· أجرت كوريا الشمالية تجربتها النووية الثالثة بعد التجربتين السابقتين اللتين أجرتهما في سنة 2006 و2009. وتشير التجربة الأخيرة إلى التقدم البطيء ولكن المستمر في قدرة هذه الدولة الفقيرة والمنبوذة في هذا المجال. فالمعروف أن التجربة الأولى فشلت فشلاً ذريعاً ويعود السبب في رأيي إلى رداءة نوعية البلوتونيوم المصّنع في مفاعل كوريا الشمالية النووي، وضآلة الكميات التي استخدمت. أما التجرية الثانية فقد أظهرت التقدم الذي أحرزته كوريا الشمالية على صعيد صنع رأس حربي متفجر. في هذا الأسبوع استخدمت كوريا في تجربتها الكميات المطلوبة، وتباهى الكوريون في أنهم نجحوا في تصغير حجم القنبلة كي يصبح في الإمكان تركيبها على رأس صاروخ عابر للقارات يقومون بتطويره.
· حدثت هذه التطورات في وقت تعاني فيه كوريا الشمالية من وضع اقتصادي سيء (يصل إلى حد المجاعة) ومن عزلة دولية، وتخضع لعقوبات اقتصادية مشددة. الأمر الذي دفع حتى الصين، حليفة كوريا الشمالية، إلى إدانة مساعي كوريا الشمالية للتسلح النووي. وما تجدر الإشارة إليه أن الصين لا تشارك في العقوبات الدولية المفروضة على كوريا الشمالية، وفي رأيي إذا لم تمارس الصين نفوذها على كوريا الشمالية، لا أمل في تغيير الخط الصدامي لهذا البلد. بيد أن الصينيين يدّعون أن فرضهم عقوبات على كوريا الشمالية سيؤدي إلى زعزعة النظام هناك وربما سقوطه، بحيث تتوحد شبه الجزيرة الكورية تحت سيطرة كوريا الجنوبية التي تنتمي إلى المعسكر الغربي.
· والسؤال الذي يطرح نفسه؛ ما علاقة هذا كله بنا؟ لقد قامت كوريا الشمالية بنقل التكنولوجيا النووية التي طورتها إلى سورية، وساهمت في بناء مفاعل نووي لإنتاج البلوتونيوم (جرى تدميره)، كما يوجد تعاون وثيق بين إيران وسورية وكوريا الشمالية في نقل التكنولوجيا المتعلقة بالصواريخ والتكنولوجيا النووية. وينعكس هذا التعاون على قدرة الدول الثلاث في شراء وتهريب المواد الاستراتيجية والقطع الضرورية في السباق على التسلح. من هنا يمكن القول إن المسعى الدولي لكبح السباق على التسلح النووي هو اليوم قيد الاختبار، ونتيجة هذا المسعى سينعكس مباشرة على أعدائنا.
· في حال توصلت إيران إلى الاستنتاج بأن العقوبات المفروضة عليها غير ناجعة (وهي فعلاً غير ناجعة لأن إيران قادرة على المتاجرة مع تركيا ومع روسيا والصين)، فإنها لن تتردد عن مواصلة مشروعها لتطوير السلاح النووي. وفي رأيي أن إيران تملك اليوم من المواد الانشطارية والتكنولوجيا والعتاد ما يكفي لإجراء تجربة نووية، وما يمنع الإيرانيين عن القيام بذلك هو خوفهم من ردة فعل دولية حادة، لذلك فهم ينتظرون ويدرسون الوضع.
· ماذا في إمكان إسرائيل أن تفعله؟ في رأيي ليس في إمكاننا أن نفعل أكثر مما سبق وقمنا به حتى الآن، أي الاحتجاج بصوت عال، والقيام بعمليات سرية، وحشد التأييد الدولي. وفي الواقع فقد سبق وهيأنا أنفسنا منذ أعوام عديدة لمواجهة سيناريو الرعب النووي، ولن نقف عاجزين في مواجهة مثل هذا الخطر.