الاتفاق الذي يقرّب نتنياهو من النصر؛ والخطر الحقيقي على التمثيل العربي
تاريخ المقال
المصدر
- في ظروف مختلفة، كانت نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه مانو غيفع في إمكانها أن تؤدي إلى حرب عالمية داخل صفوف اليمين. إذ أظهر الاستطلاع أن حزب سموتريتش وبن غفير لا يزال يقلص الفجوات في مواجهة "الليكود" ويصعد إلى 13 مقعداً، في وقت يحصل "الليكود" على 31. وللتذكير، في أيار/مايو، حصل "الليكود" على 35 مقعداً، و"الصهيونية الدينية" على 8 مقاعد، وهكذا فالتوجه واضح.
- كان من المفترض بهذا الاستطلاع أن يكون إشارة لبدء هجوم نتنياهو على أصوات الرجلين. لكن في الحقيقة، ليس هذا ما حدث. نتنياهو دعا بن غفير إلى لقاء شخصي، وحاول أن يتقاسم معه مناطق النفوذ: تم الاتفاق في اللقاء على عدم هجوم نتنياهو على أصوات "الصهيونية الدينية"، وأن يتراجع بن غفير خطوة إلى الوراء في معاقل "الليكود".
- مصلحة نتنياهو في العمل والتنسيق مع بن غفير مزدوجة: أولاً، يريد استغلال قوة بن غفير بهدف تكبير معسكره، لكن من دون أن يكون هذا على حساب "الليكود". الاستطلاعات الداخلية الخاصة بنتنياهو تشير إلى أن بن غفير يستقطب فئات خسرها نتنياهو منذ زمن بعيد. الحديث يدور عن الجمهور المحافظ الذي ينوي التصويت لغانتس أو شاكيد، أو الجمهور الذي لم يصوّت في المرات السابقة. وعلى الرغم من ذلك، فإن نتنياهو يتخوف من استمرار بن غفير في تعزيز قوته، لذلك، هو يراقب خطواته عن قُرب. فإذا كانت "الصهيونية الدينية"، على سبيل المثال، أكبر من "المعسكر الرسمي برئاسة بني غانتس"، فلن يستطيع نتنياهو تهديدها في كل لحظة بغانتس- وهو ما سيقلل هامش المناورة لديه. صحيح أن نتنياهو يفضّل حكومة يمينية متجانسة، لكن مجرد وجود الإمكانية سيقلل من ابتزاز شركائه ويعيد مطالبهم إلى أحجامها الواقعية.
- وعملياً، بعد أعوام طويلة كانت فيها الصهيونية الدينية" تتوسل نتنياهو كي لا "يبتلع" مقاعدها، الصورة الآن مختلفة. فلنتنياهو بصورة خاصة مصلحة في ألّا تبدأ هي في "ابتلاع" مقاعده. وفي المقابل، يبدو أنه لا مصلحة لبن غفير في التعاون، لأن اللحظة ملائمة له، لكن تجربة الماضي تشير إلى إمكانية أن يتحول الصراع في الأيام الأخيرة إلى صراع بين رأسين، لذلك، فإن المحافظة على الوضع القائم هي من مصلحة بن غفير أيضاً. الاثنان اتفقا على تنسيق حدود حملاتهما الانتخابية، وكذلك تنسيق الخطوات الإعلامية المهمة.
- هذه القصة تدلل حالياً على وجود أوركسترا في معسكر اليمين وقائد ينجح في استغلال أكثر ما يمكنه والاقتراب كثيراً من النصر في الانتخابات. التشديد هنا على "حالياً"، فإذا لم ينجح نتنياهو في الوصول إلى 61 مقعداً، فهناك لاعبون كثُر في معسكره أبدوا استعدادهم لدفع خطوات لم يتم التفكير فيها سابقاً. وبالأساس، داخل الغرف المغلقة، حيث يتم طرح سيناريو يتضمن الضغط على نتنياهو من شركائه للموافقة على شخصية أُخرى من "الليكود" تحاول تأليف الحكومة، وبذلك يكون ممكناً تأليف حكومة بمشاركة حزب "أمل جديد" برئاسة جدعون ساعر. بالنسبة إلى الحريديم، فهم يفضلون أن يكون ياريف ليفين، لكن التقديرات تشير إلى أنه سيكون من الصعب الدفع قدماً بخطوة كهذه من دون مباركة نتنياهو الذي لا ينوي الذهاب إلى أي مكان، حتى ولو خسر.
- وعلى الرغم من هذا كله، فإن كل حزب في المعسكر المقابل متروك لمصيره. في "ميرتس" و"حزب العمل" يشتكون من أن لبيد يحاول استقطاب ناخبيهم في الكيبوتسات والبلدات. ليبرمان أيضاً غاضب من محاولة لبيد تكبير حزبه على حسابه. معطيات تم نشرها هذا الأسبوع تشير إلى أن لبيد يستثمر في الإعلام الموجه إلى الجمهور القادم من روسيا في الفايسبوك بآلاف الشيكلات، نصف ما يستثمره ليبرمان. وبحسب معطيات مانو غيفع فإن 17% من القادمين من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، ينوون التصويت للبيد، مقابل 20% لليبرمان. حالياً، قام ليبرمان بإرسال رسالة إلى لبيد، مفادها أنه يتوقع منه تكبير كتلته وعدم التهام الأعضاء فيها.
- لكن ذروة الذروات تحدث في الشارع العربي. قبل الانتخابات بثلاثة أسابيع، يبدو أن التمثيل العربي سيتقلص بشكل جدي. "التجمع" يعزز قوته بسبب موجة القومية التي تجتاح الشارع العربي، ويقوم بذلك على حساب تحالُف "حداش - تعل"، الموجودة على حدود نسبة الحسم. الحملة الانتخابية الحادة التي يقوم بها كلٌّ من الطيبي وعودة، بعد المواجهات في القدس، هي محاولة لوقف هذا التوجه وإنقاذ ما تبقى من القائمة المشتركة.
- الشعور بعدم الرغبة في الخروج للتصويت واضح في الشارع العربي، والسبب هو شعور الكثيرين بأن الهجوم عليهم بات أقوى خلال فترة حكومة بينت - لبيد، التي كانت سياساتها كسياسات نتنياهو، وحتى أخطر. وبشكل مقلوب، يبدو أن هجوم نتنياهو على تعاوُن بينت مع العرب هو ما سيؤدي إلى أن العرب أنفسهم هم الذين ينصّبونه.