أعلن مصدر سياسي رفيع المستوى أن رئيس الحكومة يائير لبيد رفض التعديلات التي طالب لبنان بإدخالها على مسودة الاتفاق لترسيم الحدود البحرية بين الدولتين. بحسب المصدر، وبعد اطلاع لبيد على التغييرات الجوهرية التي طالب لبنان بإدخالها على الاتفاق، طلب من طاقم المفاوضات رفضها. وقال المصدر إن "لبيد أوضح أن إسرائيل لن تتنازل عن مصالحها الأمنية والاقتصادية بأي صورة من الصور حتى لو معنى ذلك عدم التوصل إلى اتفاق قريباً". وأضاف المصدر أن إسرائيل ستستخرج الغاز من منصة كاريش في اللحظة التي سيكون هذا ممكناً. وتابع: "إذا حاول حزب الله أو أي أحد آخر مهاجمة المنصة أو تهديدنا - المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية ستتوقف فوراً وسيضطر حسن نصر الله أن يشرح للمواطنين اللبنانيين لماذا لن يكون لديهم منصة غاز ومستقبل اقتصادي".
وكانت وزيرة الطاقة كارين ألهرار (من حزب يوجد مستقبل) قد صرحت قبل رفض لبيد الملاحظات اللبنانية في مقابلة أجريت معها أن الاتفاق لا يتضمن أي تنازل عن أراض إقليمية تابعة لإسرائيل. وأضافت: "إنني على اطلاع على تفاصيل الاتفاق ويمكنني القول إنه جيد للدولة. لم نتنازل سنتيمتراً واحداً من مطالب المؤسسة الأمنية ولن نتنازل. إذا لم يكن اللبنانيون مهتمين حينها لن يكون هناك اتفاق". وهاجمت ألهرار كلام رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو الذي قال فيه إن حكومة برئاسته لن تكون ملزمة بالاتفاق قائلة: "هو فعلاً يخدم مصالح حزب الله. وهذا أمر كنت انتظره من أعدائنا وليس من نائب منتخب. وهذا يسيء إلى أمن الدولة".
ووفقاً لتقارير من لبنان تطالب الحكومة اللبنانية بتغيير البند في الاتفاق الذي يعترف بـ"خط الطوافات" – وهو الخط الذي حددته إسرائيل بصورة أحادية الجانب- ويشكل الحدود الأمنية لها كأمر واقع في البحر. وهذا الخط الذي ينطلق من رأس الناقورة ويمتد بضعة كيلومترات في قلب البحر يمر شمال الحدود البحرية التي بحسب الاتفاق يجب أن تمر بالخط 23.
وكان من المقرر أن يعقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية - الأمنية اجتماعاً خاصاً بعد ظهر اليوم (الخميس) لمناقشة مسودة اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان.
وأُعلن في بيروت أن لبنان نقل إلى واشنطن ملاحظاته على مسودة الاتفاق. وقال نائب رئيس مجلس النواب اللبناني الياس بو صعب إنه لا يعتقد أن التغييرات المقترحة ستؤدي إلى خروج الاتفاق عن مساره، ورجّح أن يتم توقيعه في غضون 15 يوماً.
وبدوره، قال نائب الناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة مستمرة في العمل مع إسرائيل ولبنان للتأكد من نجاح المحادثات بشأن ترسيم الحدود.
وأفادت صحيفة "الأخبار" اللبنانية أن القيادة اللبنانية وضعت ملاحظات على مسودة الاتفاق، وأشارت إلى أن هذه الملاحظات تتمحور حول رفض لبنان تكوين حزام أمان يوضع تحت السيطرة الإسرائيلية، بالإضافة إلى رفض الاعتراف بما يُسمى "خط العوامات"، كما يرفض لبنان إدراج فكرة ترسيم الحدود البرية في الاتفاق، ولن يُجري مباحثات تتعلق بحدوده، لكنه في المقابل سيعمل مع الأمم المتحدة لتحديد حدوده الدولية. كما ذكرت الصحيفة أن لبنان لن يوافق على إقامة حفل توقيع رسمي في الناقورة، بما يتماشى مع رغبة إسرائيل والولايات المتحدة.
وأكدت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين حكوميين لم تذكر أسماءهم، أن بيروت لم توافق على الاعتراف بحدود العوامات الإسرائيلية التي وضعتها القدس بشكل أحادي، على بُعد 5 كيلومترات من ساحل بلدة رأس الناقورة الشمالية سنة 2000، كحدود دولية. علاوة على ذلك، تريد بيروت أن تعمل شركة "توتال إنرجي" الفرنسية مع لبنان بشكل مستقل عن عملها مع إسرائيل، على الأرجح، نتيجة اعتراضها على التعويضات التي ستحصل عليها إسرائيل من شركات الطاقة في مقابل التنازل عن حقوقها في حقل قانا البحري للغاز.
ورداً على هذه التقارير اللبنانية، قال مسؤول كبير مقرب من رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد للصحافيين إن الحكومة تنتظر رد لبنان الرسمي على المخطط الأخير قبل أن تقرّر كيفية الرد. وأضاف هذا المسؤول أن لبيد لن يتنازل بأي حال عن المصالح الأمنية والاقتصادية لإسرائيل.
وعلى الرغم من عدم إعلان التفاصيل الكاملة للاتفاق، فإن دبلوماسيين مطّلعين على الأمر قالوا إن مسودة الاتفاق تعترف بحدود العوامات الإسرائيلية، وبعد ذلك ستتبع الحدود الحافة الجنوبية للمنطقة المتنازَع عليها، المعروفة باسم الخط 23. وأشاروا إلى أن المسودة تسمح للبنان بالاستفادة من الموارد الاقتصادية في المنطقة الواقعة شمالي الخط 23، بما في ذلك حقل قانا للغاز، بينما ستبقى إسرائيل مسيطرة على حقل غاز "كاريش".
تجدر الإشارة إلى أن إقرار الاتفاق في إسرائيل في أثناء فترة حكومة انتقالية جوبِه بموجة احتجاجات اكتسبت غطاءً سياسياً، ولا سيما أن إسرائيل تقترب من موعد انتخابات عامة في معركة قد تعيد المشهد السياسي إلى طريق مسدودة.
كما أن زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو أشار إلى أن الاتفاق غير قانوني، وأكد أنه إذا تولى مهمات رئيس الحكومة المقبلة، فلن يكون ملزماً باحترام ذلك الاتفاق، في حال أقرّته الحكومة الحالية.
وذكرت تقارير إعلامية أن رئيس الحكومة السابق نفتالي بينت يدرس استخدام حق النقض ضد إقرار الاتفاق بصفته رئيس الحكومة البديل.
وردّ وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس على الانتقادات التي وجّهها نتنياهو إلى الاتفاق الآخذ بالتبلور مع لبنان قبل الانتخابات بأقل من شهر، فقال في حديث لصحيفة "يسرائيل هيوم" إن الحديث يدور حول مفاوضات بدأت حين تولى نتنياهو رئاسة الحكومة، والآن وصلت إلى خط النهاية. ودعا غانتس نتنياهو إلى إبقاء المسألة خارج الملعب السياسي.