في إمكان إسرائيل مساعدة الغرب أكثر في الحرب في أوكرانيا
تاريخ المقال
- مع قيام حكومة نتنياهو، ازدادت التوقعات الدولية بشأن حدوث تغيير في موقف إسرائيل من الحرب في أوكرانيا. وبينما يقوم الغرب "بتحطيم السقوف الزجاجية" فيما يتعلق بحجم وفتك السلاح المقدَّم إلى كييف، يُمارَس ضغط على إسرائيل "للتضحية بنفسها من أجل الصالح العام". مجموع التحديات التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية يفرض عليها تغيير نقطة التوازن بين روسيا والغرب، على الرغم من كل الحذر.
- سُرِّب أن مجلس الأمن القومي يفحص سياسة إسرائيل تجاه المسألة؛ حتى أن نفتالي بينت صرّح في الأسبوع الماضي بأن "سياسة الوقوف موقف المتفرج" التي قادها خلال ولايته (والمستوحاة من السياسة التي صاغها نتنياهو منذ سنة 2015) كان لها إنجازات، لكن في الفترة الزمنية الراهنة، من المهم التفكير في تغييرها.
- هناك اعتباران للمحافظة على السياسة الحالية. الأول، المصلحة الإسرائيلية في الحؤول دون نشوب أزمات كبيرة مع روسيا. وبعد مرور عام على الحرب، من الواضح أن روسيا لا تزال لاعباً مؤثراً في الشرق الأوسط - وهي توطد علاقاتها مع إيران وتركيا ودول الخليج. لا تنوي موسكو إخراج جنودها من سورية، وهي تحتفط بقدرة إيذاء ضد إسرائيل. في الوقت عينه، فإن نظرة واسعة إلى مشكلات السياسة الخارجية الروسية في العالم، تُظهر أن جميع شركائها يتحدّونها. روسيا تهدد، لكنها تضطر إلى احتواء التغييرات السيئة بالنسبة إليها.
- الاعتبار الثاني، إسرائيل فريدة في نوعها، مقارنةً بالأغلبية المطلقة لدول الغرب: فهي ليست عضواً في أي حلف عسكري رسمي، وتدافع عن مصالحها بنفسها. تعدُّد الصراعات المتفجرة وعدم الاستقرار المستمر في الساحة الداخلية يفرضان عليها تجنُّب خلق عداوات جديدة. من هنا، المقارنة المتكررة بينها وبين دول البلطيق (التي تقدم مساعدة إلى أوكرانيا تبلغ نسبة مئوية معينة من ناتجها المحلي) ليست عادلة.
- في المقابل، تراكمت اعتبارات كثيرة من أجل تغيير السياسة الحالية. أولاً، في وقت تزحف فيه إيران إلى عتبة النووي، فإن إسرائيل بحاجة إلى الدعم الكامل من الولايات المتحدة ودول الغرب. إن قدرتنا على مطالبتهم بالانخراط في مواجهة التحدي الأهم والأكثر إلحاحاً بالنسبة إلينا، تتطلب أن تبدو إسرائيل منخرطة في التحدي الأمني المُلح بالنسبة إلى الغرب - روسيا. هذا بينما تحولت موسكو إلى ركيزة استراتيجية مركزية لطهران (وهذا سيتعمّق لاعتبارات لا علاقة لها بإسرائيل). وهذه ليست حجة خيالية، بل عملية ربط يقوم بها مندوبون غربيون في كل حديث مع الإسرائيليين.
- ثانياً، حتى لو لم "تقفز طهران إلى النووي"، فإن جدول الأعمال الإسرائيلي – الغربي سيمتلىء في الأشهر القادمة بالخلافات - الإصلاح القضائي، والسياسة في المناطق الفلسطينية، وموضوع إيران أيضاً، ما دامت المفاوضات معها مستمرة. قابلية الساحة الفلسطينية للانفجار، وخطر نشوب مواجهة واسعة النطاق مع حزب الله، أو في سورية - تفرض توازناً في جدول الأعمال الإسرائيلي - الغربي، والموقف من الحرب في أوكرانيا يمكن أن يساعد في ذلك.
- ثالثاً، سياسة الوقوف موقف المتفرج تضرّ بصورة إسرائيل في العالم. فتبرير خصوصية الوضع لا يغيّر شيئاً، وإن المُحاور الخارجي سيعتبر أن "إسرائيل تخاف من روسيا". الرئيس الأوكراني يدّعي أن أوكرانيا يجب أن تتحول إلى "إسرائيل كبيرة"، أي دولة شجاعة مسلحة بصورة جيدة، تعرف كيف تدافع عن نفسها بقواها الذاتية، إذا ساعدوها بالمال والسلاح...
- رابعاً، دور الوسيط بين الطرفين الذي انتهجه بينت، لم يعد مطلوباً الآن، وحتى لو عادت الحاجة إليه، فإن إسرائيل لم تعد تستوفي الشروط. العلاقات الحميمة بين القدس وواشنطن وموسكو وكييف تبددت، ولم يعد لدى إسرائيل حوافز خاصة حيالها.
- في الخلاصة، ومن دون علاقة "بالوقوف مع الطرف الصحيح في التاريخ"، وفقط من أجل مصالحها، يتعين على إسرائيل الاستجابة أكثر للمطالبة الغربية منها بالمساعدة في الجهد الحربي في أوكرانيا. صحيح أنه يجب المحافظة على ضبط النفس، وعدم نقل سلاح فتاك مباشرة إلى كييف، كي نثبت لموسكو أيضاً أن لدينا المزيد من الأدوات في جعبتنا، لكن بالتأكيد هناك هامش للمناورة من أجل تقديم المزيد.
- وماذا سيفعل بوتين؟ سيسكت على مضض. ليس لديه الكثير من الخيارات.