من دون قصد إسرائيل يمكن أن تنهار من الداخل
تاريخ المقال
المصدر
- قيلَت أشياء كثيرة عن الارتباط بين يوم الذكرى [ذكرى مقتل الجنود الإسرائيليين] ويوم "الاستقلال" والانتقال السريع والحاد الذي يفرضه علينا الوقت القصير الذي يفصل بينهما؛ الانتقال من الحُزن الشديد إلى الفرحة، ومن الصمت والعزاء القومي، إلى الأجواء الصاخبة للعيد، والاحتفال والتهليل.
- يواجه كثيرون من الإسرائيليين، وخصوصاً العائلات الثكلى والأصدقاء المقرّبين للجنود الذين سقطوا، صعوبة في هذا الانتقال الحاد في المشاعر من أقصى درجات الحُزن إلى أقصى درجات الفرح. ومن البديهي التضامن مع الناس ومشاعرهم. وعلى الرغم من صعوبة هذا الانتقال فقد تحوَّل إلى أحد أهم رموز الهوية الإسرائيلية.
- مع مرور السنوات، تعزّز الفهم القائل إن قوة هذَين اليومَين تنبع أساساً من هذا الارتباط القائم بينهما. إن تزامن يوم الاستقلال مع يوم الذكرى، على الرغم من أنه صعب، هو ما يربط الإنجاز بالثمن؛ بين وضعنا وسيادتنا القوية على وطننا المُزدهر، وبين النُصب التذكارية القائمة على طول البلاد وعرضها، والتي تشهد على ثمن هذا الاستقلال.
- إن دولة إسرائيل موجودة اليوم في إحدى أصعب الأزمات التي شهدتها في تاريخها، فالخطر الذي يهدد الحصانة القومية حقيقي، والانقسام بين مكونات المجتمع عميق وواسع، وقد فَتَحَ جروحاً كبيرة من الماضي لم تُشف بعد. لقد تعدّى الانقسام الحلبة السياسية منذ زمن، وبات يتغلغل في شرائح أُخرى في الحياة، وفي المجتمع والتجمعات، كما تغلغل أيضاً في الحلقة التي تحيط بمجالات الأمن والثكل، التي لطالما كان التعامل معها على أنها قُدس الأقداس بالنسبة للمجتمع ومعقل الوحدة والمؤسسات. وتُظهر الأزمة الداخلية إسرائيلَ أمام أعدائها كمجتمع ضعيف مفكك وفي حالة صراع، وتمنحهم الأمل في تحقيق توقعاتهم الكئيبة المتعلقة بنا.
الاتفاق على قواعد اللعبة
- بعد 75 عاماً من استقلالها، يتوجب على دولة إسرائيل أن تواجه تحدياً يُعد من أصعب التحديات التي مرّت بها على الصعيد الداخلي: هو المحافظة على الوحدة في واقع انشقاق عميق واستقطاب. قبل كُل شيء، يجب استثمار الحوارات في بيت الرئيس من أجل الوصول إلى اتفاق على القضايا المصيرية التي يتم بحثها، وهذا لمنع تفاقم الوضع وإخراج الجيش وأجهزة الأمن كلّياً من الصراع. هذه مرحلة ضرورية لـ"وقف النزيف"، لكنها ليست كافية لحل جذور الخلاف والمشكلات الأساسية التي خرجت إلى السطح مؤخراً. تتطلّب معالجة هذه المشكلات التعامل مع الأسئلة الكبيرة في كلّ مؤسسات الدولة؛ الهوية، والرؤية و"قواعد اللعبة" في حالات الخلاف. هذا ضروري لتوجيه القوى الموجودة في إسرائيل كي تحقق أهدافاً تم الاتفاق عليها، وتسمح لنا بإدارة الحياة حتى مع وجود اختلافات.
- لكن المصيدة التي نعيشها الآن تنبع أساساً من هذه الأسئلة. كُل صياغة لرؤيا أو هدف قومي من المتوقع أن يصطدم بمعارضة "مع وضد". كيف، وأين يمكن التوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضايا؟ سيكون من الصواب تبنّي وجهة النظر العامة التي صاغتها البروفيسورة روت غابيزون؛ التي اعتقدت أنه يتوجب على كلّ صيغة أن تعكس أساساً مشتركاً واسعاً في المجتمع الإسرائيلي، ويمكنها أن تضمن حياة ومستوى جيد من الرفاهية.
- تشبه دولة إسرائيل اليوم سفينة تبحر في مياه هائجة، وفي محيط يُهددها، وتخاف من الاصطدام بكُتلة جليدية، ومسؤولية قيادتها إلى بر الأمان تقع على القيادة، لكن يجب على كُل واحد منّا أن ينتبه إلى أفعاله التي يمكن أن تؤدي إلى إغراقها.
الكلمات المفتاحية