انشقاق حزب العمل يقوي الحكومة سياسياً
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

·       ينبغي لنا درس الانشقاق في حزب العمل في المديَين القصير والبعيد. ففي المدى القصير، كان ذلك خطوة لا مفر منها، فإيهود باراك، عملياً، لم يشقَّ حزب العمل، وإنما أعطى صفة رسمية للانشقاق الذي كان قائماً، والذي بدأ عندما قرر أربعة أعضاء كنيست التصرف ككتلة منفصلة مخالفين قرار مؤتمر الحزب، ومشكّلين كتلة معارضة، مع بقائهم جزءاً من كتلة مشاركة في الائتلاف الحكومي. ولم تعد كتلة حزب العمل تعمل ككتلة واحدة، الأمر الذي أضر بقدرة الحكومة على العمل. وفي الوقت نفسه، فإن باراك فقد ثقة أعضاء حزبه، وهو ما أدى إلى انهيار الحزب، ولم يبق إلاّ الاعتراف بذلك رسمياً. وهكذا جاءت خطوة باراك كي تعبّر عن هذا الواقع السياسي.

·       لكن الأهم هو ما سيحدث على المدى البعيد. هل من الممكن إحياء حركة العمل من جديد؟ وقصدتُ أن أكتب حركة العمل وليس حزب العمل، لأن هذا الحزب لم يعد منذ وقت طويل يمثل المسار التاريخي لحركة العمل الصهيونية التي بنت البلد وأقامت الدولة، والتي جمعت بين قيم الاشتراكية - الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وبين التضامن مع الصهيونية الكفاحية، وبين الاستيطان والأمن وبين الواقعية السياسية.

·       منذ حرب الأيام الستة [سنة 1967] بات التعبير عن هذا التوجه هو فكرة التسوية الإقليمية التي طرحها يغآل آلون، والتي شكلت المبدأ الأساسي الذي اهتدى به جميع زعماء حزب العمل حتى التسعينيات. وفي الخطاب الأخير الذي ألقاه رابين قبل اغتياله، حدد خطة الحل الدائم الذي سعى له، والتي تضمنت استعداداً لتقديم تنازلات إقليمية، إلى جانب تحديد خطوط حمر لن تحيد عنها إسرائيل ولا بأي شكل من الأشكال وهي: القدس الكبرى تحت السيادة الإسرائيلية؛ غور الأردن "بالمعنى الواسع للكلمة"؛ الكتل الاستيطانية. لقد ابتعد حزب العمل اليوم كثيراً عن هذا الخط، وهو اليوم أكثر حمائمية مما كانت عليه حركة ميرتس في أثناء حكم رابين. وكأن هذا لا يكفي، إذ تهب على الحزب رياح متأثرة بالتوجهات ما بعد - الصهيونية، مثل القول إن إعلان الولاء لإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية هو "عنصرية"، الأمر الذي يعني أن الدولة اليهودية هي دولة عنصرية. ما عاد حزب العمل هو الحزب نفسه بعد تعاونه مع اليسار الراديكالي المعادي للصهيونية.

·       من هنا، فإن إعلان باراك تأسيس حزب جديد وسط يؤمن بالمبادىء التاريخية لحركة العمل، وبالقيم الوطنية التي ميزت هذه الحركة، هو بشارة كبيرة للسياسة الإسرائيلية.

·       لكن هناك مشكلة صغيرة يجدر التوقف عندها. فالذي أبعد حزب العمل عن نهجه التاريخي هو باراك نفسه، ذلك بأنه هو نفسه الذي عرض على عرفات في كامب ديفيد اقتراحاً ألغى فيه الخطوط الحمر التي وضعها رابين.

·       إن الأمر الإيجابي الذي يمكن أن يحدث في أعقاب انشقاق حزب العمل هو تعزيز قوة الحكومة سياسياً. من المستحيل إجراء مفاوضات صعبة ومعقدة مثل المفاوضات مع الفلسطينيين، في الوقت الذي يعرف خصمنا أن هناك مسدساً موجهاً إلى رأس رئيس الحكومة، ويهدد بإسقاط الحكومة في حال تمسكت بمواقف إسرائيل في المفاوضات. الآن، ومن دون هذا التهديد، بات رئيس الحكومة أقوى وأكثر قدرة على إجراء المفاوضات بطريقة أفضل كثيراً.