ربما المطلوب هجوم محدود لكسب الوقت
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • تسعة رؤساء للحكومة الإسرائيلية، من يتسحاق رابين وصولاً إلى بنيامين نتنياهو، حلموا بهجوم أميركي ينهي البرنامج النووي الإيراني. خمسة من الرؤساء الأميركيين، من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، من بيل كلينتون وصولاً إلى جو بايدن، بددوا هذه الآمال. وفي المستقبل أيضاً، يبقى احتمال حدوث عملية عسكرية أميركية ضئيلاً ومحدوداً، وكسيناريو أقصى. الولايات المتحدة تركز على مشكلاتها الداخلية، وعلى التهديدات من الصين وروسيا، وعلى أزمة المناخ. ولا وقت لديها لمواجهة تحديات كبيرة أُخرى إلا إذا فُرضت عليها.
  • ووفقاً للتقارير، مؤخراً، بعثت الولايات المتحدة برسائل إلى إسرائيل بشأن نيتها التوصل إلى حل سياسي مع إيران، على الرغم من كل شيء، بصورة اتفاق موقت يعتمد على رفع جزئي للعقوبات في مقابل تجميد تخصيب اليورانيوم تحت الدرجة العسكرية 60%. هذه الحقيقة تطرح من جديد مسـألة قدرة إسرائيل على العمل بصورة مستقلة لإحباط البرنامج النووي. في بداية الألفية الثالثة، كان من الممكن التفكير في مصطلحات القضاء على البرنامج النووي، لكن منذ ذلك الوقت، راكمت إيران معرفة لاستئنافه خلال وقت قصير جداً، حتى بعد الهجوم عليه.
  • وفي الواقع، توجد بدائل أُخرى. والمقصود مخاطرة ليست صغيرة، ويجب القيام بها بعد استنفاد كل الوسائل، وبعد أن توشك إيران على تخطّي العتبة النووية. فالعقيدة الأمنية الإسرائيلية اعتمدت دائماً على مزيج من الردع والحسم العسكري، عندما يكون الهدف كسب الوقت. ونادراً ما نجحنا في وضع حد للتهديدات. الهجوم على المفاعل النووي في العراق في سنة 1981 أدى إلى تأجيل البرنامج النووي سنوات معدودة فقط، إلى أن دمرته حرب الخليج من جديد. ومن المعقول أن سورية تسعى لاستئناف العمل في برنامجها النووي الذي أحبطته إسرائيل في سنة 2007. في هاتين الحالتين، كما في الحروب ضد الدول العربية، حققت إسرائيل الأهداف التي وضعتها لنفسها، وفي محورها كسب الوقت.
  • أيضاً في الحالة الإيرانية، ستضطر إسرائيل إلى الاكتفاء، على ما يبدو، بالسعي لكسب وقت محدد. ليس من الضروري أن يكون الهدف الحقيقي، كما تتخوف منه الولايات المتحدة، جرّها إلى حرب، بل تعزيز قدرة المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات دبلوماسية واقتصادية حاسمة. إن الحافز الذي سيدفع الأطراف إلى التوصل إلى اتفاق يمكن أن يكون الخوف من هجوم إسرائيلي آخر إذا استأنفت إيران برنامجها. ومن أجل القيام بعملية محدودة من هذا النوع، فإن قدرات إسرائيل كافية بالتأكيد.
  • يوجد في الولايات المتحدة افتراض أن عملية عسكرية إسرائيلية ستؤدي إلى مواجهة إقليمية واسعة النطاق. يجب عدم تجاهُل مثل هذه الإمكانية والاستعداد لمواجهتها، لكن احتمال حدوثها ضئيل. ومن المتوقع أن يكون الرد الإيراني عليها مدروساً، ومن المحتمل ألّا تتطور الأمور وتخرج عن حدود هجوم محدود على أهداف متفرقة تابعة للولايات المتحدة، أو دول الخليج. إيران دولة متطرفة، لكنها ليست دولة انتحارية، وهي تدرك جيداً موازين القوى. وفي سيناريو تخاطر فيه بالدخول في حرب ضد إسرائيل، فإن الدخول في نزاع عسكري حقيقي مع الولايات المتحدة هو آخر ما ترغب فيه؟
  • ومن أجل سيناريو كهذا - مواجهة كبيرة مع إسرائيل - إيران زودت حزب الله بمخزون هائل من الصواريخ والمسيّرات والوسائل القتالية المتطورة. ومن أجل هذا الغرض، هي تبني قدرات في سورية، ونصبت صواريخ في العراق واليمن. ومثل هذه المواجهة يتلاءم أكثر مع سياسة إيران، ويمكن أن يُستقبل بصورة جيدة في الداخل الإيراني، وفي الساحتين الإقليمية والدولية. وقد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة على عدد من الجبهات في آن معاً، ومن المتوقع أن تتعرض الجبهة الداخلية لدمار بأحجام لم نشهدها من قبل.
  • وفي الواقع، فقط اتفاق سياسي، ولو كان ممتلئاً بالشوائب، يمكن أن يؤدي اليوم إلى تأجيل مهم في البرنامج النووي. وكالعادة، المقصود اختيار البديل الأقل سوءاً. فإسرائيل غارقة في أخطر أزمة داخلية في تاريخها، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي وعد بوضع إيران على رأس سلّم أولوياته، مشغول بمحاولة إنقاذ نفسه من حكم المحكمة. وأوضح طيارون واحتياطيون أنهم لن يخدموا حكومة تقوّض الديمقراطية. الشعب منقسم. السعودية والإمارات استأنفتا علاقاتهما مع إيران، ومصر على الطريق، والمحور الإقليمي الذي كانت إسرائيل تطمح إلى بنائه يتفكك. علاقات إيران بالصين وروسيا تتعمق، والأزمة في علاقتنا بالولايات المتحدة عميقة. كل الاستراتيجيا التي بناها نتنياهو انهارت.
  • عندما تحين ساعة الحقيقة، وعندما تُستنفد كل البدائل، من المعقول أن تجد إسرائيل نفسها وحيدة في مواجهة إيران. حينئذ، لن يكون أمامها من خيار سوى التحرك عسكرياً، والأمل بأن تنجح في تحريك العمليات السياسية المقترحة. لا يمكن توقُّع كل شيء مسبقاً. لكن يجب أن يكون واضحاً أن المقصود سيناريو سيئ، بينما البديل الآخر - السماح لإيران بأن تصبح نووية - هو أكثر سوءاً بكثير.
  •  
 

المزيد ضمن العدد