العمليات الموسمية في غزة لا تغيّر الحقيقة البسيطة: ليس لدى إسرائيل حل لمشكلة القطاع
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • ما لا يقل عن 15 عملية عسكرية نفّذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ الانفصال عنه في صيف 2005. ماذا حققت هذه العمليات، بدءاً من " المطر الأول" [أيلول /سبتمبر 2005]، وصولاً إلى "حارس الأسوار" [أيار/مايو 2021]؟ هي لم تحقق الكثير، حتى لو أنه من المحتمل جداً أنه لم يكن أمام إسرائيل، في جزء من هذه الحالات، خيار آخر غير العملية العسكرية؟ منذ البداية، كان واضحاً أن احتمالات تحقيق العملية الحالية "درع وسهم" نتائج مختلفة ضئيلة.
  • في المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت أول أمس، أثنيا على العملية وعلى إنجازاتها وأهميتها. مع كل النيات الطيبة، من الصعب تصديق هذا الكلام. لا يمكن أن نصدق غالانت، فهو يبدي إعجابه بأداء نتنياهو الذي حاول إقالته من منصبه قبل قرابة الشهر ونصف، لأنه فقط قال الحقيقة بشأن المخاطر التي ينطوي عليها الانقلاب القضائي. ولا عندما ادّعى نتنياهو، من دون أساس، أن الضرر الذي لحق بالجهاد الإسلامي هو أكبر من أي عملية سابقة.
  • يبدو أن أغلبية الجمهور الإسرائيلي لا تصدق هذه العواطف المبالغ فيها، مثلما لم تصدق الإعجاب الكبير الذي أبدته وسائل الإعلام بعملية "بزوغ الفجر" في أيام الحكومة السابقة. لو كانت هذه العمليات ناجحة كما يقال عنها، لما كنا بحاجة إليها مرة على الأقل في كل عام، بينما الفجوة التي تفصل بينها تقصر باستمرار.
  • الحقيقة البسيطة هي التالية: ليس لدى إسرائيل أي حل حقيقي لمشكلة غزة، أو للمخاطر الأمنية التي يشكلها القطاع في ظل سلطة "حماس". معظم العمليات الإسرائيلية، عسكرية كانت أو اقتصادية، تتناول إدارة النزاع، وأقصى ما تفعله تأخير الانفجار المقبل. في هذه الأثناء، تتوقع الحكومات المتعاقبة التي تشن عمليات دورية في القطاع، أن تؤدي الضربة العسكرية التي تلقتها التنظيمات الفلسطينية إلى ضبط توازُن الردع، أي تزيد في فرص سيطرة الهدوء على الحدود عدة أشهر.
  • العميد نمرود ألوني، الذي كان قائداً لفرقة غزة في أثناء العمليتين العسكريتين السابقتين "حارس الأسوار" (أيار/مايو 2021) و"بزوع الفجر"، كتب في مقال نُشر في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي في المجلة العسكرية "بين الأقطاب": "إن العملية الثانية عززت توجُّه "حماس"، كما تجلى في السنة الماضية، نحو كبح الجهاد الإسلامي والتنظيمات الأُخرى، وامتنعت هي من استخدام القوة بصورة تلقائية. هذا الكبح ناجم، قبل كل شيء، عن التخوف من الانجرار إلى حرب مع إسرائيل من دون أن تكون "حماس" تنوي ذلك... وأيضاً من الرغبة في تعزيز نفسها سياسياً في القطاع وتوجيه الجهود نحو تشجيع "الإرهاب" خارج أراضي القطاع، وإتاحة المجال للاستمرار في ترميم غزة، سواء ذراعها العسكرية أو الاقتصاد الغزّي الذي تستفيد منه الحركة مالياً وسياسياً أيضاً."
  • كلام ألوني، الذي يصف فيه العمليتين السابقتين بالناجحتين، يكشف طريقة التفكير السائدة لدى المستوى السياسي والمؤسسة الأمنية. ووفق هذه النظرة، يمكن التوصل إلى حل مع "حماس"، على الأقل خلال زمن محدد، على الرغم من عدائها الأيديولوجي الشديد لإسرائيل. الخطر الأساسي يأتي من الجهاد الإسلامي الذي يحاول كل بضعة أشهر إشعال مواجهة في القطاع نفسه. بينما تفضل "حماس"، لاعتباراتها، اندلاع النيران في ساحات أُخرى ليست تحت سيطرتها، مثل القدس والضفة الغربية.
  • طوال العملية الحالية، حرص الجيش الإسرائيلي على التوضيح أن "حماس" لا تشارك فعلاً في إطلاق مئات الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية، وأن الذي يطلقها هو الجهاد الإسلامي وفصائل فلسطينية صغيرة. "حماس" أعطتهم الموافقة المبدئية على ذلك، وتُصدر بيانات تأييد بواسطة غرفة العمليات المشتركة للفصائل في القطاع. وغاب عن بيانات الجيش الإسرائيلي البند التقليدي الذي يحمّل "حماس" مسؤولية ما يجري في القطاع بسبب سيطرتها عليه.
  • مع ذلك، يمتنع الجيش والمستوى السياسي في إسرائيل من مناقشة مسألة ما إذا كان التمييز الذي تقوم به إسرائيل بين "حماس" والجهاد الإسلامي يخدمها؟ أليس في هذا محاولة للكذب على النفس؟ في نهاية الأمر، وعلى الرغم من "الطبطبة على الكتف" التي تقوم بها إسرائيل مع نفسها، يدركون في غزة أن الإسرائيليين يفضلون عدم التصادم مباشرة مع "حماس". والحركة تنجح في ضرب إسرائيل من خلال تنظيمات صغيرة من دون أن تدفع هي الثمن.