لماذا يجب على العرب التصويت؟
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- لماذا يجب على المواطنين العرب المشاركة في الانتخابات؟ الدولة ليست دولتهم، ولا النشيد الوطني نشيدهم، بالإضافة إلى قانون القومية. الانتخابات ليست لهم، وكذلك الكنيست والأحزاب اليهودية، التي تهرب منهم كأنهم مرض مُعدٍ. وإذا كان لا بد من مشاركتهم في الانتخابات، فهذا من أجل مستقبلهم البعيد جميعاً، بين البحر والنهر، لكن ليس لإنقاذ اليسار الصهيوني من فشله. فهو لا يستحق.
- لقد تذكرهم اليسار والوسط الآن، كما تذكروا في الخمسينيات من القرن الماضي سكان المعسكرات التي شيدت للمهاجرين اليهود، وهذا لطيف. ولكن وقاحة هذا المعسكر لا تتوقف عند التذكُّر المتأخر، بهدف إنقاذ نفسه، بل هو أيضاَ يهدد وينظّر أخلاقياً. إن لم تأكلوا بالشكل الصحيح، سيأتي الشرطي. يائير لبيد، صديق الشعب الفلسطيني، والعرب في إسرائيل، وبصورة خاصة "اتباع حنين الزعبي"، هددهم بالأمس في الناصرة بأنه "إذا لم تخرجوا للتصويت، عليكم أن تعرفوا أن ما حصلتم عليه في العام الماضي سيؤخذ منكم." وباستعلاء استعماري، لم يذكر ما الذي "حصلوا عليه خلال العام الماضي" بالضبط. هل نسيتم الكرات البلاستيكية الملونة التي رُميَت عليكم؟ باستثناء ذلك، من الصعب أن يتذكروا تحسُّناً واحداً طرأ على حياتهم، واحترامهم، أو حقوقهم، من الممكن أخذه منهم.
- وينظّر الحكماء عليهم أخلاقياً أيضاً. فبعد أن وزع أوري مسغاف عليهم علامات العجز واتهمهم بالتدمير الذاتي، وشكك في أهمية ممثليهم، اتهمهم أخيراً بالمسؤولية عن الجريمة الأكبر: عودة نتنياهو إلى الحكم. مَن ذكّرهم بمجزرة مصفاة تكرير البترول في حيفا سنة 1947 [حين قامت منظمة الإرغون بإلقاء قنبلتين يدويتين على تجمع للعمال الفلسطينيين في المصفاة مما أدى إلى مقتل ستة عمال، قام على إثرها العمال الفلسطينيون بمهاجمة العمال اليهود مما ادى إلى مقتل 38 عاملاً يهودياً] كردّ صهيوني عادل للتعامل مع جرائم النكبة، ويرى أن العرب "يلعبون دور الضحية" و"متقلبون"، واقترح عليهم، كصديق طبعاً، أن يمارسوا قوتهم بالتصويت. من أجل ماذا؟ فقط لإنقاذهم. فقط لإنقاذ الذين أحسنوا إليهم منذ وقت طويل.
- في عالم مثالي، يجب على كل مواطن عربي الامتناع من المشاركة في الانتخابات، حتى يحصل أخوه الرازح تحت سلطة حكم إسرائيل في المناطق المحتلة على حق التصويت. هذا المستوى من التضامن والتضحية ليس واقعياً. العرب في إسرائيل يريدون التأثير في مصيرهم ومستقبلهم. عندما كانوا في ذروة قوتهم وحصلوا على المقاعد الـ 15 الأسطورية للقائمة المشتركة، كان يعتبر أن عدد أعضاء كنيست هو 105 عملياً. لم يحتسب أحد الـ 15 من القائمة المشتركة. ومنذ ذلك الحين، انخفضت قوتهم من دون أن يتراجع إقصاؤهم، باستثناء تجربة منصور عباس، التي أشك في أنها نجحت أصلاً.
- كل مقابلة مع عضو كنيست من الوسط لا تزال تبدأ بالسؤال الاتهامي: هل ستذهبون معهم؟ في الوقت الذي تنشغل نصف المعركة الانتخابية بهذا السؤال فقط، كيف يمكن أن يُتوقع من العرب أن يتجندوا للتصويت؟ بمَ عليهم أن يشعروا في ظل عملية الشيطنة التي يتعرضون لها والهجوم على ممثليهم، الذين تُعتبر أغلبيتهم من أفضل المنتخبين في الكنيست؟ أقل ما يمكن توقُّعه من معسكر "فقط لا نتنياهو"، هو أن تعلن قياداته بكل فخر: سنقوم بكل ما يلزم بهدف إشراك الأحزاب العربية في الائتلاف. ستستفيد إسرائيل من حكومة كهذه، وضمنها القائمة المشتركة.
- لا يوجد، ولن يكون هناك أحزاب عربية صهيونية. ونأمل أن يصوّت أقل وأقل من العرب للأحزاب اليهودية. لا يوجد شيء هناك إلا الإذلال. مكانهم في الأحزاب غير الصهيونية، على أمل أن تعبر القوائم الثلاث نسبة الحسم. من أجل هذا، وفقط لهذا السبب، عليهم أن يخرجوا للتصويت. بعدها، علينا أن نأمل بأن يقوم ممثلوهم بردّ الصاع لليسار الصهيوني على أفعاله طوال سنوات، وأن يوضحوا أن انضمام العرب إلى الائتلاف يتطلب تغيير الطريق جذرياً، أولاً في المعسكر الصهيوني.
- عندما يهدد اليسار-الوسط العرب بنتنياهو وإيتمار بن غفير، يجب ألا يشعر العرب بالخوف من تهديداتهم. رأينا "حكومة التغيير" في حملاتها الإجرامية داخل الضفة، ورأينا حربها على الإجرام في المجتمع العربي. هذا المعسكر كان سيئاً بالنسبة إلى الفلسطينيين وعرب إسرائيل، لدرجة أنه لا يملك أي حق في تحذيرهم من الأسوأ منه.