جون كيري في مواجهة الرفض الفلسطيني
تاريخ المقال
المصدر
- إن الجهود التي يبذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لمعاودة المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، تستحق التقدير ويجب أخذها بمنتهى الجدية. وإلى جانب أهمية هذه الجهود في معاودة المفاوضات بين إسرائيل والسلطة، فإن لها أهمية أخرى هي المساهمة في تعزيز العلاقات مع الأردن. لكن في الوقت الذي تعلق فيه إسرائيل أهمية كبيرة على معاودة المفاوضات السياسية وتحريك العملية السلمية، تبدو السلطة الفلسطينية متخوفة من المجيء إلى طاولة المفاوضات، وهذا هو السبب الذي يدفع الفلسطينيين إلى وضع شروط مسبقة وغير مقبولة.
- إن مطالبة الفلسطينيين بمنع البناء في يهودا والسامرة بصورة مطلقة مشكلة تتجاهل بصورة واضحة الخطط السياسية التي طرحت للنقاش في الماضي. ويتعيّن علينا أن نشير هنا إلى أن جزءاً من هذه الخطط لم يطرح من جانب الأميركيين أو تحت رعايتهم، بل من جانب المندوبين الفلسطينيين الذين وقعوا على بعض هذه الخطط التي تضمنت بصورة واضحة بقاء الكتل الاستيطانية تحت السيطرة الإسرائيلية. ومن بين هذه الخطط: خطة كلينتون، ومبادرة جنيف، ورسالة بوش (الابن) إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية أريئيل شارون [بتاريخ 14/4/2004، والتي اعترف بها بحق إسرائيل بضم الكتل الاستطيانية الكبرى في الضفة الغربية] وذلك في سياق الإعداد لخطة شارون للانفصال عن قطاع غزة.
- بيد أن المشكلة الحقيقية للسلطة الفلسطينية لا تكمن في البناء، بل بما قاله بوضوح أبو مازن لوزير الخارجية الأميركي أنه غير قادر على التنازل عن مطالبه لمعاودة المفاوضات "لأن الشارع الفلسطيني سيرفض ذلك وسيردّ بعنف". وفي الواقع، فإن هدف أبو مازن هو الوصول إلى أيلول/سبتمبر كي يدفع قدماً الخطوات الأحادية الجانب من أجل إقامة الدولة، وهو في هذه الأثناء يحاول كسب الوقت، لكنه سيفشل هذه المرة أيضاً.
- إلى جانب ذلك، تطالب السلطة الفلسطينية بإطلاق سراح المخربين الملطخة أيديهم بالدماء، والموقوفين قبل اتفاقات أوسلو. وهنا تجدر الإشارة إلى أن مشاهد العمليات الإرهابية التي تعرضت لها إسرائيل منذ أواسط التسعينيات حتى سنة 2000 لم تمح من الذاكرةالإسرائيلية، ولا يستطيع الإسرائيليون أن ينسوا أن الذين قادوا عمليات القتل الجماعي هم المعتقلون المطلق سراحهم والذين وقعوا على بيان تعهدوا فيه بعدم معاودة الإرهاب. وقد حدث هذا كله بعد اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً للشعب الفلسطيني، وقيام منظمة التحرير علناً بخرق بنود اتفاقات أوسلو التي تعهدوا فيها بعدم ممارسة الإرهاب.
- وهنا يطرح السؤال: هل يتعيّن على إسرائيل التنازل عن مصالحها الأساسية كل مرة يأتي فيها وزير الخارجية الأميركي إلى إسرائيل؟
- إن الحوداث التي جرت في الماضي عندما كان وزير الخارجية الأميركي يأتي إلى المنطقة وتوافق إسرائيل على تقديم تنازلات قبل بدء المفاوضات، تظهر كيف أدّى ذلك إلى تشدد الطرف الآخر في مواقفه. ويكفي هنا أن نتذكر ما جرى مع الرئيس [حافظ] الأسد ومسألة التنازل عن هضبة الجولان خلال حكومتي رابين وباراك [أي تمسك الأسد بما اطلق عليه اسم "وديعة رابين" التي تعهد فيهارابين للأميركيين بصورة افتراضية بالانسحاب الكامل من الجولان مقابل السلام الكامل مع سورية].
- إن الفرصة اليوم متاحة لإسرائيل و لممثلياتها في العالم كي تثبت مرة أخرى من هو الطرف الذي يرفض السلام الحقيقي.