توقعات متناقضة بشأن نتائج زيارة المبعوث الأميركي جورج ميتشل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

وصل المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل إلى إسرائيل أمس للقيام بمحاولة أخرى من أجل استئناف المفاوضات [الفلسطينية ـ الإسرائيلية]. وسيلتقي ميتشل، اليوم وغداً، كلاً من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والرئيس شمعون بيرس، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ووزير الدفاع إيهود باراك، ورئيسة المعارضة تسيبي ليفني، كما سيلتقي [الرئيس الفلسطيني] أبو مازن و [رئيس الوزراء] سلام فياض.

وسيحاول ميتشل ممارسة الضغط على أبو مازن من أجل استئناف المفاوضات، كما سيحاول الحصول من نتنياهو على استعداد للقيام بمزيد من مبادرات حسن النية تجاه الفلسطينيين. ولا يعلق المسؤولون في ديوان رئيس الحكومة آمالاً على زيارة ميتشل وعلى إمكان إعادة الفلسطينيين إلى المفاوضات، ذلك بأن أبو مازن لا يزال، حتى الآن يرفض معاودة المفاوضات من دون تجميد تام للبناء في المستوطنات، بما فيه البناء في القدس الشرقية. غير أن وكالة أنباء أسوشيتد برس أوردت أمس أن أبو مازن اقترح أن تتولى الإدارة الأميركية إدارة المفاوضات مع إسرائيل بشأن الحدود النهائية نيابة عن السلطة الفلسطينية. ونقلت الوكالة عن مصدر فلسطيني رسمي قوله إن أبو مازن اقترح ذلك خلال المحادثات التي أجراها مع الرئيس المصري حسني مبارك، وإن القاهرة نقلت الفكرة إلى ممثلي الإدارة الأميركية.

إلا أن مصادر فلسطينية أخرى قالت لصحيفة "هآرتس" إن الرئيس الفلسطيني لا ينوي تفويض الأميركيين بإدارة المفاوضات نيابة عنه، وإنما سيكتفي بصيغة عمومية فحواها أن على الأميركيين الحصول على موافقة الإسرائيليين على الانسحاب إلى حدود سنة 1967.

وفي هذه الأثناء، يتأهب المسؤولون في رام الله للتعامل مع الضغوط التي سيمارسها المبعوث جورج ميتشل عليهم ("يديعوت أحرونوت"، 21/1/2009). وقالت مصادر فلسطينية أمس إنه تبين للفلسطينيين من خلال الاتصالات التي جرت بينهم وبين جهات أميركية ودولية مؤخراً، أن المجتمع الدولي معني بألاّ يرهن الفلسطينيون استئناف المفاوضات بتجميد الاستيطان، كما فعلوا حتى الآن. وذكرت المصادر أنه تجري دراسة إمكان اقتراح مجموعة من الحوافز الاقتصادية على الفلسطينيين لفسح المجال أمام عودتهم إلى المفاوضات.

وأضافت المصادر الفلسطينية: "إن الأميركيين يبحثون عن طريقة لمنح القيادة الفلسطينية سلماً للنزول عن الشجرة، فهم يريدون منا العودة إلى المفاوضات، وخصوصاً أن إسرائيل أعلنت تجميد الاستيطان، وأن هناك، عملياً، مفاوضات جارية بيننا وبين الأميركيين، وبين الأميركيين والإسرائيليين، بشأن مبادئ وأسس العملية السياسية". وأعربت المصادر عن تقديرات فحواها أنه إذا تم إعلان عقد مؤتمر اقتصادي من أجل الفلسطينيين، كما يبدو محتملاً، وإذا مُنح الفلسطينيون تعهداً أميركياً فيما يتعلق بالحل النهائي، فإن ذلك من شأنه أن يجعل الفلسطينيين يضفون مرونة على موقفهم، ويعودون إلى طاولة المفاوضات.

وفي جميع الأحوال، فإن المصادر الفلسطينية تتوقع أن يكون الجزء الأخير من الشهر الجاري حاسماً، وترى أنه من المحتمل إعلان استئناف المفاوضات خلال زيارة ميتشل لإسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وأوردت صحيفة "معاريف" (21/1/2010) أن أبو مازن اقترح على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تجميد البناء في القدس ستة أشهر من دون إعلان ذلك على الملأ، في مقابل بدء المفاوضات، غير أن نتنياهو رفض الاقتراح.

ووصف مصدر سياسي رفيع المستوى في القدس زيارة ميتشل الحالية بأنها "زيارة صيانة"، وأن "الهدف منها هو البرهنة على أن الولايات المتحدة مستمرة في تدخلها وقيادتها [للعملية السياسية] في مواجهة الشكوك الأوروبية". وأضاف المصدر أن الهدف من الزيارة هو التلميح لدول مثل روسيا وفرنسا بأن الولايات المتحدة لا تزال تقود المسارات في الشرق الأوسط، وبالتالي عدم ترك المجال أمامها لإيجاد موطئ قدم في المنطقة. وتابع المصدر قائلاً: "إن الهدف من هذه الزيارة هو ملء الفراغ، منعاً للتقدم بمبادرات كعقد مؤتر [دولي] في موسكو أو باريس".

ومع ذلك، تشير معلومات وصلت إلى جهات سياسية في القدس إلى أن المبعوث ميتشل ينوي محاولة دفع العملية [السياسية] قدماً والضغط على إسرائيل من أجل إعادة مناطق إضافية إلى الفلسطينيين وإلحاقها بالمناطق (أ)، وذلك لإقناع أبو مازن بالعودة إلى طاولة المفاوضات. كما يتبين من تلك المعلومات أن ميتشل ينوي الضغط على إسرائيل كي توافق على مجموعة من مبادرات حسن النية بعيدة المدى، بما فيها إطلاق أسرى معتقلين في السجون الإسرائيلية، وإزالة مزيد من الحواجز، وتخفيف الحصار المفروض على غزة.

وعلى حد قول تلك المصادر، فإن ميتشل يعتقد أن ثمة ضرورة لمبادرات حسن النية الإسرائيلية كي تكون بديلاً من رفض إسرائيل زيادة تجميد الاستيطان، كما أنه ينوي أن يعلن أن الدولة الفلسطينية ستقام ضمن حدود سنة 1967، مع الاعتراف بالتغييرات التي أحدثتها إسرائيل في مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] منذ ذلك الحين.