· لم يشكل اللقاء الذي جرى، بمبادرة من الأردن، بين يستحاق مولخو وصائب عريقات منعطفاً حقيقياً يمكن أن يؤدي إلى استئناف المفاوضات السياسية، وكل ما جرى الاتفاق بشأنه هو مواصلة الاتصالات العلنية والسرية.· إلاّ إنه، وعلى الرغم من ذلك، لن يحدث أي تقدم حقيقي في هذا الشأن ما دام الفلسطينيون مصرين على رفض التخلي عن الشروط المسبقة للعودة إلى التفاوض. فقد أوضح الفلسطينيون أنهم يريدون تعهداً مسبقاً من إسرائيل بوقف البناء ما وراء الخط الأخضر، بما في ذلك القدس، والموافقة على أن تكون حدود الدولة الفلسطينية العتيدة هي حدود حزيران/يونيو 1967.· تحاول الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة وروسيا، والتي كانت في أساس عقد اللقاء بين مولخو وعريقات، المحافظة على تفصيلات الخطة التي اقترحتها. وقد وافقت إسرائيل على هذه الخطة بكاملها على عكس الفلسطينيين، كما استجابت إلى مبادرة الملك عبد الله من دون كثير من الأوهام. فمن المهم بالنسبة إلى إسرائيل إرضاء الأردن الذي يؤدي دوراً مهماً، سواء في مجال التعاون الأمني أو فيما يتعلق بالعمق الاستراتيجي لإسرائيل في مواجهة التهديدات من الشرق، ناهيك عن المصلحة الأردنية - الإسرائيلية المشتركة ضد "حماس".· يسعى الفلسطينيون لإعطاء الانطباع أنهم هم أيضاً يريدون دفع العملية السلمية قدماً، لكنهم، فعلاً، لا ينوون التخلي عن استراتيجيتهم الرامية إلى نقل معالجة النزاع من طاولة المفاوضات إلى المحافل الدولية. فقد تبين أن الفلسطينيين ينوون البدء بتطبيق "وثيقة جنيف الرابعة" على يهودا والسامرة، الأمر الذي سيحول هذه المناطق إلى أرض ذات سيادة لكنها محتلة، ويجعل أي نشاط إسرائيلي مدني فيها منافياً للقانون الدولي. كذلك لم يتخل الفلسطينيون عن مساعيهم للحصول على إعلان من مجلس الأمن بقيام دولتهم المستقلة، فضلاً عن محاولاتهم المتكررة حمل مجلس الأمن على إصدار قرار يدين فيه البناء في المستوطنات وفي القدس.· ومن المعلوم أيضاً أن الأميركيين يعارضون البناء الإسرائيلي ما وراء الخط الأخضر لكنهم يشاطرون إسرائيل رأيها أن على الفلسطينيين التخلي عن الشروط المسبقة للتفاوض. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأوروبيين الذين، بموقفهم الرافض للبناء ما وراء الخط الأخضر، يساهمون في دعم الرفض الفلسطيني لمفاوضات سلام حقيقية.· وفي هذا السياق، يجب أن نذكّر العالم أجمع بأن البناء في الأحياء التي تقع خارج القدس وفي المنطقة المحيطة بها حق لنا، وله أهمية أمنية خاصة. ربما نسي الناس أنه حتى سنة 1967 كان يتعرض كل من يريد الذهاب إلى القدس للقنص من جهة قرية النبي صموئيل [الواقعة على تلة استراتيجية على بعد 8 كيلومترات عن القدس]. لذا، بدءاً من حرب الأيام الستة قامت استراتيجيا كل الحكومات الإسرائيلية على توسيع وتكثيف الوجود اليهودي في جمع أجزاء مدينة القدس، ولا سيما في الأماكن المحيطة بها من الشمال والجنوب والغرب والشرق.· علينا التصدي لكل محاولات عزل المدينة، والعمل على التخلص من فكرة العودة إلى الوضع الذي كان قائماً حتى سنة 1967.
إسرائيل لن تتخلى عن حقها في البناء ما وراء الخط الأخضر
تاريخ المقال
المصدر