يجب التفكير في سياسة جديدة في شمال الضفة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

 

  • يمكن التوصل إلى ثلاث خلاصات بعد الحادث القاسي الذي قُتل فيه الرائد بار فيلح، على خلفية التصعيد العام في الضفة الغربية. الخلاصة الأولى تتعلق بتعليمات فتح النار. قبل أسبوع، دافع الناطقون الإسرائيليون عن أنفسهم أمام أميركيين رفيعي المستوى، وادّعوا أنهم كانوا شديدي التساهل بعد مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة.  الآن، بعد الحادث الأخير، سمعت في داخل إسرائيل انتقادات لأوامر قاسية بشكل مفرط. الحقيقة بسيطة: في ظروف أحداث عملانية تجري داخل بيئة آهلة بالسكان، يمكن للجندي أن يرتكب خطأين متعاكسين: إطلاق النار، ليتضح لاحقاً أنه أصاب شخصاً بريئاً؛ أو أن يرتكب خطأً لا يقلّ فداحةً، الامتناع من إطلاق النار، وتكون النتيجة مأساوية جداً.
  • المشكلة ليست في السياسة، أو في التعليمات التي تأتي من القيادة. أوامر فتح النار في عملية استباقية هي جزء من بند "الأسلوب"، ويحددها القائد الذي يقرر العملية (في هذه الحالة، هو من رتبة لواء). القائد هو الذي يقرر الأوامر التي تتلاءم مع صورة الوضع وفق قراءته له، وهو وحتى آخر جندي، يمكن أن يرتكبا أحد الخطأين المتعاكسين.
  • الملاحظة الثانية: ينفّذ الجيش الإسرائيلي في منطقة جنين عمليات كثيرة من أجل اعتقال مشتبه فيهم. وهو يحقق نجاحاً كبيراً، ليس فقط بسبب عدد الذين اعتُقلوا أو قُتلوا، بل أيضاً بسبب العدد الضئيل من الإصابات بيننا وبين المدنيين الأبرياء. لو سمحوا للقوات بإطلاق النار الكثيف من دون تمييز، لسقط مئات القتلى من الفلسطينيين، ولكُنا الآن في خضم مواجهة واسعة في الضفة الغربية كلها.
  • الواقع في شمال الضفة تغيّر في الأشهر الأربعة الأخيرة، والمطلوب فحص سياسة جديدة تشمل فرض حصار على قرى معينة. ومن الأفضل أن يكون موضوع أوامر فتح النار مندرجاً ضمن سياسة عامة، وليس موضوعاً ينتقل من هنا إلى هناك.
  • الملاحظة الثالثة لها علاقة بالتمييز بين القطاعات. عندما نقوم بعمليات اعتقال في مخيم اللاجئين في جنين، أو في نابلس، من الضروري إنهاء العملية خلال وقت قصير، لأن البيئة عدائية. وفي كل دقيقة، يمكن أن ينضم مسلحون يأتون من بعيد، وثمة احتمال كبير لحدوث مضاعفات. في المقابل، الحادث الأخير وقع في منطقة مفتوحة وقريبة جداً من الجدار الأمني. وفي مثل هذه البيئة، يجب انتهاج نهج مختلف.
  • في سنة 1992، وقبل اتفاقات أوسلو، عندما كان للجيش الإسرائيلي سيطرة عسكرية كاملة على المدن الفلسطينية، جرت في الخليل عملية "طنجرة ضغط". فقد حاصرت قوة من الجيش الإسرائيلي منزلاً كان يتواجد فيه مسلحان اثنان طوال يومين، إلى أن جرى القضاء عليهما بواسطة دبابات وجرافات وإطلاق نار عن بُعد. بعد أسابيع، وفي اجتماع مع رئيس الأركان إيهود باراك، ادّعى ضباط أن ما حدث هو أمر مُخزٍ، وأن "الجيش الإسرائيلي الكبير" تجنّد طوال يومين لقتل مسلحَيْن اثنين. رد باراك على ذلك: صحيح هناك أوضاع يجب العمل فيها بسرعة، وبالقوات المتوفرة فقط، لكن توجد هناك أوضاع أُخرى، مثل الوضع في الخليل، حيث هناك أمران مهمان-إلقاء القبض على العدو أو قتله، وعدم تعريض قواتنا للخطر.
  • الحكمة من ذلك هي معرفة التمييز بين الوضعين والتصرف بصورة مناسبة. الجيش الإسرائيلي يعلّم مقاتليه "السعي للالتحام"، وهذا أمر جيد. ولا شك في أن هذا المبدأ تحقَّق بالكامل في الحادث الأخير، بدءاً من اللواء، مروراً بالرائد فيلح، وحتى آخر مقاتل، وهذا يستحق الكثير من التقدير. لكن كما قال سقراط قبل 2400 عاماً، الشجاعة هي من أكبر الفضائل، لكن يجب أن نفكر متى وكيف نحقق هذه الفضيلة.