تتحدثون عن قطر؟ تعالوا واسمعوا أين يكرهون الإعلاميين الإسرائيليين فعلاً
تاريخ المقال
- حان الوقت إلى بعض التروي من جانب المراسلين الرياضيين ومندوبي الإعلام إلى المونديال في قطر، الذين اكتشفوا وتفاجأوا - وتحدثوا عن ذلك بتفصيل دقيق - بكمية "الكراهية" حيالهم كونهم إعلاميين إسرائيليين فقط. ولأن الحديث يدور عن مراسلين رياضيين، ليسوا مراسلين ميدانيين، وفقط تم إرسالهم إلى الدوري الرياضي مرة واحدة في الخليج، سأسمح لنفسي بأن أحدثهم عن مكان آخر، حيث هناك مَن يعانون كراهية حادة... وفقط لأنهم إعلام إسرائيلي.
- أدعو المراسلين الإسرائيليين في قطر إلى الخروج إلى شوارع البلد في أيام الروتين المباركة. هذا يمكن أن يكون في تل أبيب، أم الفحم، شرقي القدس، بيت شيمش، أشكلون، أو إلى جانب أي بؤرة في منطقة نابلس. حيث في اللحظة التي ترفع المايكروفون أو الكاميرا، لن تعرف كيف سينتهي يومك في العمل. رأيت صحافيين يتعرضون للضرب، حجارة تسقط عليهم وحفاضات مستعملة، بالإضافة إلى مرافقة شرطية بعد أن ثقبت اطارات السيارة التي كان من المفترض أن تأخذك إلى المنزل.
- من أجل ذلك، ليس عليك السفر إلى إحدى الإمارات الإسلامية. حاولوا مثلاً الوصول إلى بلدة أو مدينة تُعَد أحد معاقل اليمين، وتغطية أيّ حدث سياسي أو أمني من هناك. فباستثناء الصحافي التابع لقناة "التراث اليهودي" 14، فإن الأغلبية المطلقة من المصورين والمراسلين يتعرضون فوراً إلى موجة من الشتائم، والبصق، والتهديدات، وكل ما يلحق مَن يطلق عليهم الجمهور صفة "خونة". لن يساعد الذهاب إلى القضاء، ولن يساعد أيضاً الكشف عن جرح من لبنان. يكرهونك لمجرد كونك صحافياً، ممثل الإعلام المكروه، اللا صهيوني، اليساري والخائن الممول طبعاً من حكومات أوروبية.
- في الضفة الغربية والقدس الشرقية، من الصعب أيضاً القيام بتغطية "مهنية" ميدانية، لأن الأمور ستنقلب سريعاً إلى فيلم رعب. تهديدات وإلقاء حجارة من الفلسطينيين من جهة؛ ومن جهة أخرى غاز مسيل للدموع وعنف من الشرطة. الطرفان يرون فينا ممثلين لهيئات سيئة تتنافس وتتقاتل من أجل المال.
- أدعو المراسل الرياضي المسلح بصفحة إحصائيات ومعطف ملون الذي يريد أن يشعر بكراهية حقيقية، التخلى عن الدلال القطري، وأن يحاول تغطية العنف والإجرام في المجتمع العربي داخل إسرائيل. قتلُ صحافي - كان في يوم من الأيام سيناريو مبالَغاً فيه - حدث فعلاً في أيلول/سبتمبر الأخير، حين قام مجهولون بإطلاق النار على نضال اغبارية من أم الفحم. صديقه المقرب حسن شعلان مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت" تعرض إلى إطلاق النار على منزله، وعلى غرفة أطفاله، عبوة وتهديدات، إلى جانب الشعور بالعجز.
- بالمناسبة، تم الاعتداء على شعلان بالضرب على يد الشرطة، أكثر من مرة. كراهية الإعلام في إسرائيل غير معزولة عن السياق. الجزء الكبير منها هو نتاج تحريض السياسيين وأذرعتهم، وهو ما يؤثر أيضاً في أجهزة فرض النظام. فعلى الرغم من أن الحديث يدور عن دولة تعرّف نفسها بأنها "ديمقراطية"، فإن الاعتداءات على الصحافيين بالأساس تتم على يد الشرطة. بالنسبة إلى الشرطة، لا يهم إن كنت تصور تظاهرة، أو تشارك فيها. فالخيالة وأقدام الخيول ستدوسك من دون أيّ تخوف من الرقابة الاجتماعية. المصور سيحصل على ضربة في الوجه، الكاميرا ستُكسر، ومضخات الماء ستجعلك تلتصق بالأرض. وحتى إذا تم الاعتداء عليك من مواطن، ففي أغلب الأحيان يكون الشرطي ينظر إلى الجهة الثانية.
- الوصف أعلاه ليس خيالياً، ولا نادراً. في الآونة الأخيرة، تعرضت شخصياً إلى عدة اعتداءات كانت ستنتهي باعتقالات في دولة طبيعية. أنا والصحافي يارون شارون عانينا جرّاء الاعتداء بالضرب وغاز الفلفل في العيون وتكسير للمعدات، خلال تغطيتنا الاعتداء الذي قام به داعمو اليمين على موسى سعيد في بات يام في أثناء "حارس الأسوار" (الشرطة لم تقم بأي شيء للدفاع عنا). تعرضنا للعنف وتضررت معداتنا حين وثّقنا صلاة عادية خلال انتشار وباء كورونا في بني براك [حي في تل أبيب يقطنه الحريديم]. كما تم الاعتداء علينا بمضخات الماء والخيول خلال تغطية تظاهرات اليسار في بلفور. بصق وشتائم في كل تغطية لساحة عملية، حتى توقفنا عن العد، وهذا يشمل سحب المايكروفون بسرعة خلال التغطية. الوصول إلى موقع من أجل تغطية سقوط قذيفة من غزة انتهى بتحطيم المعدات.
- لذلك، أنا أحسد المراسلين الرياضيين اللطيفين وغير الواعين لما يحدث مع الزملاء في وطنهم. امنحوني الفرصة للتغطية من مركز تجاري فخم ومكيف أكثر من اللزوم في الدوحة. امنحوني الفرصة لتغطية مشجعين غير سكارى تحت رقابة شرطة فعالة تقوم بدروها. امنحوني الفرصة لمقابلة أناس من دون غطاء المايكروفون الذي يرمز إلى القناة، أن أكذب على مَن أقابلهم، وأن أستبدل هويتي القومية. أتمنى أن تكون أكبر مشاكلي أن يترك أحدهم المقابلة وهو يقول "الحرية لفلسطين". ربحتم تغطية المونديال؟ قفوا بثقة وقوموا بعملكم.