على إسرائيل الامتناع من التدخل في حروب الآخرين
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- يقال إن الثورة تأكل أبناءها. وهذا ما يحدث للربيع العربي بعد مرور عامين ونصف العام عليه. فقدحل مكان التطلعات الأساسية التي أدّت إلى إسقاط الأنظمة القديمة،والمحاولات الثورية في الدول العربية من أجل تحسين وضع المواطن العربي والدفاع عن حريته،الحروب الأهلية والطائفية والدينية بدءاً من ليبيا حتى العراق. وأبرز دليل على ذلك ما شهدته الأيام الأخيرة من أحداث كئيبة.
- ومع استمرار سفك الدماء في سورية، والتخوّف من تجدّد المواجهات العنيفة في شوارع القاهرة، بدأ عدد من المعلقين العرب ينتقد بشدة ما يصفونه بالغريزة الانتحارية التي أصابت الشعوب العربية.
- تشكل الحركة الاحتجاجية لملايين المصريين بعد مرور سنة على انتخاب محمد مرسي نموذجاً بارزاً على تبدّد الأحلام بتحسن حياة الناس بعد سقوط الأنظمة الاستبدادية القديمة. ومما لا شك فيه أن الوضع في سورية أكثر خطورة. ففي الأسبوع الماضي أعلنت منظمة حقوق الانسان في سورية من مقرها في لندن، أن عدد القتلى في سورية بلغ نحو 100,000 قتيل. وتستعدّ قوات الأسد حالياً لهجوم جديد على حمص التي يسيطر الثوار على جزء منها. ويحاول الجيش السوري الضغط على المعارضة من خلال القصف الكثيف والعنيف للأحياء المدنية.
- أما لبنان فينزلق إلى حربه الخاصة ضمن حدود معينة. وخلال الأسبوع الماضي وصل التوتر إلى ذروته مع المواجهة التي دارت في صيدا بين المتشددين من السّنة وقوات الأمن اللبناني.
- كما نشب في الفترة الأخيرة توتر بين حزب الله وأنصار حركة "حماس" في المخيمات الفلسطينية في لبنان على خلفية تضامن الحركة مع ضائقة إخوانها السنّة في الحرب الدائرة في سورية. ولا يتحدّث الإعلام الغربي عما يجري في العراق حيث يسقط أسبوعياً عشرات الضحايا جراء الحرب السنّية والكردية ضد رئيس الحكومة الشيعي. أما الأردن فيرتعد خوفاً من نتائج الحرب السورية كما أنه ينتظر وصول موجات جديدة من الهاربين من المعارك في سورية والعراق.
والسؤال هو: ما هو موقع إسرائيل من ذلك كله؟
- إن الصراعات الدموية الدائرة في العالم العربي ليست بالضرورة جيدة بالنسبة لإسرائيل، وقد تكون لها نتائج سلبية مثل صعود خطر التنظيمات السنّية المتشددة التي تحظى بدعم القاعدة في سيناء وجنوب هضبة الجولان. بيد أن النتيجة المباشرة لانشغال العرب بأوضاعهم الداخلية هي تراجع التهديد العسكري التقليدي الذي تواجهه إسرائيل.
- أظهرت جولة قمنا بها هذا الأسبوع في الحدود مع سورية، أن الوجود العسكري للأسد تبخر، فالدبابات السورية في أغلبيتها منشغلة بذبح المدنيين في حمص ودمشق. أماالجيش المصري فغارق في الصراع الداخلي على السلطة (مع ازدياد اعتماده على المساعدة الأميركية)،وهو لا يرغب في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، على الأقل في المرحلة المقبلة.
- إن الفرصة الاستراتيجية التي نشأت جراء ما يحدث في الدول العربية هي التي سمحت بتقليص موقت ومحدود للميزانية العسكرية. وهذا يفرض على إسرائيل على المدى المباشر، ولا سيما على الجبهة السورية، التزام الحذر الشديد. فهذه الحرب ليست حربنا، ومن الأفضل ألا نتدخل فيها.