تبدأ المعركة الانتخابية اليوم، رسمياً، بعد انتهاء فترة الأعياد. وستحاول الأحزاب جميعها توضيح رسالتها الموجهة إلى الناخبين، والسؤال المطروح، أيُّ كتلة ستنجح في إخراج أكبر عدد من الناخبين من منازلهم. وتمتاز المعركة الانتخابية لسنة 2022 بحملات انتخابية أقل سلبية من المعارك الانتخابية الماضية، ومنضبطة أكثر، انطلاقاً من الإدراك أن استمرار الأزمة السياسية سيؤدي إلى شعور الجمهور باليأس، وقد يجعله يتردد في المشاركة في الاقتراع.
في هذه الأثناء، يبدو الوضع في كتلة معارضي نتنياهو إشكالياً. وتعتقد مصادر سياسية رفيعة المستوى أن رئيس الحكومة يائير لبيد غيّر استراتيجية حملته في خطابه الأخير في الأمم المتحدة. ولبيد لا يبذل جهداً كبيراً لتأجيج المعركة الانتخابية كي لا يثير الجانب الثاني، وهو بالتالي يعمل بتركيز وبصمت نسبي كي يصبح حزب يوجد مستقبل الحزب الأكبر في الكتلة بصورة قاطعة وواضحة.
هناك مَن يقول إن لبيد لم يبذل جهداً كبيراً في الحملة الانتخابية، وبينما يتنقل نتنياهو بين المدن المختلفة ويحاول إثارة الأرضية، يركز لبيد على عمله كرئيس للحكومة، اعتقاداً منه أن عمله هذا يمثل حملة إيجابية وسط الجمهور. ويركزون في حزب يوجد مستقبل على رفع نسبة المشاركة في الانتخابات في المجتمع العربي. وبحسب كل الاستطلاعات، فإن القائمة العربية الموحدة (راعام) والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش)، والقائمة العربية للتغيير (تعل)، هي فوق نسبة الحسم بقليل، وإذا بقيت إحداها تحت نسبة الحسم، فإن فرص لبيد في منع نتنياهو من الحصول على 61 مقعداً ستكون ضئيلة جداً.
وتشير الاستطلاعات إلى أن المعسكر الرسمي، برئاسة بني غانتس، سيحظى بعدد أقل من المقاعد التي سيحصل عليها يوجد مستقبل. ويحاولون في المعسكر تغيير ذلك في الأسبوعين الباقيين من خلال التركيز على أن "إسرائيل تواجه حالياً تحديات أمنية معقدة وحساسة تحتاج إلى رئيس حكومة يمتلك معرفة وتجربة أمنية". إلى جانب ذلك، هناك حملة ضد "كابوس نوفمبر"، ففي رأي المعسكر، غانتس هو الوحيد القادر على تفكيك كتلة نتنياهو ومنعه من الحصول على 61 مقعداً، ومنع "حكومة متطرفة يحدد فيها بن غفير وسموتريتش الخط السياسي والأمني."
في هذه الأثناء، يحاولون في الليكود تأجيج الأرضية بأي ثمن. الرسالة الأساسية "اذهبوا وصوتوا". ويقوم أسلوب العمل على الوصول إلى أكبر عدد ممكن من ناخبي اليمين بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال لقاءات يعقدها نتنياهو مع الجمهور في مراكز المدن، ومن خلال أنشطة يقوم بها أعضاء الحزب في كل أنحاء البلد. والهدف خلق جو يدفع الناس إلى الخروج من سباتهم، وإدراك الليكود أن هذا لن يحدث من خلال رسائل معقدة، بل من خلال رسالة واضحة هي أن الطرف الثاني غير قادر على تأليف حكومة. وبعكس لبيد الذي يعتبر التعادل فوزاً له، يريد نتنياهو تحقيق فوز واضح، من هنا يجري العمل، ليس فقط على الأرض، بل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال إرسال رسائل SMS إلى المؤيدين.
وبعكس الكتلة المضادة، فإن الأحزاب التي تنتمي إلى كتلة نتنياهو – الصهيونية الدينية، قوة يهودية، شاس، يهدوت هتوراه - ليست مهددة بعدم تمكُّنها من تجاوُز نسبة الحسم. ولا أحد منها يريد تحجيم حزب البيت اليهودي برئاسة أييلت شاكيد، باستثناء الليكود. حتى الآن، قرر الليكود عدم تأييد شاكيد، وعدم الدفع بها قدماً، خوفاً من أن هذه الدعوة لن تساعدها على تجاوُز نسبة الحسم، وستضيع الأصوات.
من جهة أُخرى، تواصل شاكيد تركيز حملتها على نتنياهو. ومنذ الغد، ستبدأ حملة شعارها "لا وجود لبيبي من دون شاكيد"، و"من دون البيت اليهودي، لا وجود لبيبي". في الأسبوعين المقبلين، ستواصل شاكيد أنشطتها الميدانية لإقناع الناخبين بالمشاركة في اللقاءات الانتخابية وتحميلها على الفايسبوك مباشرة على مدار الساعة. كما تخطط للقيام بسلسلة من المقابلات، مع رسالة مركزية موجهة إلى الناخبين، تحضّهم فيها على اقتراع استراتيجي.
في حزب العمل، وهو من الأحزاب القريبة من منطقة الخطر، أي عدم تجاوُز نسبة الحسم، سيجري التشديد على الحاجة إلى اقتراع استراتيجي. وكما في المعارك الانتخابية السابقة، في هذه المعركة أيضاً، سيجري التشديد على القيم وعلى اقتراح لبيد رئيساً للحكومة. وستتركز الحملة في المدن الأساسية لناخبي معسكر التغيير، والهدف الآن هو رفع نسبة الاقتراع وسط القاعدة التي شاركت في الاقتراع في المرات السابقة. وسيواصل الحزب في حملته انتهاج الخط الليبرالي في موضوعات الدين والدولة، وفي مسألة تسيير المواصلات العامة يوم السبت، وستكون الذروة خلال إحياء ذكرى مقتل رئيس الحكومة السابق يتسحاق رابين الذي يصادف قبل 3 أيام من موعد الانتخابات، وسيقام في القدس.