هل من المسموح للتجمع معارضة دولة يهودية وديمقراطية؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • تبحث المحكمة العليا اليوم في الالتماس الذي قدمه مركز "عدالة" بشأن قرار لجنة الانتخابات المركزية شطب حزب "التجمع". وكانت اللجنة شطبت "التجمع"، استناداً إلى بند في القانون يمنع حزباً "ينكر وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية" من طرح مواقفه. وبحسب قواعد هذه الطقوس، فإن المحكمة العليا ستقبل الالتماس ويُشطب الشطب، ويستطيع الحزب مرة أُخرى أن يطرح نفسه حامياً للديمقراطية. ومن المتوقع أن يقوم بذلك لأنه من الصعب إثبات أن "التجمع" يرفض فعلاً وجود إسرائيل كدولة يهودية، لكن بذلك لن يتم إثبات ديمقراطية دولة إسرائيل. على العكس، فمجرد وجود بند مضر كهذا في القانون هو مظهر غير ديمقراطي، نقطة سوداء في دفتر قوانين إسرائيل، نادراً ما يتحدثون عنه.
  • كان من المفروض أن يكون لـ"التجمع" الحق في خوض الانتخابات، حتى ولو أثبت، من دون أي شك، أنه يعارض وجود إسرائيل كدولة "يهودية وديمقراطية" بصورة حاسمة. ومن دون هذا الحق، لا يمكن اعتبار إسرائيل دولة ديمقراطية. الحديث هنا لا يدور عن ديمقراطية تدافع عن نفسها، لأنه لا يوجد شيء غير ديمقراطي في رؤية تقوم على المساواة. في الوضع المثالي، فإن دعم دولة يهودية، حيث يسود تفوّق يهودي، هو ما يجب إخراجه من القانون، لأنه غير ديمقراطي، ويجب أن يؤدي إلى شطب الأحزاب التي تدعم ذلك - بما معناه، جميع الأحزاب اليهودية.
  • خسارة ألّا يستطيع "التجمع" طرح الرؤية التي كان من المفترض أن تكون رؤيته: ديمقراطية بين البحر والنهر. لو طُرح ذلك لشُطب، وتم تجريمه وإخراجه خارج القانون. لذلك، فإنه يكتفي بطرح دولة لجميع مواطنيها كحل وسط. لكن في أوساط واسعة، ضمنها الوسط - اليسار، حتى هذا الموقف غير شرعي. اليهود الإسرائيليون يستطيعون دعم الفكرة بطريقة ما، من المفضل أن يكون ذلك بصورة ناعمة، لكن هذا ممنوع منعاً باتاً على العرب، لأنهم سيتهمون بأنهم يطمحون إلى إبادة إسرائيل، إبادة مادية ونهائية، وضمنها محارق وغرف غاز، مع يهود يغرقون في البحر. حتى فكرة "دولة جميع مواطنيها"، شرط كل ديمقراطية - فأي ديمقراطية ليست دولة لجميع مواطنيها- يتم التعامل معها ككفر، وخيانة، ولا سامية، وتحريض على الإبادة.
  • معارضة النظام السائد في إسرائيل أمر غير شرعي. نحن نقدّر شجاعة كل مَن يعارض النظام في العالم - تمت مقابلتهم في الإعلام وحصلوا على جوائز- ولكن في إسرائيل هذا غير مقبول. لليهودي الحق في طرح نموذج مختلف، للعربي ممنوع. كلمة السر هنا طبعاً الصهيونية، التي تحدد النظام في إسرائيل أكثر من القيم الديمقراطية والمساواة والحرية.
  • النظام السياسي في إسرائيل هو نظام صهيوني، إسرائيل هي دولة صهيونية أكثر بكثير من الشعارات الكاذبة بكونها يهودية وديمقراطية، وهو تعريف فشل المرة تلو الأُخرى في الامتحان العملي وممتلئ بالتناقضات البنيوية. كان على إسرائيل الاختيار ما بين يهوديتها وديمقراطيتها، لكن هذا الخيار صعب. الأغلبية اليهودية، كما يبدو، ستفضل اليهودية على الديمقراطية، وهو ما ستخجل به إسرائيل. لذلك، هم يواصلون الحديث عن يهودية وديمقراطية، حتى ولو كان واضحاً أن هذا غير ممكن، ولا يوجد شيء كهذا في دولة تصرخ بثنائية القومية.
  • يجب على دولة تتباهى بحرية التعبير أن تسمح على الأقل بالتعبير عن معارضة النظام، وخصوصاً أنه نظام مغتصب، وظالم، وقمعي. يجب أن يكون هذا الصوت ممثلاً في الكنيست، حتى ولو كان مزعجاً للكثيرين. فالحديث لا يدور عن فكرة غير ديمقراطية، سيكون من الشرعي إخراجها عن القانون- عملياً، يدور الحديث عن الفكرة الأكثر ديمقراطية التي يمكن طرحها. لكن هذا كبير على إسرائيل ونظامها الصهيوني، لذلك، هي تحاول قتل الحديث قبل أن ينمو: مثلاً، عندما يتم طرح دولة جميع مواطنيها.
  • عندما يستطيع "التجمع"، أو أي حزب آخر، خوض الانتخابات تحت علَم الدولة الواحدة، سنعلم: بأن النظام في إسرائيل بدأ يتعافى.

 

 

المزيد ضمن العدد