إيران "دولة عتبة نووية" لم تصل إلى السلاح النووي بعد ولكنها تقطف ثمار ذلك منذ الآن
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الالكتروني
المؤلف
  • إن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي نُشر أمس (الأربعاء) مقلق طبعاً، لكنه لا يبرر هذا الهلع الإعلامي الذي نشهده في الأيام الأخيرة. وسأقول مباشرة إن إيران، عملياً، في حالة "دولة عتبة نووية" منذ عامين تقريباً، لكنها لا تزال بعيدة عن السلاح النووي ذاته. للوصول إلى حالة تمتلك فيها إيران سلاحاً نووياً تستطيع من خلاله تهديدنا وتهديد دول أُخرى، فهي بحاجة إلى عام على الأقل، أو عامين. وكي تنتقل إيران من حالة "دولة عتبة نووية" إلى حالة دولة لديها سلاح نووي، فهي بحاجة إلى ثلاثة مركّبات: الأول، هو المواد الانشطارية، بما معناه يورانيوم مخصّب إلى مستوى 90% بكمية عشرات الكيلوغرامات؛ أما الثاني فهو منظومة تفجير نووية تم إثبات فاعليتها وقدراتها العملياتية؛ والثالث رؤوس حربية نووية تصل إلى مدى أكثر من 1000 كلم.
  • من جميع هذه المركّبات لا تملك إيران إلا المركّب الأول. وبحسب التقرير المحدّث الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لدى إيران يورانيوم مخصّب بدرجات مختلفة تكفي للحصول على 7 رؤوس حربية نووية، لكنها لا تمتلك أياً من المركّبات الأُخرى التي تحتاج إليها كي تصبح دولة ذات قدرات نووية.
  • بشأن اليورانيوم المخصّب، أو كما يسميه العلماء "المواد الانشطارية"، يجب الإشارة إلى أنه لدى إيران الآن1 كيلوغراماً مخصّباً إلى مستوى عالٍ جداً - 60%. ويمكن تخصيبه إلى مستوى 90% خلال 12 يوماً. وهو المستوى المطلوب للسلاح النووي. لكن، وكما أشرت سابقاً، فإن وجود المواد الانشطارية لا يعني أن إيران تمتلك سلاحاً نووياً.
  • عملياً، الوضع الواقعي هو أن إيران لا تلهث نحو السلاح النووي. إنها تتقدم بخطوات بطيئة، لكن المسار الذي تسير فيه، بحد ذاته، حيث المزيد والمزيد من اليورانيوم المخصّب بدرجات مختلفة، بين 5% و60%، يخدم أهدافها الاستراتيجية بالطريقة الأفضل.
  • أولاً، إن إنتاج كميات كبيرة ومتزايدة من المواد الانشطارية يخلق حالة ضغط كبير على الولايات المتحدة للقيام بأي شيء لمنع الوصول إلى حالة يمكن أن تقرر فيها إسرائيل أن إيران تقترب من القدرات النووية الكاملة بصورة خطِرة، ثم تقرر الهجوم. الولايات المتحدة لا تعلم متى ستقرر إسرائيل أن إيران تخطت الخط الأحمر من طرفها، والإدارة الأميركية قلقة من الحكومة الحالية العدوانية، التي يمكنها اتخاذ خطوات عملية أسرع من التقديرات القائمة. هذا هو السبب وراء قيام البيت الأبيض والبنتاغون بإرسال قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي كي يجسّ النبض في المنظومة الأمنية، ويرى ما إذا كانت إسرائيل تنوي العمل في الوقت المنظور.
  • إن قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال مايكل كوريلا موجود في البلد لهذه الأسباب بالضبط، حيث يقوم الجيش بإجراء تدريب كبير - "القبضة الحاسمة" - والذي يحاكي حرباً إسرائيلية على أكثر من جبهة، وضمنها الهجوم على إيران. الإدارة في واشنطن مستفزة بسبب تقدُّم إيران في تخصيب اليورانيوم إلى مستوى قريب من المواد الانشطارية، لذلك، يبدو أن هناك ميلاً في واشنطن إلى التوصل إلى اتفاق مرحلي مع إيران، تعارضه إسرائيل لأنه يسمح لإيران بالحفاظ على كل إنجازاتها، وضمنها اليورانيوم المخصّب الذي راكمته، بالإضافة إلى أجهزة الطرد المركزي التي صنعتها وطورتها، وفي الوقت نفسه، تتم إزالة العقوبات الأميركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب عليها، إذ إن بعضها ستنتهي صلاحيته بعد بضعة أشهر.
  • المقابل الوحيد الذي ستقدمه إيران في الاتفاق هو تجميد تخصيب اليورانيوم وتصنيع أجهزة الطرد المركزي المتطورة، لكنها تستطيع تجديد المسار والاندفاع نحو قنبلة نووية متى ترى ذلك ملائماً لها، وخلال أشهر معدودة. طبعاً، إسرائيل تعارض هذا الاتفاق المرحلي الذي سيسمح لإيران بالاستمرار في تهديد محيطها، عبر الخطر النووي، لكن من دون أي عقوبات، أو عزلة دولية ستكون مفروضة عليها في حال اندفعت نحو السلاح النووي.
  • الإنجاز الثاني لطهران من مسار تخصيب اليورانيوم هو أنه يتم اليوم التعامل مع إيران كدولة نووية، على الرغم من أنها لا تمتلك السلاح النووي ذاته حتى الآن. الدليل على ذلك هو أن السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولاً عربية أُخرى تحسّن علاقاتها بإيران، بهدف الامتناع من المخاطرة المنوطة باستمرار المواجهة معها. هذا التقارب الذي تقوم به كلٌّ من السعودية والإمارات في اتجاه الجمهورية الإسلامية يقلل من استعداد هذه الدول للالتزام بمنظومة دفاع إقليمية مع إسرائيل، تحت رعاية قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي.
  • الإيرانيون يبذلون جهوداً للوصول إلى سلاح نووي، ويخاطرون بردّ إسرائيلي - أميركي، للضغط على واشنطن وإخافة دول المنطقة، وبذلك يحققون أهدافهم الاستراتيجية من دون دفع أي ثمن. حتى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يئست، مؤخراً، من الحصول على تفسيرات بشأن بقايا اليورانيوم المخصّب التي كشفت عنها إسرائيل في 3 مواقع سنة
  • إيران، وعلى الأقل على صعيد خطتها النووية، تستطيع تسجيل إنجاز جزئي بتحقيق أهدافها الاستراتيجية، لكنها لا تزال من دون سلاح نووي، ويبدو أنه لن يكون لديها هذا السلاح خلال أكثر من عام. على إسرائيل أن تتذكر ذلك، وأن تستمر في التجهيز وتجنيد الولايات المتحدة للجهد. إن عاماً واحداً لا يُعتبر وقتاً طويلاً خلال الحديث عن مسارات استراتيجية، ويجب القول أيضاً إنه سيكون من الصعب على إسرائيل الدخول في مواجهة مع إيران - وهو ما يعني أيضاً مواجهة مع حزب الله، ومع الفلسطينيين، ومع الميليشيات الشيعية في العراق، وأيضاً مع الحوثيين [اليمن]- من دون مساعدة جدية أميركية، على الأقل في المجال اللوجستي وتزويد الوقود في الجو، وفي مجالات أُخرى.