حرب دبلوماسية كبرى: إسرائيل وإيران تناضلان للحصول على قلب الشرق الأوسط المتغير
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

  • لم تعد إسرائيل وحدها التي تلعب على خريطة آسيا الوسطى. ففي الأشهر الأخيرة، خرجت إيران ببطء من المقاطعة المفروضة عليها، وعقدت شراكات استراتيجية مع روسيا والصين وجزء من دول الخليج، وتتطلع أيضاً نحو الأردن ومصر.
  • سياسة الحصار التي بدأها رئيس الحكومة وأطراف سياسية منذ سنة 2009 لعزل إيران سياسياً، والضغط عليها اقتصادياً، وخلق معارضة في داخل إيران من أجل الوصول إلى إسقاط النظام الذي يريد القضاء على إسرائيل، لم تنجح في كبح نظام الملالي.
  • أطراف سياسية سابقة تدّعي أن المسؤول عن الوضع الجديد الناشىء أمام أعيننا هو الولايات المتحدة، التي تخلت عن سيطرتها على المنطقة. ويقولون إن الأمر الذي يمكن أن يبطّىء إيران حالياً هو وجود تهديد عسكري موثوق به.
  • لكن وزارة الخارجية لا ترى أن الوضع ميؤوس منه، ومنذ تسلُّمه منصبه، يتنقل وزير الخارجية إيلي كوهين في شتى أنحاء العالم، وفي الدول المجاورة لإيران، من أجل الاستمرار في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى عزل الجمهورية الإسلامية. قبل شهر، افتتحت أذربيجان سفارة لها في إسرائيل، بعدها مباشرة انتقل كوهين إلى تركمانستان لافتتاح السفارة الإسرائيلية، التي تبعد 20 كلم فقط عن الحدود الطويلة بين هذه الدولة وبين إيران.
  • يقول يوفال فوكس رئيس قسم أوروآسيا وغرب البلقان في وزارة الخارجية: "في وزارة الخارجية حددنا الوضع والفرص. وفي هذا الإطار، يولي وزير الخارجية منطقة الأوروآسيا أهمية كبيرة. ونحن في ذروة المساعي لإحداث خرق جديد."
  • المقصود هو استمرار مباشر لاتفاقات أبراهام التي أنتجت واقعاً جديداً إزاء دول الخليج، والمساعي المستمرة حيال السعودية حتى كتابة هذه السطور. النظام الإيراني الذي كان حتى الآن يراقب محاصرة إسرائيل، بدأ الآن هجوماً سياسياً مع تزعزُع نظام العقوبات المفروض عليه.
  • ووفقاً لمصادر في وزارة الخارجية، ما يجري هو هجوم سياسي متبادل: إسرائيل لا تألو جهداً إلاّ وتبذله، ومن ناحية أُخرى، إيران لا تقف موقف المتفرج. بالإضافة إلى محاولاتها "محاصرة" إسرائيل عسكرياً، من خلال دعم وتفعيل حزب الله والجهاد الإسلامي والميليشيات الشيعية في لبنان- فقد أصبحت لاعباً دبلوماسيا قوياً في الساحة المحلية.

خطة المصالحة الإيرانية

  • تقول رئيسة برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي سيما شاين: "هناك عملية واسعة جداً لمصالحة إيرانية إقليمية. وأعتقد أن إسرائيل غير قادرة على وقف هذه العملية، لأنها تعكس مصالح جميع الأطراف فيها. وفي الواقع، ليس هناك أي تحسُّن في العلاقات بحد ذاتها، وفي حميمية هذه العلاقات. السعوديون لا يزالون يكرهون إيران، وكذلك البحرينيون أيضاً. النقطة الأساسية في هذا كله هي خيبة الأمل بالأميركيين وتخوّف دول الإقليم من أن السبيل الوحيد للحفاظ على مصالحها هو استئناف العلاقات مع الإيرانيين."
  • كلام مشابه يقوله مئير بن شابات الذي شغل منصب رئيس مجلس الأمن القومي، وضمن إطاره أجرى حواراً استراتيجياً مع الولايات المتحدة. شابات أيضاً يوجه إصبع الاتهام إلى إدارة بايدن ويقول: "القيادة في إيران لم تكن تأمل بفترة مريحة مثل الفترة الحالية، من أجل الاستمرار قدماً في تعزيز مكانتها السياسية وجهودها في المجال النووي."
  • ويضيف: "يمكننا أن نرى التراجع في مكانة الولايات المتحدة، وفي تأثيرها في الشرق الأوسط، أيضاً من خلال سلوك السعودية ودول الخليج التي امتنعت من الوقوف مع الولايات المتحدة ضد موسكو، ووطّدت علاقاتها مع الصين ضمن إطار بحثها عن دعم مختلف آخر، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، أو كبديل منها. وهذا شجّع عملية استئناف العلاقات بين إيران ودول الخليج، على الرغم من العداء العميق بينها."
  • تقول سيما شاين: "على الرغم من العزلة الدولية، فإن الإيرانيين نجحوا في أن يبرهنوا أنهم يعرفون كيف يستغلون الفرص. مَن يفحص مكانة إيران وقدرتها على استئناف العلاقات مع السعودية والإمارات، بالإضافة إلى مفاوضات تجريها مع الأردن ومصر، يرى الإنجازات المهمة التي تحققت. لكن على الرغم من ذلك، فإن المصريين لن يعطوا أهمية لإيران أكثر من الأهمية التي يولونها لاتفاق السلام معنا. إن المعسكر السّني المعادي لإيران، الذي تشارك فيه إسرائيل، لا يزال مهماً، ونحن هناك بفضل الولايات المتحدة."

السعوديون لم ينضجوا بعد

  • في الأسبوع الماضي، أظهر استطلاع للرأي في السعودية، تناول مواقف الناس من حدوث هجوم إسرائيلي محتمل على إيران، أن أغلبية السعوديين تعارض ذلك. وفي رأي سيما شاين، فإن الحرب على حدود دول الخليج هو آخر ما يريده سكان المنطقة. وبحسب قولها: "هم يتخوفون من هجمات أُخرى من إيران عليهم كردّ، وهم لا يشعرون أبداً بالتهديد بسبب التطوير النووي الإيراني. ولا تستطيع إسرائيل القيام بأي شيء لمنع التقارب بين دول المنطقة وبين إيران. وحقيقة استئناف السعودية علاقاتها مع إيران هي ضربة استراتيجية لإسرائيل في سعيها لبناء حلف معادٍ لإيران، لكن هذا لا يعني شيئاً إذا كان السعوديون يريدون تطبيع علاقاتهم مع إسرائيل ومتى. فالاعتبارات السعودية لعدم التقرب منا لا تتعلق بإيران بالدرجة الأولى، لكن لها علاقة أكثر بالموضوع الفلسطيني ومكانة السعودية، بصفتها الحامية للأماكن المقدسة الإسلامية."
  • في رأي شاين: "كلما تحدثنا عن احتمالات تطبيع العلاقات مع السعوديين، كلما كان هذا ليس جيداً بالنسبة إليهم - هم لم ينضجوا بعد للتطبيع، ويريدون الاستمرار في العلاقات معنا من تحت الرادار..."

فشل عزل إيران

  • على الرغم من التخوف من توحيد الساحات، فإن إسرائيل لا ترى في الشبكة الإيرانية حولها تهديداً استراتيجياً. يقول مصدر سياسي: "في إمكان إسرائيل مواجهة هذا التهديد بسهولة. تحاول إيران محاصرتنا كما نفعل نحن من حولها، لكن هذا لن يحدث. النشاطات الإيرانية مع التنظيمات "الإرهابية" هي على المستوى التكتيكي فقط. إذا وصل النظام الإيراني إلى قدرة دولة على عتبة النووي، فسننتقل إلى مرحلة أُخرى."
  • نشر الشبكة الإسرائيلية حول إيران والسعي لتوسيع اتفاقات أبراهام هما الهدف المركزي في سياسة وزارة الخارجية، لكن كل الأطراف الذين تحدثنا معهم لدى إعداد هذا التقرير يعترفون بأن إيران نجحت في الأشهر الأخيرة في إلحاق الضرر بمساعي عزل إيران إقليمياً. يقولون في وزارة الخارجية: "لقد ربحت إيران المعركة، ليس فقط في هذا الإطار، بل نجحت في تحسين مكانتها بصورة كبيرة جداً، وتشعر بتبدُّل التوجه في مواجهة الدول السّنية، وهي تبذل جهداً أيضاً إزاء الأردن ومصر."

التهديد العسكري لا يزال على حاله

  • في ساحة أُخرى على الخريطة تحولت إيران إلى لاعب مهم في الحرب بين روسيا وأوكرانيا. التعاون بين النظام الإيراني وبين موسكو أصبح ضرورياً بالنسبة إلى الروس في جهودهم الحربية لإخضاع أوكرانيا. في نهاية الأسبوع، تحول الحلف العسكري بين البلدين إلى حلف استراتيجي، بعد توقيع رئيسي وبوتين اتفاقاً لبناء سكة حديد من الهند إلى روسيا، والتي ينبغي أن تتحول إلى طريق تجاري مهم.
  • يقول بن شابات: "فشل المساعي في إعادة إيران إلى الاتفاق النووي، وتدخُّل طهران في الحرب في أوكرانيا، يقدمان فرصة للولايات المتحدة والغرب لانتهاج مقاربة مختلفة تكبح التطلعات النووية للجمهورية الإيرانية وعدائيتها، وتمنع انجراف دول الشرق الأوسط نحو روسيا وإيران والصين، وتمنح الغرب إنجازاً مهماً في صراعه على نظام عالمي جديد."
  • ويتابع: "ينبغي على الولايات المتحدة تقديم خيار عسكري في مواجهة إيران. وحتى الآن، هذه هي الوسيلة الوحيدة التي أثبتت نفسها في كبح الطموحات النووية الإيرانية. لا يمكن أن نقبل الحجة التي تقول إن هذا سيجرّ الولايات المتحدة إلى الحرب. لا بل على العكس، أي سيناريو آخر لديه معقولية أكبر بكثير من الحرب."
  • من أجل ردع إيران، تمضي إسرائيل قدماً نحو الحل الوحيد الفعال المطروح: التحضير لتهديد عسكري موثوق به. يقول مصدر سياسي: "إسرائيل لن تنقل المسؤولية عن أمنها إلى أطراف خارجية." وبالفعل، لا يمرّ أسبوع لا يكرر فيه نتنياهو ذلك، ومن دون أن يذكر التهديد العسكري الإسرائيلي لإيران. وفي النهاية، الورقة التي ستلوّح بها إسرائيل في مواجهة إيران لن تكون الورقة السياسية، بل تحديداً العسكرية.