التحدي المركزي: ضمان دينامية مقابل غزة تمنع تآكل الإنجازات الإسرائيلية
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

 

  • دخلت إسرائيل في المعركة الحالية مع قطاع غزة من دون أن يكون لها خيار آخر تقريباً، بعد هجوم "الجهاد الإسلامي" الصاروخي الأسبوع الماضي، وفي ضوء ما اعتُبر تآكلاً في الردع. اغتيال قيادات التنظيم في الضربة الافتتاحية الناجحة، حقق الإنجاز الأساسي للحملة. ومن المهم التوضيح: لم يكن الهدف من حملة "درع وسهم" منذ البداية أن تؤدي إلى تغيير أساسي في الوضع في غزة، ولا توجد الإمكانية لتحقيق ذلك. التغيير الجوهري يتطلب تدخُّل "حماس"، وهو أمر حتى الآن خارج أهداف الحملة، حتى أن المؤسسة الأمنية تبذل جهوداً لمنع حدوث ذلك. التحدي المركزي الآن هو ضمان دينامية مقابل غزة لا تُلحق الضرر بالإنجاز الذي تحقق، وفي المقابل، تسمح باستغلال الفرص التي ستُفتح، بهدف تعميق الضرر الذي سيلحق بالتنظيمات "الإرهابية".
  • مقابل إدارة المعركة في الجنوب، على المؤسسة الأمنية الاستمرار في جهودها المضاعفة لمحاربة "الإرهاب" المتصاعد في الضفة الغربية، وإبقاء عينها مفتوحة والاستعداد لمحاولة دفع الشمال إلى التدخل، ومنع تشكُّل "جبهة داخلية" للإرهاب، أو أحداث على خلفية قومية داخل إسرائيل، بتأثير من غزة، في فترة التحريض تحضيراً لـ"ذكرى النكبة" ويوم القدس، اللذين يصادفان الأسبوع المقبل.

التركيز على الدافع والقدرة

  • لطالما كانت غزة، تحت سيطرة "حماس"، عدواً بارزاً لإسرائيل، تبنّت إبادتها وتستثمر جميع جهودها في قتالها-فلدى إسرائيل خياران للتعامل مع التحدي الأمني في هذه الجبهة. وكلاهما ليس جذاباً:
  • احتلال القطاع وتغيير السلطة الحاكمة هناك عبر حملة عسكرية واسعة وعميقة، ستكون أثمانها المباشرة وغير المباشرة، كما فائدتها، غير واضحة، ما دام لا يوجد بعد أي جهة أُخرى يمكنها أن تحكم القطاع بدلاً من "حماس".
  • "نظرية الجولات"-حفظ الهدوء من خلال الردع الذي يتم التوصل إليه عبر جولات قتالية، وبذل جهود لتقصير "الجولة" وتوسيع الفترة ما بين كل جولة وجولة أطول وقت ممكن، من خلال استخدام الروتين وأدوات ضغط ومحفزات مختلفة، ترفع تكلفة الخسارة وتحول الهجمات ضد إسرائيل إلى غير مجدية. هذا التوجه يميز السياسة الإسرائيلية، ومن غير المتوقع أن تتغير هذه السياسة في أعقاب المواجهة الحالية.
  • ضعف هذه الاستراتيجيا ينبع من أن فترات الهدوء التي تقدمها ستبقى موقتة وهشة طوال الوقت. وسيستمر الهدوء حتى اللحظة التي سيشعر فيها الخصم أنه من المفيد له خرقه، بهدف تحسين ظروفه، أو منع تآكل غير محتمل في مكانته. ومن أجل دفع الخصم إلى كبح نفسه، على إسرائيل رفع الثمن الذي يدفعه في كل جولة، ووضع عقبات أمام روتين بناء قوته العسكرية. هكذا تستطيع التأثير في المكوّنين المؤثّرين في قراره: الدافع والقدرة.
  • على إسرائيل الآن تركيز جهودها في منع الخصم من تحقيق نجاحات من شأنها تغيير الميزان الحالي، وفي المقابل-استغلال الفرص التي يمكن أن تنجم عن الحملة، بهدف تعميق الضرر الذي سيلحق بالجهات "الإرهابية" في غزة.
  • على إسرائيل الاستمرار في ضرب القيادة والأرصدة المهمة لدى الجهاد بقوة. وفي حال كان هناك إشارات إلى نية "حماس" الانضمام إلى القتال، فسيكون من الصواب المبادرة إلى ضرب قيادتها وإدخال قائمة أهداف أولية لاستهدافها. في هذه الحالة، سيكون على إسرائيل الرد بقوة كبيرة منذ البداية. إدارة المعركة تدريجياً يمكن أن تؤدي إلى استمرارها لوقت أطول مما نريد.
  • على إسرائيل أن تطمح إلى أن تدفع الحملة الحالية قيادات "الجهاد الإسلامي" إلى التنازل، والتشكيك في جدوى تحدّي إسرائيل. هذا الاستنتاج سيعكس رسالة واضحة للأعداء الآخرين. وعندما تصل هذه الحملة إلى نهايتها، سيكون على المؤسسة الأمنية أن تنشغل بالتحدي الكبير الذي يرافق الروتين في غزة: كيف يمكن منع الخصوم من مراكمة القوة العسكرية، بهدف إضعافهم قبل الجولة المقبلة وإضعاف قوتهم حين تصل.