون ضئيلاً، فالعالم يعرف تورط إيران بالارهاب منذ سنوات، واعتراض السفينة لن يساهم كثيراً.
· ونظراً الى أن لدول الغرب مصلحة في التوصل إلى اتفاق نهائي للمشكلة النووية، فمن غير المتوقع أن توقف قضية باخرة السلاح المحادثات، كما أن توجه الاهتمام الدولي نحو المواجهة بين روسيا وأوكرانيا سيلقي بظلاله على شحنة السلاح.
· يعتبر الاستيلاء على سفينة السلاح ضربة بالنسبة لإيران التي وظفت أموالاً في تنظيم هذه الشحنة وفي التغطية عليها. ولإيران حساب طويل مع إسرائيل- بسبب هجماتها السابقة على شحنات السلاح، واغتيال العلماء الإيرانيين، وإدخال فيروس إلى الحواسيب الإيرانية، ومقتل القائد العسكري لحزب الله في لبنان عماد مغنية.
· لذا، يجب علينا أن نأخذ في حسابنا أن تسعى إيران إلى تصفية هذا الحساب مع إسرائيل بواسطة حزب الله.