ما هي الأرقام الحقيقية لسكان المستوطنات؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

 

  • إن الجدل الدائر بشأن البناء الإسرائيلي في المناطق [المحتلة] لا يقتصر على ما الذي يجب فعله، بل يشمل عدم وجود إجماع على مسائل أساسية تتعلق بالحقائق.
  • ونظراً إلى الاهتمام الكبير الذي يحظى به ذلك الموضوع في إسرائيل والعالم، كان من المنتظر وجود إجابات بسيطة وواضحة تتعلق بالوضع على الأرض. لكن في الواقع لا وجود لمثل هذه الإجابات القاطعة بشأن مسائل أساسية مثل حجم النمو في المستوطنات، وعدد الإسرائيليين الذين يعيشون خارج الكتل الاستيطانية. فاستناداً إلى أرقام السلطة الفلسطينية، عدد المستوطنين في ازدياد مطرد وبلغ العام الماضي 544 ألفاً. لكن الفلسطينيين لا يميزون بين مستوطنة عمونه وأريئيل وحيّ في مستوطنة جيلو. كما أنهم لا يفرقون بين المستوطنات التي لا يعترف بها القانون الإسرائيلي والمستوطنات التي وافقوا هم أنفسهم عليها في كامب ديفيد وفي مؤتمر أنابوليس وفي كل خطط السلام الأخرى، والتي ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية.
  • واستناداً إلى المكتب المركزي للاحصاءات في إسرائيل، يسكن اليوم في "منطقة يهودا والسامرة" [الضفة الغربية] 325 ألفاً. ونظراً إلى عدم وجود تحديد رسمي بأن هؤلاء يسكنون ضمن كتل استيطانية، تبقى هذه المعلومة جزئية.
  • الغموض في هذه المسألة الأساسية أدى إلى نشوء فراغ حاول المعنيون بالأمر ملأه، فزعم داني دايان الرئيس السابق لمجلس مستوطنات يهودا والسامرة في مقال نشره العام الماضي في صحيفة "النيويورك تايمز" أن 160 ألف يهودي يعيشون في "تجمعات سكانية خارج كتل المستوطنات، ويدعي مؤيدو فكرة الدولتين أن ضمهم إلى إسرائيل سهل".
  • في المقابل، تتحدث حركة "السلام الآن" على صفحتها على الفايسبوك عن وجود 70 ألف مواطن أو 30 ألف عائلة يجب إخلاؤها في حال التوصل إلى اتفاق.
  • لقد درسنا أرقام الناخبين في انتخابات كانون الثاني/يناير هذا العام، وقارناها بأرقام الانتخابات السابقة، وإذا افترضنا أن نسبة الزيادة في عدد الذين يحق لهم الانتخاب في كل مستوطنة في المناطق تعكس حجم النمو السكاني فيها، نجد أنه خلال الأعوام الأخيرة كان هناك نمو كبير في جميع أنحاء يهودا والسامرة من على جانبي الحدود.
  • وللمزيد من الدقة، فإن عدد الإسرائيليين البالغين 18 عاماً المسجلين بأنهم يسكنون شرقي خط الجدار الحدودي ارتفع بنحو 17% خلال فترة الولاية الأولى لبنيامين نتنياهو (2009-2013). وبلغ عدد الناخبين في هذه المستوطنات في كانون الثاني/يناير2013، 43,155 ناخباً. ونظراً إلى أن متوسط أعمار الإسرائيليين الذين يعيشون في المناطق هو 18 عاماً تحديداً، فمعنى هذا أن عدد سكان المستوطنات هو ضعف هذا الرقم.
  • وخلال الفترة التي ولد فيها هؤلاء الناخبون الجدد (1991-1995) كانت نسبة النمو الطبيعية للسكان 6%. يستنتج من ذلك أن 11% من الزيادة في عدد الناخبين يمكن تفسيره من خلال انتقال السكان وتوسع المستوطنات، ما يعني أنه خلال الولاية الأولى لنتنياهو توسعت المستوطنات الواقعة شرقي الجدار بأكثر من العُشر.
  • إن عدم وجود تحديد موحد للكتل الاستيطانية لا يغير شيئاً من هذه النتائج. وعندما درسنا التحديدات المختلفة لهذه الكتل، مثل خريطة المستوطنات التي اقترح إيهود أولمرت انتقالها إلى الدولة الفلسطينية، حصلنا على رقم مشابه. صحيح أن أرقام الناخبين في الانتخابات قد لا تشكل معياراً سليماً لقياس حجم نمو السكان لوجود عدد من المواطنين الإسرائيليين المسجلين بأنهم يسكنون في المستوطنات لأسباب مختلفة وهم يسكنون في أماكن أخرى. لكنه من الصعب أن يشكل ذلك تفسيراً لحجم النمو البالغ 10%.
  • إن أغلبية هذه الحقائق لا تبرز في النقاش العام، لذا يجب العودة إليها ودراستها من جديد. ومن المفارقات أن الفلسطينيين ومجلس يهودا والسامرة يستخدمان استراتيجية تضخيم الأرقام. الفلسطينيون فعلوا ذلك من أجل نشر إحساس بالإلحاح، ومجلس يهودا والسامرة من أجل الإحساس بالنصر وعدم العودة إلى الوراء. وفي رأينا أن تحوير الحقائق له تأثير سلبي، فهو يضيع الجمهور ويؤدي إلى انتهاج سياسة منفصلة عن الواقع تستند إلى معلومات خطأ.
  • في الأعوام الأخيرة صرح رئيس الحكومة نتنياهو عدة مرات بأنه يؤيد فكرة الدولتين، ومعنى ذلك أن جزءاً من المستوطنات الموجودة ستبقى خارج حدود إسرائيل، فلماذا توظف الحكومة أموالاً في تجمعات سكانية ستتخلى عنها في نهاية الأمر؟
  • ثمة عدد من الاحتمالات. الأول هو توسيع المستوطنات، فكلما ازداد عدد الإسرائيليين الذين يعيشون وراء الجدار سيكون من الصعب إخلاؤهم. وثمة احتمال آخر هو وجود نية ضمنية لإبقاء هؤلاء المستوطنين في منازلهم وتحولهم في ما بعد إلى مواطنين في دولة فلسطينية. فإذا كان هذا صحيحاً، يجب أن يقال هذا الأمر للمستوطنين في أقرب وقت.
  • ثمة احتمال ثالث هو أن الحكومة سمحت بتوسيع المستوطنات لأن اللوبي المؤيد للمستوطنين داخل حزب الليكود طالب بذلك مقابل دعمه السياسي. وهناك احتمال رابع هو أن النمو السكاني حدث بسبب محدودية قدرة السلطة المركزية في إسرائيل على كبح حدوث ذلك.
  • وفي جميع الأحوال، فإذا كان المبدأ الذي يوجّه الحكومة الإسرائيلية هو حل الدولتين وتقسيم أرض إسرائيل والانفصال عن الفلسطينيين، فإن هذا لا يتطابق مع مواصلة الفوضى السكانية.