تذكير ببعض أوامر القتل في الجيش الإسرائيلي التي تُعد بمثابة جرائم حرب
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- برز اسم الضابط أفينوعام إيموناه في العناوين، في إثر إعلانه استقالته من الجيش، بعد أن تبين له أنه لن يحصل على الترقية التي أرادها. يبدو اسم عائلته [إيموناه يعني إيمان] كأنه منحه إياه مخرج يميل إلى الرمزية الفاضحة. هذا الضابط، المحبوب من أتباع بيبي [بنيامين نتنياهو] والمستوطنين، لا ينقصه الإيمان، وهو الذي أعلن خلال عدوان "الرصاص المصبوب" [على قطاع غزة] أن ما يقوم به في ساحة المعركة ينجح بفضل "المعجزات" التي تدلل على الرعاية الربانية. وفي ختام الحرب، حصلت الكتيبة التي كان يقودها على وسام البطولة.
- يشير أتباع نتنياهو إلى أن سبب إغلاق الطريق أمام هذا الضابط إلى هيئة الأركان العامة يعود إلى مؤامرة يسارية ضد آرائه اليمينية، وإلى إيمانه الديني الحاد (فهو لا يحرس الحرم الإبراهيمي فقط، بل يلتقط الصور وهو يصلي بداخله أيضاً) الذي لم يخبئه يوماً. وبهدف توصيل الصورة إلى المجتمع لأي ضابط خسر، تم نشر فيديوهات على شبكات التواصل الاجتماعي من بطولته. أحدها تم تصويره في يوم الدخول إلى غزة خلال "الرصاص المصبوب"، ويبدو فيه إيموناه وهو يخطب في جنوده. ومع ابتسامه غريبة لا تفارقه، قال لهم بما معناه أنه "لن يكون من الجيد الليلة أن تكون عربياً"، وردوا عليه بالضحكات والتصفير والتصفيق. مؤكداً "سترونهم يهربون طوال الوقت"، كمن يطرح رؤية توراتية. وأضاف، بفخر: "اقتلوهم وهم هاربون".
- هذا لم يُقَل بسبب الجو العام. لقد كانت أوامر. والأوامر يجب تطبيقها. جنوده صفقوا مرة أُخرى. نعم أيها القائد، سيقتلونهم وهم يهربون. ثم أمرهم "ابتسموا"، متابعاً أنه "يجب الاستمتاع بهذا". وأوصاهم "حاولوا"، ملوحاً بيده تجاههم للتأكيد، "حاولوا الاستمتاع بذلك".
- من الممتع القتل بملابس الجيش الإسرائيلي. صحيح، القتل. يحاولون الاستمتاع بذلك. يقومون به بابتسامة. الحرب بالنسبة إلى إيموناه، هي عملية ترفع المعنويات وتُفرح قلب الإنسان. عليه أن يقول هذا للكثيرين من الجنود الذين خرجوا من ساحة المعركة بأزمات نفسية عميقة، يعانون ويتألمون، ويحملون معهم آثار ما بعد الصدمة طوال الحياة، بدرجات مختلفة. الحرب هي جهنم. لكن أوامره تشير إلى أن الحديث يدور عن ساحة "صيد بط".
- إن الدافع لدى إيموناه هو ابتسموا، اقتلوا، واستمتعوا. ومن المعروف أن الحرب تُدار استناداً إلى قوانين الحرب الدولية التي تدعو إلى الالتزام بنسبة معينة أساسية من العدل والإنسانية والاحترام. ومن دون ذلك، لا يعود الموت شرعياً ويتحول إلى قتل. هذه القوانين تقرّ، بوضوح، أنه وفي اللحظة التي يضع الجندي فيها سلاحه جانباً ويستسلم، قتله ممنوع، وكذلك يُمنَع اللحاق به إلى أبعد من مسافة معقولة. كل خرق لهذه القواعد، التي تحدد السلوك المعقول، يُعَد جرائم حرب. ومقولة "اقتلوهم وهم يهربون" هي أوامر بالقتل. مَن عليهم أن يقتلوا؟ العرب. بغض النظر مَن هم من دون تفريق. وهذا عندما قال "من الليلة، لن يكون من الجيد أن تكون عربياً"، كل عربي. وماذا عن الجنود الإسرائيليين الهاربين؟ هل من المسموح أيضاً إطلاق النار عليهم من الخلف؟
- في مقالة نشرها إيموناه في سنة 2015 في المجلة العسكرية "معراخوت" التابعة للجيش الإسرائيلي، تحت عنوان "قيادة القائد في ساحة الحرب"، أطلق على "ابتسموا – اقتلوا - استمتعوا" صفة "كلمات مشجعة". وماذا يحدث إذا مات جنوده؟ على القائد أن يوضح لجنوده أن "هناك ما يشرعن الثمن الكبير، وسيكون ضرورياً." وأيضاً أنه "لمصلحتنا جاء الدور علينا للمشاركة في هذه المهمة السامية." لم يعد كافياً القول إنه من الممتع الموت من أجل أرضنا، بل يجب القول إنه يجب أن نموت من أجل أرضنا، مع ابتسامة على وجوهنا.