في الطريق إلى شرق أوسط جديد: مع خوف كبير على إسرائيل
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

تغييرات تكتيكية وتحالفات جديدة

  • شهدت العلاقات بين دول الشرق الأوسط انعطافة في الأشهر الأخيرة، وهو ما خلق مرحلة جديدة في خريطة القوى في المنطقة. حتى الآن، ليس المقصود "شرق أوسط جديداً"، لكنهم في القدس يتابعون، عن كثب، التطورات السياسية في المنطقة وخريطة المصالح الشديدة التشعب. في الخريطة الحالية، يزداد تدخُّل الصين وإيران، وفي المقابل، تقوم الولايات المتحدة بتوجيه الجهود والموارد نحو الحرب الروسية - الأوكرانية، وتخلق المزيد من الفراغ الذي يملأه آخرون.
  • في العاشر من آذار/مارس، وُقّع اتفاق بين إيران والسعودية، بعد قطيعة في العلاقات استمرت منذ سنة 2016. الوسيط كان الصين التي لديها مصالح اقتصادية في المنطقة، وخصوصاً الرغبة السعودية في أن تقوم إيران بخطوات للجم الحرب الأهلية في اليمن.
  • في الأسبوع الماضي، استقبلت المملكة وزير الخارجية السوري، بعد قطيعة مع دولته استمرت منذ بدء الحرب الأهلية في سورية. واعتُبرت هذه الخطوة تحضيراً لعودة سورية إلى حضن الدول العربية. في هذا الوقت، أعادت سورية وتونس فتح سفارتيهما في البلدين.
  • في الجانب الآخر من الخليج الفارسي، عيّنت إيران سفيراً لها في الإمارات، بعد سنوات من التوتر. وفي المقابل، أعلنت قطر والبحرين استئناف العلاقات بينهما.
  • وهذا الأسبوع، ذكرت التقارير أنه بعد قطيعة استمرت أكثر من عقد ونصف العقد، استقبلت السعودية رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، وإلى جانبه خالد مشعل.

أداة الصين

  • يقول الباحث الكبير في معهد دراسات الأمن القومي آساف أوريون: "في نظرة تاريخية واسعة، المقصود مرحلة جديدة منذ توقّف عجلة التاريخ في الربيع العربي." وتابع: "منذ سنة 2010، دخلت سورية في حرب أهلية، وتمركزت إيران في العديد من الفجوات التي نشأت في المنطقة، والدول المحيطة بها انقلبت ضدها. الآن، نحن نشهد نوعاً من إعادة التنظيم من جديد، وما يؤدي إلى بلورة ذلك هو أن الولايات المتحدة تركز على أجزاء أُخرى من العالم، كما أن استثماراتها في الشرق الأوسط تراجعت، أضف إلى ذلك، التراجع في استعداد الولايات المتحدة لاستخدام القوة منذ الهجوم الإيراني على السعودية في سنة 2019."
  • ووفقاً لأوريون، فإن النظرة السائدة في الشرق الأوسط بأن الولايات المتحدة أصبحت أقل التزاماً، تدفع دول المنطقة إلى التفكير في أنه عليها الدفاع عن نفسها بطريقتين: الأولى، تقليص الخطر من إيران نفسها، من خلال تسوية العلاقات والتهدئة، والدليل على ذلك استئناف العلاقات بين إيران والسعودية. والطريقة الثانية تنويع مصادر الدعم، كما يفعل عدد من دول المنطقة.
  • يقول أوريون إن "الصين لا تقترح ضمانات أمنية مثل الولايات المتحدة، بل تستخدم الأداة المفضلة لديها: الأداة الاقتصادية، وبهذه الطريقة تدفع قدماً بأهدافها السياسية."
  • ويجب التوضيح أن الولايات المتحدة لم تتخلّ عن المنطقة. والدليل أن السعودية تقيم علاقات مع الصين، وفي الوقت عينه، تطلب ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، وتشتري من شركة بوينغ الأميركية طائرات بعشرات مليارات الدولارات. يقول أوريون: "نحن نرى تنويع الدعم والتعددية في العلاقات والمورّدين والحوارات من دون اختيار طرف."
  • ليس فقط الصين وإيران، أيضاً إسرائيل قامت بخطوات مهمة جداً لتغيير الخريطة منذ توقيع اتفاقات أبراهام. إسرائيل أيضاً تتحدث مع الجميع؛ فعلى سبيل المثال، هي تتحدث رسمياً مع الإمارات، وبصورة غير رسمية مع دول أُخرى، محاولةً توسيع الاتفاقات. كما عادت الحرارة إلى العلاقات بين إسرائيل وتركيا في الأشهر الأخيرة، بعد قطيعة طويلة، وتعيد إسرائيل صوغ خريطة القوى.
  • تسلُّل الصين إلى المنطقة كقوة اقتصادية صاعدة يمسّ إسرائيل مرتين. أولاً، بسبب حقيقة تراجُع جهود الولايات المتحدة في المنطقة، وبالتالي ضعف مكانة إسرائيل، وأيضاً لأن الولايات المتحدة تعتبر الصين عدوتها الرقم واحد.

إيران ترسّخ وجودها

  • الجبهة الأكثر أهمية بالنسبة إلى إسرائيل هي بالطبع إيران، ولا سيما بعد ضعف محاولات إسرائيل عزلها. صحيح انه لا يوجد اتفاق مع إيران، لكن لا توجد عقوبات مهمة في هذا الشأن، وإيران بدأت بالتحول إلى طرف ترغب الدول في التقرّب منه للتخفيف من مخاطره عليها.
  • يقول أوريون: "إيران لديها ثقة كبيرة بالنفس، وتشعر بأن عزلتها انتهت. وهي تنشط بصورة كبيرة في العراق وسورية، وفي مواجهة تركيا. ومن المحتمل أن تنجح في تهدئة الحرب في اليمن. لا توجد قصة حب بين السعودية وإيران، ببساطة، هناك فائدة من إعادة العلاقات بين الدولتين في هذه المرحلة."
  • على الصعيد الأمني، حصلت إسرائيل على نظرة عن محور المقاومة الذي يضم إيران والعراق واليمن وسورية ولبنان، الذي ارتبط بالساحة الفلسطينية – بدءاً من تخطيط وتنفيذ الهجوم في مجدو وإطلاق عشرات الصواريخ من الأراضي اللبنانية على إسرائيل. وفي رأي أوريون، كون نصر الله يسمح لنفسه بالكثير، يؤكد أن صورة إسرائيل القوية تصدّعت، وهذا يؤثر فيها من الناحية الأمنية، وفي رغبة دول المنطقة في توسيع العلاقات معنا.
  • كما أن اعتبار إسرائيل أكثر ضعفاً في هذه الفترة من الناحية الداخلية، في أعقاب الاحتجاجات في البلد، وضعف الحكومة كما يُنظر إليها من الخارج، كل ذلك شجع على محاولات القيام بالمزيد من الهجمات ضدها في الوقت الحالي.
  • يدّعي أوريون أن حجم قوة إسرائيل في اتفاقات أبراهام مبنيّ على الإحساس بالأمن الذي تقدمه، واستعدادها لاستخدام القوة ومكانتها السياسية التي تشمل العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة. وهذان الأمران ضعفا في الفترة الأخيرة. حتى الآن، لم يُدعَ رئيس الحكومة إلى واشنطن، وتم إلغاء زيارته إلى الإمارات، بعد صعود بن غفير إلى حرم المسجد الأقصى.

وجهة النظر الإسرائيلية

  • مصدر سياسي يحاول تصوير الأمور بطريقة مختلفة، ويدّعي أن التطورات السياسية - الأمنية هي "نتيجة شعور إيران الكبير جداً بالإحباط، لأنها بعد أن أقامت أذرعاً لها في المنطقة وقدمت الجزء الأكبر من ميزانية "حماس"، فإن هذا لم يردع إسرائيل عن مهاجمتها في كل الساحات."
  • في رأيه، "إسرائيل تحبط كل النشاطات التي تهدف إلى استنزافها وتدميرها، وهذا يتحول إلى علامة كلاسيكية للضعف العربي المتراكم."
  • بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من تراجُع الدعم الأميركي، فإن إسرائيل تفتتح ممثليات لها في الدول المحيطة بإيران، مثل أذربيجان والبحرين والإمارات، وقريباً ستفتتح سفارة في تركمانستان.
  • ومثل المصالح الاقتصادية مع الصين، تعمل إسرائيل بصورة مشابهة لتعميق العلاقات مع دول كانت تربطها بها علاقات في الماضي. ويجري الدفع قدماً بمشاريع اقتصادية مع الولايات المتحدة والهند والإمارات، ومن المتوقع عقد الاجتماع السنوي لمنتدى النقب في المغرب في أيار/مايو المقبل، والذي سيكون استمراراً للقمة التي عُقدت في السنة الماضية في سديه بوكر.
  • النشاط الإسرائيلي يدفع الإيرانيين إلى الرد بالطريقة عينها، ومحاولة تجنيد حلفاء في المنطقة، وفي رأي القدس، هذا هو سبب اتصالات إيران بالسعودية والإمارات والبحرين.
  • وماذا بشأن إسرائيل والسعودية؟ لا توجد مؤشرات تدل على حدوث اختراق إسرائيلي في المنطقة قريباً، وذلك في ضوء شخصية بعض الوزراء الكبار في إسرائيل. مع ذلك، فإن وزارة الخارجية لا تستبعد مثل هذا الاحتمال.

 

 

المزيد ضمن العدد