من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· سواء أكانت إسرائيل بصدد إعداد خطة لاستقبال اللاجئين العلويين من سورية، أم أن ما نسب من كلام إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي قد أُخرج من سياقه، فإن الافتراض الأساسي الذي يستند إليه الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع إيهود باراك لم يتغير، وهو أن عهد بشار الأسد يشارف على نهايته. يقول رئيس الأركان إن "الأسد من الأشخاص الذين سيقاتلون حتى الطلقة الأخيرة"، ولذا يجب الاستعداد لكل الاحتمالات، بما فيها حرب أهلية دموية في سورية ستدفع بالطائفة العلوية إلى البحث عن ملجأ لها خارج سورية بما في ذلك إسرائيل.
· لكن من الصعب أن نجد على الأرض في سورية ما يعزز الافتراضات الإسرائيلية، ويدل الخطاب المتعالي للأسد، وهو الرابع له منذ بداية الأحداث، على أنه يقرأ الوقائع في بلده بطريقة مختلفة عن قراءة خبراء الاستخبارات العسكرية لها. فإلى جانب سخريته من أغلبية الدول العربية ومن الجامعة العربية "التي لم تعد عربية وإنما أصبحت مستعربة، وتعمل بتأثير من الضغوط الخارجية"، على حد قوله، عرض الأسد خطة عمل ذات بعدين، هما: مواصلة ضرب المتظاهرين "بيد من حديد"، والتحضير لدستور جديد يعرض على الشعب السوري للاستفتاء في نهاية شباط/فبراير أو بداية آذار/مارس.
· وقد أثبت استمرار عمليات قتل المتظاهرين الشق الأول من خطته. وفي حال صح كلام عبد الحليم خدام، النائب السابق للرئيس السوري وأحد أهم المعارضين له اليوم، فإن الأسد ينوي إشعال حرب أهلية جديدة في لبنان كي يصرف الأنظار عما يجري في سورية إلى لبنان.
· وعلى الرغم من صحة المعلومات التي تحدثت عن انتقال عدد من المواطنين العلويين الذين يسكنون في مناطق ذات كثافة سكانية سنية إلى لبنان وتركيا، فإن أعداد هؤلاء ضئيلة ولا تشكل ظاهرة. وحتى الآن فإن أغلبية اللاجئين الذين غادروا سورية هم من السنّة أو من المسيحيين ومجموعات قليلة من الفلسطينيين. كما أن المنشقين عن الجيش السوري لا يؤثرون في وحدته ولا ينذرون بانهياره، إذ إنه من مجموع نحو 220 ألف جندي نظامي وأكثر من 280 ألف جندي في الاحتياط، بلغ عدد المنشقين بالاستناد إلى مصادر المعارضة نحو 15 ألف جندي وضابط. وتشير مصادر المعارضة إلى وجود 1500 جندي وضابط في السجون بتهمة التحضير للانشقاق.
· على الصعيد السياسي، بدا الأسد كأنه مستعد للقبول بقرار جامعة الدول العربية والسماح لمراقبي الجامعة بالعمل في سورية. لكن منذ اللحظة الأولى لوصول هؤلاء المراقبين ظهر أن عملهم يعاني من مشكلتين، إذ أنهم خضعوا في عملهم وتنقلاتهم لموافقة الاستخبارات السورية، كما برزت خلافات فيما بينهم بشأن كيفية نقل مشاهداتهم.
· وكانت النتيجة أن التقرير الذي قُدم إلى الجامعة العربية يوم السبت جاء مرتبكاً، وفي بعض الأحيان مغلوطاً، الأمر الذي أدى إلى رفض بعض المراقبين ما تضمنه والتهديد بالاستقالة من مهمتهم.
· إن الهجوم الذي تعرض له مراقبو الجامعة العربية من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي يتطلع إليها الأسد، أي إقدام الجامعة على وقف عمليات المراقبة التي يقوم بها مراقبوها، الأمر الذي يسمح للأسد بمواصلة عمليات القمع.
· إن استمرار مراقبي الجامعة العربية بعملهم لن يوقف القتل في سورية، لكنه سيشكل مرحلة أولى ستقرر الجامعة بعدها تحويل الموضوع السوري إلى الأمم المتحدة. ويبدو حتى الآن أن الأسد لا يخشى تدويل الأزمة السورية ما دامت روسيا تقف إلى جانبه وستمنع صدور أي قرار عملي، لذا فهو سيواصل إحباط عمل مراقبي الجامعة العربية، ويعتقد أنه قادر على قمع حركة الاحتجاج مهما كان الثمن. في هذا الوقت تبدو المعارضة السورية، التي أعلنت أمس أن خطاب الأسد "دفن المبادرة العربية"، عاجزة عن تشكيل بديل للسلطة، أمّا الجيش السوري الحر المؤلف من المنشقين عن الجيش ومن المدنيين الذين انضموا إليه فإن أقصى ما يمكن أن يقوم به هو خوض حرب عصابات ضد النظام من دون أن يحدث انقلاباً.
استناداً إلى هذا كله، يصعب الاعتماد على مقولة إن نظام بشار الأسد يوشك على الزوال، ولا سيما مع استبعاد التدخل الخارجي من جانب واشنطن وأنقرة والعواصم العربية.