من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· إذا فشل جون كيري في مساعيه فستحدث كارثة، أما إذا نجح فستكون الكارثة أكبر. فالفشل سيؤدي وفق تعبير المعلق توماس فريدمان "[في مقال نشرته النيويورك تايمس يوم أمس بعنوان "Israel’s Big Question"]، إلى"انتفاضة بروكسيل"، الانتفاضة الثالثة، التي تعني العقوبات والمقاطعة الدولية ضد إسرائيل. كما أن الفشل سيدفع الفلسطينيين نحو الأمم المتحدة، وقد يدفع الولايات المتحدة إلى رفع مظلة الفيتو التلقائي والأعمى من فوق إسرائيل، ويؤدي إلى إشعال المناطق مرة أخرى.
· لكن نجاح المساعي يبشر بالأسوأ. فكيري لا يمكن ان يكون وسيطاً نزيهاً، ولا تستطيع الولايات المتحدة أن تكون وسيطة عادلة حتى في ظل حكم باراك أوباما، فالدولة الحليفة لطرف معين لا تستطيع أبداً أن تكون وسيطاً عادلاً بين الطرفين، لا في عالم الأعمال ولا في العالم الدبلوماسي. كذلك فالحليفة العاجزة عن استغلال التبعية المطلقة للدولة التابعة لوصايتها من أجل الدفع نحو اتفاق نزيه، لا تستطيع تحقيق إنجازات حقيقية تقدم حلاً للمشكلات المصيرية. إن اللعبة الدائرة حالياً هي استغلال ضعف السلطة الفلسطينية. ففي الوقت الذي يحارب العالم العربي أنظمته، ويرهق العالم الغربي النزاع الذي لا نهاية له، يواجه الفلسطينون مصيرهم وحدهم. وتحاول أميركا تركيعهم وإخضاعهم. وإذا نجحت في ذلك سينتهي الأمر بكارثة.
الموضوع هنا لا يتعلق فقط بعدم النزاهة بل يبدو ميؤوساً منه، فإذا نجح كيري في مساعيه ووقع الفلسطينيون اتفاق الخنوع، فإن 80%(!) من المستوطنين سيبقون في أماكنهم؛ والقدس لن تقسم فعلاً، وبالتأكيد ليس إلى حد يتيح تحوّلها إلى عاصمتين؛ وسيبقى غور الأردن في يد إسرائيل، يُستأجر أو يؤجر بالضمان، أو يُعار؛ والدولة الفلسطينية المزعومة ستكون منزوعة السلاح؛ وغزة ستبقى محاصرة وسجينة ومنسية، وستظل "حماس" التي تمثل نصف أبناء الشعب الفلسطيني مُقاطعة ومنبوذة؛ وسيجري الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية؛ وبتوقيع السلطة يسقط إلى الأبد حق العودة لجميع المنفيين واللاجئين الفلسطينيين حيثما كانوا؛ والمطالب "بترتيبات أمنية" ستكون كلها لمصلحة إسرائيل فقط. أما الفلسطينيون الذين خسروا نحو 7000 قتيل منذ سنة 2000، فلن يواجهوا مشكلة أمنية، فحياتهم وسلامتهم مضمونان جيداً.
· وماذا سيحدث حينئذ؟ هل سيصمد الحل طويلاً؟ وهل سيحني الفلسطينيون رؤوسهم خانعين ويعودون إلى حياتهم اليومية إلى جانب 80% من جيرانهم غير المرغوب بهم من الجشعين إلى العقارات ومن أصحاب التوجهات المسيحانية والمؤيدين للطرد، والذين يعيش جزء منهم على أملاك خاصة؟ وهل سيحتفل الفلسطينيون باستقلالهم في أزقة حيّ شعفاط الذي سيتحول إلى عاصمتهم الجديدة إلى الأبد؟ وهل سينسى اللاجئون في المخيمات وفي المنافي حلمهم؟ وهل ستتخلى "حماس" عن سلاحها؟
· هل سيجري هذا كله لأن كيري ضغط وعباس خضع؟
بالطبع هذا لن يحدث أبداً. فإن ما يقترحه كيري هو اتفاق خضوع قد يضطر عباس إلى توقيعه في وقت ينظر أوباما إلى ما يجري محافظاً على مسافة كي لا يتحمل الفشل.
· لكن الفشل مؤكد حتى لو تحقق "النجاح". ثمة أمل ضئيل بأن يجري التوصل إلى اتفاقات، لكن ما الذي سيحدث بعدها؟
· بعد مرور وقت قصير أو طويل، سيثور الفلسطينيون من جديد. واللاجئون الذين لم تُحل مشكلتهم، والفلاحون الذين لم يسترجعوا أراضيهم، و"حماس" التي ظلت معزولة والحركات اليسارية، جميع هؤلاء سيرفضون الاتفاق.
· حينئذ سيقول الإسرائيليون: انظروا لقد قدمنا الكثير من التنازلات لكنهم خانونا، وأعطينا الكثير وهم عادوا إلى الإرهاب. وستبتعد احتمالات التوصل إلى حل حقيقي أكثر فأكثر، وهذه المرة إلى الأبد.