الهجمات السبرانية تتسبب بخسارة 3 مليار دولار في السنة- لكن الشركات لا تعترف بمخاطرها
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

– The Marker
المؤلف

·      بعد أن غدت ساحة القتال الحديثة بين القوى العظمى ساحةً افتراضيةً، أضحت أيضاً الشبكة العنكبوتية [الإنترنت] الساحة الأساسية لقرصنة المعلومات وشنّ الهجمات الإلكترونية المتّصلة بالتجسّس الصناعي. ويشير في هذا الإطار تقرير للمكتب القومي لمكافحة التجسس في الولايات المتحدة[1] إلى أن الصين وروسيا تقودان الهجمات السبرانية على قطاع الأعمال [الشركات الأميركية]. ورغم أنه أُنشئ في إسرائيل مركز للمعرفة بمعيار متقدم عالمي في مجال مكافحة الهجمات السبرانية، يبدو أن العديد من الشركات الإسرائيلية لا تعي خطورة الوضع، وأن الحكومة الإسرائيلية لا تعمل على تعزيز الوعي بهذا الشأن.

·      "إن إسرائيل متخلفة في ما يتصل بحماية قطاع الأعمال [القطاع الخاص] من الإعتداءات السبرانية قياساً بدول متطورة عديدة في العالم، ومن بينها الولايات المتحدة. ويشكّل هذا الأمر خطراً ليس فقط على الشركات، وإنما على استقرار الاقتصاد، لا سيما وأن التصدير يعتمد على الإبتكار التكنولوجي"؛ هذا ما قاله هذا الأسبوع اللواء (متقاعد) د. غابي سيبوني، رئيس "برنامج الجيش والشؤون الاستراتيجية"، و"برنامج الحرب السبرانية" في معهد أبحاث الأمن القومي. فقد أجرى سيبوني مؤخراً، بالاشتراك مع شاحَر أرغَمان، رئيس شعبة في "مكتب شؤون السايبر القومي"، دراسةً حول جهوزية قطاع الأعمال الإسرائيلي لمواجهة الإعتداءات السبرانية. ويبدأ اليوم المؤتمر السنوي لمعهد أبحاث الأمن القومي المخصص لنقاش سبل التصدي للهجمات السبرانية.

·      جاء في دراسة أرغمان وسيبوني ما يلي: "إن الفضاء السبراني ملائم بنوع خاص للنشاط التجسّسي بعامة، والتجسّس الصناعي بخاصة. ويتيح استخدام الفضاء السبراني قدرة الوصول إلى معلومات وفيرة بطريقة أسهل، مع الاحتفاظ بقدر لا بأس به من السرية [للمخترقين]. ولقد أخذ الضرر الناجم عن التجسّس الصناعي في أيامنا هذه أبعاداً جديدة وتهديدية".

·      وقد أظهرت الدراسة أن "إسرائيل معرّضة إلى حد كبير للتهديدات السبرانية بحكم حيازتها للتكنولوجيا المتقدمة. وحصة الصناعة الإسرائيلية التي ترتكز على الإبتكار والملكية الفكرية الفريدة من إجمالي الاقتصاد الإسرائيلي هي كبيرة على نحو ملحوظ. كما أن الشركات الناشئة الإسرائيلية هي من الشركات الرائدة في العالم، مما يزيد من دافع [الآخرين ل] التجسس الصناعي في إسرائيل. ونظراً أن برمجيات التجسس المتطوّرة يصعب كشفها من خلال البرامج النموذجية لحماية الشبكات المعتمدة من قبل الشركات التجارية، يجوز الافتراض أن شركات إسرائيلية عديدة، ولا سيما تلك التي تعنى بإنتاج وتطوير المعرفة المتميّزة، هي هدف للتجسس التجاري ولسرقة الملكية الفكرية".

التهديدات السبرانية تتصدر قائمة التهديدات في الولايات المتحدة

·      مع أنه يصعب تقدير حجم أضرار الحرب السبرانية في قطاع الأعمال، يقدّر سيبوني وأرغمان، استناداً إلى مقارنات دولية، الخسارة المالية السنوية اللاحقة بشركات القطاع الخاص الإسرائيلي بما يقارب 3 مليار دولار. ولا يشمل هذا الرقم، على سبيل المثال، سرقة المعرفة التي تقوم الشركات الناشئة بتطويرها.

·      وقد أظهرت دراسة لجهات أمنية أميركية أن فقط 6% من الشركات التي تعرّضت لهجمات سبرانية علمت بتعرضها للإعتداء. وتشير التقديرات إلى رقم مماثل في إسرائيل، وبالتالي يصعب تقدير حجم الضرر الفعلي. ويدل هذا الرقم على الفجوة الكبيرة بين حجم الظاهرة وإدراك الثمن الباهظ الذي يتكبّده الاقتصاد.

·      واستناداً إلى الدراسة المذكورة، فإن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم معرضة لمثل هذه الاعتداءات بشكل خاص. ويلاحظ سيبوني أن "نجاح الصينيين، وفق التقارير المنشورة، في اختراق شركة لوكهيد مارتن وفي سرقة تصاميم تصنيع المقاتلة إف-35، يعني أن الشركات الكبرى أيضاً معرّضة لهكذا اعتداءات. ولذا، على الدولة أن تفرض على قطاع الأعمال اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة الإعتداءات السبرانية، بشكل يتناسب مع درجة جاذبية كل شركة للتجسس، كما تفرض على الشركات عدم تلويث البيئة بالمواد السامة". كما أن سرقة المعلومات يمكن أن تجري ليس فقط من قبل شركات منافسة وإنما أيضاً من قبل معاهد البحث الأكاديمية التي تمتلك معلومات بالغة الأهمية.

·      يضع تقرير "تقييم التهديدات من قبل أجهزة الاستخبارات الأميركية" للعام 2013،[2]  التهديدَ السبراني على رأس قائمة التهديدات التي تتعرض لها الولايات المتحدة- قبل تهديد الإرهاب وخطر انتشار أسلحة الدمار الشامل. لكن هناك صعوبة كبيرة في تقدير حجم الضرر الناجم عن التجسس الصناعي.

ينبغي جعل الإبلاغ عن الإعتداءات الإلكترونية إلزامياً

·      في الحالات القليلة التي تتمكن فيها الشركات والمؤسسات من تبيّن أنها تعرضت لعملية قرصنة، ومن تحديد برمجية التجسس التي استهدفت حواسيب المؤسسة، يصعب عليها تقييم حجم ونوع المعلومات التي تسرّبت من شبكاتها. ويؤدي الفشل في حماية موجودات الشركة أو المؤسسة إلى ميل لدى مسؤولي أمن الشبكات في هذه الشركات إلى التقليل أحياناً من حجم الأضرار الناجمة عن عملية القرصنة. والميل الطبيعي عندما يكتشف برنامج غير معروف ويمكن أن يكون ضاراً، هو إزالته والتأكد من أن الأنظمة المعلوماتية لا تزال تعمل كالعادة. وفقط في حالات نادرة يُجرى تحقيق يهدف إلى تحديد ماهية الإعتداء الإلكتروني والأدوات المستخدمة في تنفيذه، بسبب الكلفة المرتفعة لهذه الإجراء. وتؤثر المؤسسة في أحيان كثيرة عدم كشف عملية سرقة المعلومات، أو التقليل من تقدير الضرر، بهدف تقليص الأذى الذي قد يلحق بسمعة المؤسسة نتيجة الإعلان عن الحادثة.

·      وبحسب رأي سيبوني على الحكومة أن تُلزم الشركات بالإبلاغ عن مثل هذه الهجمات السبرانية. فإذا تعرضت مثلاً شركة مساهمة كبيرة لهكذا اعتداء، ينبغي إطلاع المساهمين عليه، لأنه قد يؤثر في أداء أسهم الشركة في المستقبل ولأنه حتى قد يؤدي إلى حالة ذعر عامة تصاحبها نتائج إضافية.

·      وبحسب تقدير الجنرال كيث ألكسندر، آمر "القيادة السبرانية الأميركية" ومدير "وكالة الأمن القومي" (NSA)، تبلغ خسارة الشركات الأميركية نتيجة سرقة الملكية الفكرية، أكثر من 250 مليار دولار في السنة. وأيضاً في ألمانيا، وفي اليابان، وفي كوريا الجنوبية وبريطانيا، تقدر أضرار التجسس السبراني بعشرات مليارات الدولارات.

·      يقول سيبوني أن إسرائيل كانت من أوائل الدول التي استوعبت مدى خطورة التهديد السبراني للبنى التحتية الحيوية، لكنها لم تعتبر التهديد التجسسي التجاري والصناعي بنفس المستوى من الخطورة. فمنذ العام 2003، أنشئت "الهيئة العامة لحماية المعلومات" بهدف حماية البنى التحتية لدولة إسرائيل من الهجمات المنفّذة في المجال السبراني. لكن لم تواكبها هيئة موازية لحماية قطاع الأعمال الإسرائيلي. وهناك بلدان متطورة تلعب فيها أجهزة الدولة دوراً فاعلاً أكثر في سبيل حماية الاقتصاد من التهديدات السبرانية.

·      وأشار أرغمان وسيبوني إلى أن القوانين والأنظمة السارية في إسرائيل لا تلزم الشركات بالإبلاغ عن اختراق برامج تجسّس لحواسيبها، ما عدا الإجراءات الناظمة المعهودة في قطاعات خاصة مثل الجهاز المصرفي أو المؤسسة الأمنية والعسكرية. وهما يستندان في تحليلهما إلى فرضيات محافظة تقدر أضرار السرقة التجارية في المجال السبراني بنحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يبلغ 2,5 مليار دولار في إسرائيل. ولقد خَلُص بحث أولي متعلق بتقدير قيمة أضرار التجسس الصناعي ضد قطاع الأعمال في إسرائيل، الذي أجرته مؤسسة البحوث Meidata [3]  بتكليف من " مكتب شؤون السايبر القومي"، إلى أن قيمة الضرر الذي يلحق بالاقتصاد الإسرائيلي من جراء التجسس الصناعي، تتراوح بين 1 و3 مليار دولار في السنة.

·      ويقترح الإثنان، في مرحلة أولى، العمل على تطوير منهجية تسمح بإجراء تقييم موثوق لحجم الأضرار. وبالإضافة إلى ذلك، يقترحان تقسيم هذه الظاهرة، بحسب القطاعات، والسعي لتعزيز حماية المعلومات في قطاع الأعمال، وتطوير أمن الفضاء السبراني، وتعزيز التدخل الحكومي في مكافحة التجسس الصناعي في الفضاء السبراني، بما في ذلك تنسيق الجهود وتوحيدها مع الدول الزميلة التي تعاني أيضاً من  هذه الظاهرة.




[1]  المقصود هو: Office of the National Counterintelligence Executive (ONCIX) (المحرر).

[2]    المقصود هو: Worldwide Threat Assessment of the US Intelligence Community, April 11, 2013 (p. 1-3) (المحرر).

[3]  المقصود: Meidata for market research and competitive intelligence firm (المحرر).