رد نتنياهو على وثيقة كيري سيحدد ما إذا كان قرر المضي في عملية تاريخية أم قرر المرواغة والمماطلة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      وصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري للمرة العاشرة في أقل من سنة إلى إسرائيل. وبعد مرور ساعة على وصوله أوضح ما الذي جرى التوصل إليه في الشهر الأخير قائلاً إنه خلال بضعة أسابيع سيكون على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتخاذ قرارات حاسمة تحدد ما إذا كانت عملية السلام تقف أمام منعطف تاريخي، أم أنها تسير نحو الفشل والانهيار الخطر.·      يرسم "اتفاق الاطار" الذي يتحدث عنه وزير الخارجية الأميركي عملياً خطوط اتفاق السلام المستقبلي، ويحدد المبادئ التي على أساسها سيجري حل المسائل الأكثر حساسية مثل حدود 1967، والترتيبات الأمنية في غور الأردن، واللاجئين وتقسيم القدس.·      وحتى لو لم يضطر نتنياهو إلى توقيع الوثيقة الأميركية وتحفظ منها، وحتى لو لم يتغير شيء على الأرض بعد تقديمها، فإن الاستعداد الإسرائيلي للدخول في مفاوضات على أساس "اتفاق الاطار" سيكون بمثابة السير في طريق لا يمكن العودة منه إلى الوراء.·      لقد نجح كيري من خلال الجهد الكبير الذي بذله وإصراره الذي لا مثيل له، في إدخال نتنياهو وعباس اللذين لا يصدقان كلمة واحدة مما يقوله الواحد للآخر، في عملية سياسية مهمة. ومما لا شك فيه أن الاثنين لم يتخيلا يوماً أنهما سيصلان إلى هذا الحد، فقد كان كل ما أراداه من دخولهما في العملية التفاوضية تحميل الآخر مسؤولية فشلها.·      لقد استطاع كيري المحافظة على بقاء نتنياهو وعباس داخل العملية التفاوضية بواسطة محادثات شخصية ثنائية، ومن خلال اتصالات هاتفية ليلية، والكثير من الثناء والتشجيع. فقد كان لهما بالمرصاد، ولم يتركهما لحظة، فأينما نظرا وجداه، وإذا نسيا وجوده كان يذكرهما به.·      لم تكن استراتيجية كيري الدخول في مواجهة مع نتنياهو وعباس بل قتلهما بنعومة. فالاثنان يصابان بالحساسية والصداع عندما يفكران في مضمون "اتفاق الإطار" الذي يعرضه كيري، وبالقرارات الحاسمة التي سيضطران إلى اتخاذها. ولكن في المقابل هما يدركان أن ثمن رفضهما مقترحات كيري سيكون أغلى بكثير من ثمن موافقتهما عليها. ·      لقد اختار كيري في مطلع اجتماعه مع رئيس الحكومة نتنياهو ذكر أحد أكبر خصوم نتنياهو السياسيين أريئيل شارون، عندما قال "تفكيري مع عائلة شارون وما زلت أذكر المساهمة والتضحية التي قدمها من أجل شعب إسرائيل".أظهر تعاطف كيري مع شارون حقيقة أن نتنياهو قرر أن يتجاهل علناً تدهور وضع شارون الصحي، إذ إن أكثر ما يكرهه نتنياهو مقارنته بشارون. لكن على الرغم من ذلك، لا يستطيع هذه المرة أن ينجو من المقارنة بينه وبين شارون عشية اتخاذه قرار خطة الانفصال [عن قطاع غزة سنة 2005].·      إن الضغط الدولي يتزايد وثمن الاحتلال يكبر وأصبح لا يحتمل بالنسبة لمكانة إسرائيل، وحالة الغليان في الليكود تكاد تتحول إلى تمرد. من هنا، فإن الرد الذي سيقدمه رئيس الحكومة خلال بضعة أسابيع على الوثيقة التي سيعرضها كيري سيحدد ما إذا كان نتنياهو اختار أسلوب شارون في المضي في عملية تاريخية، أم أنه قرر المناورة والمراوغة والمماطلة على طريقة نتنياهو.