دافيد أمسالم-وزير المهزلة النووية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • بعد وقت قصير على مصادقة الحكومة على تعيين دافيد أمسالم في منصب الوزير المسؤول عن لجنة الطاقة النووية، قريباً، سينطلق جنوباً ويدخل من بوابات "كرياه البحث النووي" التي تحمل اسم شمعون بيرس في ديمونا. سيرافق أمسالم كلٌّ من د. غيل دغان، المدير العام للهيئة وموشيه إدري، مدير عام لجنة الطاقة النووية، ثم ينزل إلى بعض الطبقات تحت الأرض ليصل إلى "شرفة غولدا".
  • وبحسب الشهادة التي قدمها مردخاي فانونو لصحيفة الـ"ساندي تايمز" في سنة 1986، فإن هذه الشرفة في إحدى الطبقات تحت الأرض داخل المعهد 2 في المفاعل، حيث اعتادت قيادات الأمة النظر منها إلى قاعات التصنيع التابعة للقيادة النووية المعروفة بالاسم الشعبي-المفاعل النووي. بعد أن زارت رئيسة الحكومة غولدا مئير المفاعل، أطلق الموظفون على المنطقة المطلة هذه اسم غولدا.
  • بحسب ما نُشر في الإعلام الأجنبي، فإن الهدف من البرنامج النووي الإسرائيلي هو بالأساس السلاح. الأسبوع الماضي، قرر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو التذلل لأمسالم، الممتعض والغاضب دائماً، ومراضاته وتعيينه في منصب الوزير المسؤول عن قدس الأقداس في الأمن القومي الإسرائيلي. وبالإضافة إلى سلسلة المناصب المبالَغ فيها-وزير في وزارة العدل، وزير للتعاون الإقليمي، والوزير المسؤول عن العلاقة بين الكنيست والحكومة-سيضيف أمسالم فوقها جميعاً المنصب الجديد، الأكثر احتراماً وأهمية.
  • تعيين أمسالم هو الأكثر جنوناً، حتى خلال الحديث عن معايير الحكومة الـ37، بعد 5 أشهر على تأليفها برئاسة نتنياهو. تعيين مبالَغ فيه أكثر من تعيين إيتمار بن غفير وزيراً للأمن القومي، وأكثر من تعيين وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في منصب وزير في وزارة الأمن، وأكثر من تعيين غيلا غملئيل في منصب وزيرة الاستخبارات، أو غاليت ديستال-أطبريان في منصب وزيرة إعلام.
  • لا يمكن فهم قرار نتنياهو، تعيين الوزير الأكثر عصبية وصراخاً وثرثرةً، في المنصب الأكثر حساسية في إسرائيل، وتحويله إلى شريك في الأسرار الأكثر حساسية في الدولة. التعامل مع البرنامج النووي الإسرائيلي يتطلب الدقة الحساسة بصورة خاصة، والحفاظ على السرية القصوى-كلها صفات بعيدة كل البعد عن شخصية أمسالم، الذي يبدو من تصرفاته مثل فيل في حانوت زجاج.
  • رئيس الحكومة الأول، دافيد بن غوريون، قاد إسرائيل برفقة مجموعة المساعدين إلى جبهة الأمم في العالم من مبدأ فهم أهمية العلم في بناء الدولة. منذ سنة 1952، شكّل بن غوريون لجنة الطاقة النووية وعيّن البروفيسور أرنست دافيد برغمان مسؤولاً عنها، والمعروف بأنه أب البرنامج النووي الإسرائيلي.
  • في سنة 1966، وبسبب أزمة سياسية وخلاف مع رئيس الحكومة ليفي إشكول بشأن حجم البرنامج النووي، ترك برغمان منصبه. ولهذا السبب، تم تغيير بنية اللجنة وصارت خاضعة لسلطة رئيس الحكومة. منذ ذلك الوقت، وحتى يومنا هذا، رئيس الحكومة هو رئيس اللجنة، وإلى جانبه يكون المدير العام.
  • بحسب ما نُشر في الإعلام الأجنبي، فبفضل فرنسا التي زودت المفاعل النووي بالمعدات المطلوبة واليورانيوم الذي يُستعمل كوقود له، باتت إسرائيل في سنة1966 الدولة السادسة في نادي السلاح النووي، بعد القوى العظمى الخمس. وبحسب التقارير الأجنبية نفسها، لدى إسرائيل على الأقل عشرات القنابل النووية التي تعتمد على اليورانيوم والبلوتونيوم، بالإضافة إلى طائرات وصواريخ وغواصات تُستعمل كمعدات إطلاق. إسرائيل التي وافقت بداية على توقيع معاهدة منع انتشار السلاح النووي (NPT) وتراجعت بعدها، ترفض حتى السماح بالرقابة الدولية على المفاعل.
  • وعلى الرغم من ذلك، فإن إسرائيل تسمح بزيارات سنوية للمراقبين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مفاعل صغير في مركز شوريك (بالقرب من يافنة)، منحتها إياه الولايات المتحدة هدية في سنة 1960.
  • لن يكون المفاعلان "اللعبتين" الوحيدتين اللتين سيكون أمسالم مسؤولاً عنهما، يلعب بهما، أو حتى يتسلى بهما. فبحسب الإعلام الأجنبي، للبرنامج النووي الإسرائيلي شركاء آخرون، بينهم شركة السلاح والصواريخ "رفائيل"، حيث يتواجد في أحد مصانعها "معهد دافيد"، على اسم برغمان. جهات شريكة أُخرى هي سلاح الجو الذي ستحمل طائراته القنابل، بحسب الإعلام الأجنبي، وسلاح البحرية الذي لديه غواصات مزودة بصواريخ تحمل رؤوساً نووية.
  • وبحسب الإعلام الأجنبي عن البرنامج النووي الإسرائيلي، هناك أيضاً معلومات عن موقع إضافي اسمه "الجناح 2"، غربي بيت شيمش، حيث يتم هناك، وفي العمق تحت الأرض، تخزين صواريخ الأرض-أرض المسماة "أريحا"، المزودة هي الأُخرى برؤوس نووية.
  • أمسالم، بألفاظه المخجلة المعروفة عنه، أطلق على المتظاهرين ضد الانقلاب القضائي الذي تقوم به حكومة نتنياهو صفة "فوضويين". ومن ضمن هؤلاء "الفوضويين"، هناك الطيارون وطواقم الغواصات والوحدات الخاصة لسلاح الجو في الاحتياط، بالإضافة إلى العلماء من "رفائيل"، المسؤولين عن البرنامج النووي. الآن، عندما لم يعد هناك حد للمهزلة، رسمياً على الأقل، هو نفسه سيكون السلطة الرسمية المسؤولة عنهم.
  • من الواضح أن المسؤولية العليا كانت تقع على نتنياهو، ولا تزال، والصلاحيات التي منحها للوزير الغاضب محدودة. نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي، وجميع الشركاء في سر البرنامج النووي الإسرائيلي، سيستمرون في إدارة البرنامج.
  • وعلى الرغم من ذلك، فإن إضافة أمسالم إلى دائرة السر الكبير يحمل معه رسالة رمزية: حتى ما اعتُبر بوليصة التأمين الوجودية لإسرائيل، تحول إلى أداة سياسية في يد نتنياهو، سياسي من دون ضمير، ومن دون بوصلة، مستعد للمتاجرة بكل شيء رسمي، بهدف إرضاء مشجّعيه والحفاظ على سلطته.