صفقة مع طهران
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

إيران تشكل تحديات خطرة لواشنطن. التحدي المباشر يتمحور في العراق. إن الاحتلال الأميركي وسقوط نظام صدام حسين أطلقا شيطان الطائفية في البلد وعززا الأغلبية الشيعية. الصراع العنيف الذي نشب بين الشيعة والأقلية السنية، صاحبة الهيمنة التاريخية، هو أحد العوامل الرئيسية التي تحول دون سيطرة نظام قابل للبقاء، أو حتى شكل لنظام كهذا، وخروج أميركي من العراق لا يبدو فشلاً مهيناً. وينظر إلى إيران الشيعية على أنها المفتاح الرئيسي سواء أكان لتهدئة الشيعة في العراق أم لفرض نظام قابل للبقاء.

الأمر الأقل إلحاحاً، ولكن الأهم من ذلك، هو موضوع السلاح النووي الإيراني. ومن الواضح للجميع أن نظام آيات الله عازم على امتلاك السلاح النووي. ومحاولات بلورة عقوبات دولية ضد إيران لم تنجح حتى الآن، واحتمالاته تبدو ضئيلة. وفكرة أن تقوم الولايات المتحدة أو إسرائيل بعملية عسكرية ضد إيران تبدو لكثيرين في الولايات المتحدة فكرة سيئة أو غير عملية.

وفيما يتعدى هذه التحديات المباشرة، من الواضح أن إيران تسعى لبناء مكانة مهيمنة في المنطقة عن طريق بلورة طوائف شيعية في عدد من دول الشرق الأوسط، ونشر نسختها عن الإسلام السياسي الراديكالي واستخدام الإرهاب. وتهدد إيران أصدقاء واشنطن وحلفاءها، بدءاً بإسرائيل مروراً بمصر والأردن وانتهاء بالدول المنتجة للنفط في الخليج.

لقد وضع بوش إيران في محور الشر. لكن الرسالة التي تبدو من كلام بلير، وربما أيضاً من تقرير بيكر ـ هاملتون، هي أن محاولة تهديد إيران وعزلها قد فشلت، وأن هناك جدوى، بل ربما ضرورة لمحاولة التحدث معها والتوصل إلى صفقة تحل المسائل المذكورة أعلاه.

ووفقاً لهذا المنطق، فإن الولايات المتحدة ستعترف بنظام آيات الله، وستعد بعدم محاولة تقويضه، وستتوصل إلى اتفاق معه بشأن مستقبل العراق، وستحاول ثني طهران عن نيتها تطوير السلاح النووي، وحملها على تبني سياسة أكثر اعتدالاً في لبنان وتجاه إسرائيل.

يُنظر إلى سورية، في خطوة كهذه، على أنها لاعب ثانوي. والتفاهم مع طهران سيؤدي أيضاً إلى تفاهم مع دمشق. في هذه الحالة، ستكف واشنطن عن العداء لنظام الأسد، وسيبدأ الأسد في أداء دور أكثر إيجابية في العراق (إغلاق الحدود في وجه المتسللين المناهضين للأميركيين)، وفي لبنان (الامتناع من إعادة تسليح حزب الله)، وعلى صعيد الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي (إبعاد قيادات "حماس" والجهاد الإسلامي من دمشق).

إن فرص تنفيذ خطوة بعيدة المدى من هذا النوع ليست كبيرة. أولاً، سيتعين على بوش أن يقرر أنه على استعداد لاتخاذ مجازفة مزدوجة: الموافقة من حيث المبدأ على تغيير الاتجاه في هذه القضايا الأساسية، والمجازفة بأن يتعرض، في نهاية المطاف، للمهانة لأنه غيّر الاتجاه وفشل. ثانياً، سيتعين عليه أن يختار مبعوثاً خاصاً لإدارة هذه الخطوة. وسيكون بيكر خياراً طبيعياً. فهل ستوافق وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس على مصادرة المجالات الأساسية للسياسة الخارجية؟

وأخيراً ـ هناك الخطوة نفسها والشركاء فيها. هل ستوافق إيران حقاً على وقف سياستها النووية؟ وهل تعرف الولايات المتحدة كيف تجري مفاوضات مع نظام يجمع بين التطرف الإسلامي والتطور الحديث؟

 

المزيد ضمن العدد 94