تقديرات إسرائيلية: حزب الله سيحاول الرد باغتيال مسؤولين إسرائيليين كبار
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      يتوقع الجهاز الأمني في إسرائيل أن يحاول حزب الله اغتيال مسؤولين إسرائيليين كبار رداً على العملية العسكرية المنسوبة إلى إسرائيل في لبنان. وحتى الآن لا يبدو  أن حزب الله ينوي الرد على الهجوم الذي وقع أول من أمس ضد قافلة للسلاح في سهل البقاع اللبناني وتحدثت عنه وسائل الإعلام اللبنانية.

·      لقد جرى هذه المرة أيضاً المحافظة على قواعد اللعبة غير الرسمية القائمة منذ السنة الأخيرة بين الطرفين على الجبهة الشمالية. ففي اليوم التالي للهجوم على سهل البقاع في لبنان، امتنعت إسرائيل وحزب الله من التطرق علناً إلى العملية، وظل هامش الإنكار على ما هو عليه. وكان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بعث رسالة قوية إلى مواطنيه قال فيها "سنواصل القيام بكل ما هو مطلوب من أجل الدفاع عن أمننا"، لكنه لم يذهب إلى حد تحمل المسؤولية الرسمية عن الهجوم. من جهتهم، أنكر قادة حزب الله حدوث الهجوم برغم التفاصيل التي أوردتها وسائل الإعلام اللبنانية عنه.

·      حتى الآن لم تُعرف محتويات قافلة السلاح التي هوجمت وهي في طريقها من سورية إلى قواعد حزب الله في لبنان. في الماضي اشتملت شحنات السلاح على صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ أرض- أرض دقيقة ذات مدى متوسط وصواريخ بر - بحر متطورة، وهذه الأنواع الثلاثة من الصواريخ قالت إسرائيل علناً إنها ستمنع انتقالها إلى لبنان.

·      الاحتمال الثالث الذي لا يبدو منطقياً في ما يتعلق بالهجوم الأخير، أن تكون شحنات السلاح صواريخ بحرية من طراز ياخونت المخزنة في مستودعات بالقرب من مرفأ اللاذقية في شمال سورية، والتي قُصفت عدة مرات. فإذا كان ما حدث استهدف عملية تهريب جديدة لهذه الصواريخ إلى لبنان، فمن المنطقي أن تتم عملية التهريب عبر المنطقة الساحلية وليس في منطقة البقاع التي تقع في الشرق.

·      ما سبق واستُخدم بنجاح في سورية خمس أو ست مرات، يجب أن ينجح أيضاً في لبنان. واستناداً إلى الصحف اللبنانية، فإسرائيل تتدخل في كل مرة تكتشف فيها محاولة تهريب منظومات سلاح متطورة من سورية إلى حزب الله.

·      وما دام ليس هناك بيان إسرائيلي رسمي، يفضل الطرف الذي هوجم تجاهل الأمر كلياً، وفي أقصى الحالات إطلاق تهديدات مبطنة بأنه سيرد. ونظراً لأن الطرفين يتخوفان من بعضهما ولا يرغبان في مواجهة قد تؤدي إلى حرب جديدة، فهما يفضلان التغاضي عن الحادثة والانتقال إلى الاهتمام بالأمور التي تشغلهم، أي حرب البقاء التي يخوضها نظام الأسد في سورية والمساعدة التي يقدمها حزب الله له بأوامر من إيران، بينما تواصل إسرائيل التفرج على ما يحدث عن بعد على أمل ألا تضطر إلى التدخل أكثر في المذبحة الدائرة بين المعسكرات المتحاربة في سورية والتي أحياناً تنزلق إلى لبنان.

·      بيد أن إسرائيل تدفع أيضاً ثمناً جرّاء استمرار عدم الاستقرار على الحدود الشمالية، إذ يزداد خطر هذه الجبهة كلما ازدادت العمليات العسكرية المنسوبة لإسرائيل.

·      وعندما ندرس في العمق ردود فعل المحور الشيعي الراديكالي على العمليات التي تُتهم بها إسرائيل، نرى أنها مختلفة.

·      فقد حافظ بشار الأسد على ضبط النفس ليس فقط حيال الهجمات التي جرت في السنة الماضية، بل أيضاً حيال تدمير المنشأة النووية في شمال شرق سورية سنة 2007، وحيال اغتيال الجنرال السوري [محمد سليمان] الذي كان مكلفاً بتنسيق العمليات المشتركة مع إيران وحزب الله قبل عام من ذلك التاريخ.

·      في المقابل، تصرف كل من إيران وحزب الله بطريقة مختلفة، فبعد اتهام طهران إسرائيل باغتيال عدد من علماء الذرة الإيرانيين، وقعت سلسلة محاولات للهجوم على أهداف إسرائيلية في تايلند والهند وأذربيجان. وقبل سنتين جرحت في الهجوم الذي وقع في دلهي زوجة دبلوماسي إسرائيلي. وفي تموز/يوليو 2012 قتل حزب الله بمساعدة إيرانية خمسة سياح إسرائيليين في هجوم انتحاري على باص في [منتجع بورغاس] في بلغاريا. واعتبر الهجوم انتقاماً لاغتيال مسؤول حزب الله عماد مغنية في دمشق.

·      وفي الواقع، هناك حساب مفتوح للحزب مع إسرائيل بسبب مقتل مغنية وكذلك بسبب أحداث حرب لبنان الثانية ومقتل مسؤول كبير آخر هو حسن اللقيس في بيروت السنة الماضية، الذي اتُهمت إسرائيل به. واليوم أضيف إلى هذه السلسلة الطويلة الغارة التي وقعت أول من أمس.

·      ثمة حدود لصبر حسن نصر الله، وعملية انتقامية من شأنها تهدئة النفوس. ومن المحتمل أن يأتي الرد عبر الهجوم على أهداف إسرائيلية في الخارج، أو عبر اغتيال شخصيات سياسية رفيعة توازي في أهميتها مغنية.

·      في ظل هذه الأجواء، يجب افتراض أن حماية الشخصيات الإسرائيلية ستصبح أكثر تشدداً.

·      كما أن مثلث الحدود بين إسرائيل وسورية ولبنان ما يزال حساساً ومتوتراً. وكما يقول الجيش الإسرائيلي، فثمة حرب "بين الحروب" تجري بعيداً عن أنظار الاهتمام العام في إسرائيل، والقليل من هذه العمليات يجري الكشف عنه من طريق الإعلام الأجنبي، فالغموض يلائم إسرائيل، وهو الذي يسمح لها بالتحرك من دون أن تقدم حساباً تفصيلياً عن أفعالها، وبهذه الطريقة تقلص مخاطر الانتقام.

·      حتى الآن تُطبق هذه السياسة بصورة جيدة وتعطي نتائج من دون التورط في مواجهة كبيرة.

·      لكن يجب أن نتذكر دائماً أن جميع الحروب نشبت بصورة غير مخطط لها، ونتيجة حوادث تكتيكية. وهذا ما جرى تماماً بين إسرائيل وحزب الله في تموز/يوليو 2006.