· إن الهجوم على قافلة الوسائل القتالية في منطقة الحدود اللبنانية- السورية الذي نفذته إسرائيل أخيراً وفقاً لما نُشر في وسائل إعلام أجنبية، هو السابع في الفترة الأخيرة ويشكل جزءاً من المكافحة المستمرة لعمليات تهريب السلاح إلى المنظمات "الإرهابية" وفي مقدمها حزب الله.
· ومعروف أن محور الشر الذي يضم إيران وسورية وحزب الله يدير منظومة متشعبة من عمليات تهريب السلاح إلى عناصر "إرهابية" في منطقتنا بغية توجيهه نحو إسرائيل. وتكافح دولة إسرائيل منذ عدة أعوام عمليات تهريب السلاح هذه في جبهات متعددة. ويكفي أن نذكر عمليات السيطرة على سفن كارين إي وفيكتوريا وفرانكوب، والهجمات في السودان، والاغتيالات التي تفادت إسرائيل تحمل مسؤوليتها مثل اغتيال المسؤول الكبير في حركة "حماس" محمود المبحوح في دبي. وكان الهدف من وراء هذه الممارسات كلها ضرب منظومة التهريب التي تدار في معظمها من طرف "قوات القدس" الإيرانية.
· معروف أيضاً أن منظومة التهريب إلى حزب الله تمرّ عبر سورية. ونظراً إلى أن إسرائيل لم تمنع عمليات تهريب السلاح بعد حرب لبنان الثانية [تموز/ يوليو 2006]، فإن هذا الحزب تمكّن من أن يتسلح بأكثر من 100,000 قذيفة صاروخية معظمها غير دقيق. وبعد أن تكلل هذا المسعى بالنجاح بدأ حزب الله يعمل للحصول على صواريخ متطورة مضادة للطائرات يكون بإمكانها مهاجمة طائرات سلاح الجو الإسرائيلي، وصواريخ أرض- بحر متطورة قادرة على مس سفن سلاح البحر، وصواريخ أرض- أرض طويلة المدى ودقيقة يمكن أن تصيب أهدافاً نوعية في عمق الأراضي الإسرائيلية.
· إزاء ذلك، تبنت إسرائيل سياسة فحواها عدم إتاحة المجال أمام أي عمليات نقل سلاح نوعي إلى حزب الله بغية الحفاظ على حرية عمل الجيش الإسرائيلي في الجو والبحر والحؤول دون إطلاق صواريخ بعيدة المدى ودقيقة في المستقبل على أهداف استراتيجية داخل إسرائيل. وقد تم توجيه تحذير إلى السوريين في هذا الشأن، ويمكن القول إن الردع كان ناجحاً على مدار عدة أعوام، وامتنع نظام الرئيس بشار الأسد عن نقل سلاح متطوّر إلى حليفه اللبناني. غير أن المساعدة العسكرية التي يقدمها [الأمين العام لحزب الله] السيد حسن نصر الله إلى الأسد في سياق الحرب الأهلية الدائرة في سورية عمقت التزام سورية تجاه حزب الله فبدأ السوريون عمليات نقل أسلحة متطورة إليه.
· وقررت إسرائيل أن تحبط عمليات التهريب هذه. ولا شك في أن الاستغلال الصحيح للوضع في سورية أتاح إمكان توفير "حيّز إنكار" (القصد أن ينكر الأسد أن إسرائيل هاجمت كي لا يرد). ووفقاً لما نُشر في وسائل إعلام أجنبية، فإن إسرائيل هاجمت مستودعات سلاح متطوّر داخل الأراضي السورية كان معداً لتهريبه إلى حزب الله.
· غير أن الهجوم الأخير كان مغايراً للهجمات السابقة، فقد جرى تنفيذه في منطقة المعبر الحدودي بين سورية ولبنان بعد أن أصبح السلاح في حيازة حزب الله. وعلى الرغم من أن نصر الله أيضاً غارق حتى عنقه في الحرب الدائرة في سورية ولا يرغب بفتح جبهة قتال ثانية، فإن المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل وحزب الله من شأنها أن تدخل إلى المعادلة القائمة متغيرات جديدة وخطرة.
· ونظراً إلى أن الهجوم نُفذ على أرض لبنانية، فإنه يدخل لبنان مع كل تعقيداته إلى اللعبة.
· إن حزب الله منظمة "إرهابية" تختلف تقديراتها عن تقديرات دولة، ونصر الله ليس الأسد، وللحزب إمكانيات عمل متنوعة كإطلاق صواريخ من الأرض السورية أو ممارسة "إرهاب" داخلي أو القيام بعمليات في الخارج (كما حدث في الأرجنتين وبورغاس في بلغاريا)، وهو أيضاً تابع لإيران التي يمكن أن تنضم إلى المعادلة.
· يتعين على إسرائيل أن تستمر في إحباط عمليات تهريب السلاح النوعي إلى حزب الله، فهذا استثمار صحيح في الحاضر ويمكن أن يجعل المستقبل أكثر سهولة، وهو مجازفة يجب عدم التردّد في الإقدام عليها وقت الضرورة.
· إن التغيرات التي تحدث في الميدان تنطوي على تحديات كثيرة، وتوجب على أصحاب القرار أن يدرسوا في كل مرة من جديد طريقة العمل التي يجب اختيارها، وعلى هذه الطريقة أن تكون غامضة قدر الإمكان ومقرونة بـ"حيّز إنكار" واسع قدر المستطاع.
إن الهجوم الأخير السابع جعل معادلة اليوم التالي أكثر تعقيداً، وأدخل حزب الله وإيران إلى اللعبة. ومن المنطقي أن نفترض أننا سنرى في المستقبل القريب هجمات أخرى على قوافل تحمل سلاحاً نوعياً يحاول الانتقال إلى حزب الله. ومن المهم أن يتم ذلك بطريقة تقلّص أضرار اليوم التالي، قدر الإمكان.