من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· أقدم مئير داغان في الأسبوع الماضي على فعل لم يسبقه إليه أي رئيس سابق للموساد. فقد أخذ باصاً مملوءاً بالصحافيين إلى مكان سري، وتحدث أمامهم ثلاث ساعات عن عدد من الموضوعات، وتضمن كلامه أمرين أساسين: أن إيران لن تصنع قنبلة نووية قبل سنة 2015؛ أن الهجوم العسكري على إيران سيكون وخيم العواقب.
· يُعتبر داغان بطل العقد الماضي. فقد تمكّن خلال الأعوام الثمانية الأخيرة من إعادة تأهيل الموساد، وقام بعمليات جريئة، وحقق إنجازات استخباراتية صعبة. وكان إنجازه الأكبر هو كسب الوقت، فداغان هو الرجل الذي استطاع أن يربح الوقت في مواجهة إيران. لكن القرار الذي اتخذه رجل الظل بالخروج إلى العلن وإطلاق العنان للسانه، كان مثيراً للدهشة. وهناك من يقول إن كلامه ألحق ضرراً استراتيجياً بإسرائيل.
· لقد رد رئيس الحكومة على كلام رئيس الموساد المنتهية ولايته بغضب، فداغان، في اعتقاده، خرّب المساعي السياسية الرامية إلى منع إيران من التحول إلى دولة نووية. ولم يكن نتنياهو الوحيد الذي غضب، بل إن مصادر رفيعة المستوى في الولايات المتحدة وفي بريطانيا وفرنسا وجهت نقداً عنيفاً هذا الأسبوع إلى كلام داغان. وأعرب البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية عن دهشتهما وغضبهما. ورأى عدد من الحلفاء الأساسيين لإسرائيل، أن المؤتمر الصحافي للرئيس السابق للموساد أمراً غير مفهوم وغير مسؤول.
· إن الانتقاد الأول الذي يمكن توجيهه إلى داغان هو انتقاد مهني. فإيران تملك حالياً ما يكفي من المواد المخصبة من أجل صنع قنبلة أو قنبلتين نوويتين. وفي حال قرر نظام آيات الله في خطوة يائسة الانتقال من مستوى التخصيب المنخفض لليورانيوم إلى مستوى التخصيب المرتفع، فإنه قادر على ذلك خلال أقل من عام. لقد كان تقدير داغان أن إيران لن تتخذ قراراً من هذا النوع قبل سنة 2015. لكن هناك فارقاً بين النيات والقدرة. ففي إمكان إيران الحصول على السلاح النووي خلال عام أو عامين. لقد أخطأ داغان رجل الموساد بتقديمه معلومات أدت إلى تفسيرات استخباراتية غير صحيحة.
· أما الانتقاد الثاني الذي يمكن توجيهه إلى داغان فهو سياسي. ففي العام الأخير نجحت الدول الغربية الكبرى في حمل المجتمع الدولي على تبنّي موقف صارم من إيران. ويعود هذا النجاح إلى الإحساس بخطورة الأمر، وهو إحساس الذي نجحت إسرائيل في زرعه لدى الدول الكبرى. وها هو رئيس الموساد الإسرائيلي يبدد هذا الشعور بالخطر. والآن لا يمكننا أن ننتظر من الروس والصينيين والألمان والإيطاليين أن يكونوا أكثر كاثوليكية من البابا. لقد أضر داغان بحلفاء إسرائيل، وقدّم خدمة إلى الأطراف الدولية التي تقلل من الخطر الإيراني، وتبحث عن ذريعة تسمح لها بعدم مواجهته.
· والانتقاد الثالث الذي يمكن توجيهه إلى داغان يتعلق بالخيار العسكري. فالكلام الذي قاله عن الانعكاسات الخطرة لمهاجمة إيران هو كلام موزون وصحيح، لكن التهديد المبطن بهجوم عسكري إسرائيلي، كان أحد العوامل الأساسية للضغط الذي يمارس على إيران. وكان المجتمع الدولي بدأ يضغط جدياً على إيران بسبب التخوف من ضربة مفاجئة لسلاح الجو الإسرائيلي. والآن جاء داغان ليضعف كثيراً هذا العامل، إذ إنه صوّر هذا التهديد الإسرائيلي كأمر لا يعول عليه وغير جدي. وهكذا، فإن الرجل الذي كان مسؤولاً عن عرقلة المشروع النووي الإيراني، هو بالتحديد الذي دفع الإيرانيين إلى الاعتقاد أن في إمكانهم مواصلة سباقهم نحو القنبلة من دون مواجهة خطر فعلي.
· وعلى ما يبدو، فإن داغان يعتقد أن نتنياهو وباراك رجلان خطران، وهو يتخوف من عمل عسكري متسرع ربما يقدمان عليه ضد إيران. لكن الكلام الذي قاله بمناسبة انتهاء مهمته لم يؤدِّ إلى تحييد الخيار النووي، وإنما ألحق الضرر بمحاولة فرض حصار سياسي واقتصادي على إيران. وبهذه الطريقة لم يُبعد داغان احتمال مهاجمة إيران، وإنما تسبب بتقريبه.
· لقد شبه عدد من المسؤولين الكبار الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين الضرر الذي تسبب به كلام داغان، بالضرر الذي أحدثه نشر تقديرات الاستخبارات الأميركية غير الموثوق بها، في سنة 2007.