سياسة الغموض الإسرائيلية إزاء الغارة على سورية مثيرة للسخرية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       إن قيام جيش باختراق المجال الجوي لدولة مجاورة معادية، وقصف قافلة من الشاحنات المحملة بالعتاد العسكري وبالصواريخ المضادة للطائرات هو عمل عسكري مكشوف، ولا سيما أن تحذيرات علنية من جانب حكام الدولة التي قامت بالهجوم قد سبقته، فضلاً عن نشر المنظومات الدفاعية المضادة للصورايخ حول مدن هذه الدولة.

·       هذا ما حدث الأسبوع الماضي بين إسرائيل وسورية، لكن من دون أن يتحمّل أي طرف إسرائيلي رسمي المسؤولية عن القصف. وبدلاً من أن تصدر إسرائيل بياناً يوضح ما جرى، استخدمت الأساليب غير المباشرة لتزويد وسائل الإعلام الأجنبية بالمعلومات التي أوضحت من خلالها أن هدف العملية هو إحباط نقل صواريخ SA-17 من سورية إلى حزب الله.

·       وهذا أسلوب معروف في وحدة "الحرب النفسية": فالمعلومات تُعطى إلى وكالات الأنباء الأجنبية، أو إلى " صحف معينة" في دول عربية، وفي أوروبا والولايات المتحدة، منسوبة إلى "مصادر غربية". وفي الوقت الذي تفرض الرقابة حظراً على الإعلام الإسرائيلي، فإن بعض "المصادر" يلمّح إلى الصحافيين الإسرائيليين بأن يقوموا بنقل ما ينشره الإعلام الغربي. ويمكن القول إن التسريبات إلى صحيفة كويتية، وإلى صحيفة محلية في الولايات المتحدة، كان هدفها المحافظة على الغموض، بينما كان هدف نشر الصحافة الإسرائيلية للمعلومات نقلاً عن مصادر غير مباشرة، هو تعزيز صدقية ما نشرته المصادر الأجنبية.

·       بيد أن المناورة التي استُخدمت فشلت هذه المرة، لأن السوريين رفضوا المشاركة فيها، وكشفوا عن القصف الإسرائيلي في بيان رسمي أصدروه، وفي شريط مصوّر. كما أن إقدام وزير الدفاع على الاعتراف ضمنياً بالمسؤولية عن العملية وضع حداً للغموض الرسمي، وأظهر عدم جدوى المهزلة التي قامت بها الرقابة.

 

·       ويبدو أن الهدف الأساسي من سياسة الغموض الرسمي، ولا سيما بعد البيان السوري الذي كشف تفصيلات العملية، هو الحؤول دون إجراء نقاش عام للعملية، وتفادي تفسير الحكمة في دخول إسرائيل في قلب الحرب الأهلية السورية المشتعلة. والظاهر أن رئيس الحكومة ووزير الدفاع يحبان أن يلعبا دور جيمس بوند، وتحويل الصحف الإسرائيلية إلى مقاتلات في جيش "التأثير في الأفكار"، بدلاً من توضيح العملية ودوافعها. ومن المحتمل أن هذه المقاربة كانت تلائم إسرائيل في أعوامها الأولى، لكن آن الأوان اليوم كي ننضج ونتصرف كدولة، لا كأبطال في أفلام جيمس بوند.